يُحكى أن "كِسرى إبراويِز" كان بليغاً في حكمته.. حكيماً في بلاغته.
ذاتَ يومٍ قال لكاتبه: إعلم أن دعائم المقالات أربعة، إن إلتمست لها خامسة لن تجدها.. و إن أنقصت منها واحدة لم تتم أو تكتمل.
سأله كاتبه: فما هي يا مولاي؟
أجابه كسرى: هي.. سؤالك الشيء.. و سؤالك عن الشيء.. و أمرُكَ بالشيء.. و خبرُكَ عن الشيء.
فأن طلبتَ فألليْن و أسجِح.
و أذا سألت فبيّن و أوضح.
و أذا أمرت فأحكم و أبريء.
و أذا أُخبِرتَ فحقق و دقق.
و إجمع الكثير مما تُريد في القليلِ مما تقول.
إن أبلغ الكلام ما حسن أيجازه و قل مجازه و كثر أعجازه.. و لا يستحق الكلام صفة البلاغة أو حسن البيان حتى يكون معناه الى القلب أصدق من لفظه الى المسمع.
و للبليغِ صفات.. فهو الذي أذا قال أسرَع و أذا أسرَعَ أبدع.. و أذا أبدع حركَ كل نفسٍ بما أودع.
و البلاغة لها ميزاتها و صفاتها أيضاً.. فالبلاغة هي الأجابة بلا إبطاء، و الأصابة بلا أخطاء.. فمن أدرك هاتان الأثنتان بلغَ منزلة البلاغة.
البلاغة هي ما فهمته العامة و رضيته الخاصة.. و البيان هو تُرجمان العقول و ريحانة القلوب.
ما أحوجنا اليوم لمعرفة و تعلم دقائق البلاغة و البيان لنرتقي بلغتنا الجميلة..
كيف لا و هي لغة القرآن الكريم.. لغة أهل الجنة.
هيا بنا جميعاً لنُحييّ تلك اللغة العظيمة بعلومها و أدابها و قيمتها السامية.