الله عليك يا دنيا... الله عليك ما أبسطك في صمتك وثرثرتك ... وما أجملك في حزنك وسعادتك ... وما أروعك في أخذك وعطائك ... وما أزهدك ببقايا عمر فان بين سطوة الوجود وراحة في جنان الخلود... مسكينة أنت يا دنيا بجنودك اللاهثين وراء مكاسب مهما طالت فهي فانية زائلة... الله عليك يا دنيا ببسمة بعيون دامعة وقلوب خاشعة برحمة قانعة ... عجبا لك يا دنيا بقلوب مقلبة بأجساد منقلبة... تمسحين البسمة بدمعة وتزرعين مع كل وردة عشرات الشوكات المغتربة ... تخلطين المياه الزلال بملح لتعطي للبحر جمال وروعة... وتأتي بأمواج هائجة وتحصدي كل جميل بنسمات عابرة... الحزن موطن لكل غريب في وطنه فما بالك بغريب عن نفسه ووطنه... الناس أحجار على رقعتك بثياب مهما كانت غالية فهي ألوان مرقعة... ومساحيق وعدسات وعطور مصطنعة لتغيري خلق مهما تغير فهو خلق لن يتغير... أتخافين الموت والموت ملازم لك بكل جانب ومن فوقك الخلاص وأسفلك قبر لدلالة الموت بعالم الأحياء المكفنة ببرود وبلا حياء ... لديك قواميس عديدة وبلغات غريبة وبلهجات عجيبة ولكن هناك لغة واحدة تجمع الناس ولغة واحدة تفرق الناس, قد تكون لغة العيون وقد تكون أصعب عند العارفين والزاهدين... أتعتقدين أن المرض يقهر وأن الموت أقصى درجات القهر... أنت مخطئة إن الموت قدر محتوم ونملك العدة والعداد لاستقباله, والمرض ابتلاء وثوب نلبسه أو نتلبسه فوق رداء العافية ونملك القدرة بمشيئة الله على خلعه ورميه... أتعتقدين الفراق عذاب والهجر ألم وأحزان وكيف نفترق عما هو فينا وكيف نحزن عما هو معنا والنا... مسكينة أنت يا دنيا تعتقدين الذكاء والدهاء لعبتك في عالم أصبح دمية عمياء خرساء... ونسيت أن منا العارف والعالم بأمر الله وبعلم من لدنه وحكمة من نوره وصفاء ونقاء بروح لم ولن تهبط لسماء الدنيا... لأنها الأرقى والأسمى والأقدر على استيعاب وفهم ما لا يمكن فهمه وإدراكه واستيعابه ... اذهبي ( بفهلوتك ) لعالم بعيد عن عالمي ... عالمي أكبر من عوالمك مجتمعة ومن دهائك ومكرك وتجملك .
