29 / 12 / 2009, 58 : 10 PM
|
رقم المشاركة : [20]
|
أستاذة وباحثة جامعية - مشرفة على ملف الأدب التونسي
|
رد: القيروان عاصمة الأغالبة و رابع مدينة مقدّسة في الإسلام
[align=justify]الإمام سحنون
صاحب "المدّونة" ورائد المدرسة المالكية في إفريقية والغرب الإسلامي
160 هـ/ 776 م – 240 هـ / 854 م
سحنون – واسمه عبد السلام بن سعيد بن حبيب التنّوخي أبو سعيد. ولد بالقيروان سنة 160 هـ. وتلقّى العلوم بإفريقية على البهلول بن راشد وعلى أسد بن الفرات وعلي بن زياد.
ثمّ توجه لطلب العلم إلى المشرق سنة 188 هـ، فزار مصر والشام والحجاز، وأخذ الفقه عن فطاحل تلك الأمصار مثل عبد الرحمان بن القاسم وأشهب ووكيع بن الجرّاح وغيرهم.
وعاد إلى بلده سنة 191 هـ، فأظهر علم أهل المدينة ومذهب مالك بن أنس. وهو أوّل من ركّزه بإفريقية مركزا ثابتا. وعندما اشتهر الإمام سحنون وذاع صيته راوده الأمير محمد بن الأغلب حولا كاملا على خطة القضاء، حتى قبل منه الولاية سنة 234 هـ على شروط منها : إطلاق يده في تنفيذ الأحكام الشرعية على أقاربه من بني الأغلب ورجال دولته، ومنها إلزام المتنازعين من البيت المالك بالحضور لديه مع الخصوم ، فقبل الأمير الأغلبي شروطه كلّها وانتصب سحنون وباشر الحسبة والمظالم بنفسه، ووفّى العدل حقّه إلى أن لقّب ب "سراج القيروان".
ولم يمنع سحنونَ مباشرتُهُ للأحكام من بثّ العلم ونشره ، فكان يحضر مجالسه بجامع عقبة طلبة من جميع الأقطار المغربية والأندلسية، يروون عنه أصول الدين وفروعه. وقد عُدّ له نحو سبعمائة رجل بالآفاق تخرّجوا عليه.
وتوفّي في رجب سنة 240 هـ / 854 م .ودفن بالقيروان وضريحه – رحمه الله- مشهور للخاصّ والعام.
وقد اشتهر الإمام سحنون بكتابه المرجع وعنوانه : "المدّونة الكبرى" حيث جمع فيها مسائل الفقه على مذهب مالك بن أنس وهو مذهب يقوم على مبادئ الاعتدال والتسامح والوسطية والتيسير.
وإنّ مخطوطات المدّونة كثيرة وكذلك شروحها ومختصراتها. وطبعت المدوّنة الكبرى طبعتين في سنة واحدة ( 1324 هـ)، إحداهما بعناية الحاج محمد ساسي المغربي في مطبعة السعادة،(6 مجلّدات) والأخرى بعناية عمر الخشّاب في المطبعة الخيرية (4 مجلّدات).
ونشر بوسكي ملخّصا لمسائلها بالفرنسية في حولية معهد الدراسات الشرقية بالجزائر(1958 م)و(1959م ) و(1969م ).
عن كتاب العمر في المصنّفات والمؤلفين التونسيين
تأليف العلاّمة حسن حسني عبد الوهاب
مراجعة و إكمال : محمد العروسي المطوي و بشير البكّوش
ابن رشيق القيرواني
هو حسن بن رشيق، مملوك من موالي الأزد. ولد بالمحمّدية سنة 390 هـ ونشأ بها يسيرًا. وعلّمه أبوه صنعته، وهي الصياغة، وقال الشعر قبل أن يبلغ الحلم. وتاقت نفسه إلى التزيّد من ذلك و ملاقاة أهل الأدب فرحل إلى القيروان سنة 406 هـ ، فأخذ عن جلّة علمائها، أشهرهم وأبرزهم أثرًا فيه و في مؤلفاته :
-أبو عبد الله محمد بن جعفر النحوي المعروف بالقزّاز.
- أبو محمّد عبد العزيز بن أبي سهل الخشيني البقّال.
- أبو إسحاق إبراهيم بن علي بن تميم الأنصاري الحصري.
كان أول اتصاله بالبلاط الصنهاجي –او علي الأصح بالأمير المعزّ بن باديس سنة 417 هـ، حين تقدّم إليه بقصيدة مدحه بها وذكر بناءً ابتناه في قصره بصبرة مطلعها:
ذمت لعينك أعين الغزلان *** قمر أقرّ لحسنه القمران
ومن هنا بدأت صلته بالبلاط الصنهاجي تتوثق وتتجذّر ويزداد المعزّ تحقيقا من مكانته الأدبية ومحلّه من قول الشعر فيُدْنيه و يقرّبه إليه، فيبادر ابن رشيق إلى امتداحه بقصيدة تكون له مدخلا إلى البلاط من بابه الواسع.
ويغيب ابن رشيق في خضمّ الأحداث والفتن التي داهمت القيروان فينشغل بها أو تشغله هي عن الناس والدنيا، حتى إذا انتقل المعزّ من القيروان إلى المهدية فارًا بأهله وحرمه وما خفّ من مال وتلاد، وكان من هول ما أصابه –ضيّق الصدر، سريع الغضب، مضطرب البال، تحيط به الفتن من كلّ جانب، فيحاول المحيطون به واللائذون بحرمه تعزيته وتسليته، فيتقدم ابن رشيق إليه بقصيدة مطلعها:
تثّبت لا يخامرك اضطراب *** فقد خضعت لعزّتك الرقاب
فيثيره أول لفظ فيها "تثّبت" ويغضبه ويخاطب منشده بقوله: متى عهدتني لا أتثبّت؟ إذا لم تجئنا إلاّ بمثل هذا فمالك لا تسكت عنّا ؟ و أمر بالرقعة التي كانت فيها القصيدة فمزّقت وأحرقت، فيتأثر ابن رشيق من هذا الصنيع ويخرج على وجهه ميمّما ما وراء البحر، وتكون وجهته صقلّية.
وتعود إلى هذه الفترة نفس قصيدته في رثاء القيروان وأوّل ما وصلنا منها:
كم كان فيها من كرامٍ سادةٍ *** بيض الوجوه شوامخ الإيمان
كما نعلم ممّا رواه القفطي في "الإنباه" أنه درّس كتاب"العمدة" في مازر، وأنّ أميرها ابن منكود- أو مطكود- تدارسه معه.
- يجزم صاحب وفيات الأعيان أنه توفي في مدينة مازر سنة 456 هت ثمّ يعقبّ عليه بذكر سنة 463 هـ و يرجحها …
- يذكر ياقوت الحموي أنه توفي بالقيروان سنة 456 هـ ويتابعه السيوطي في "بغية الوعاة" في ذلك ولا يزيد عليه.
مؤلفاته:
أ – الموجودة أو شبه الموجودة:
1* العُمْدَة في محاسن الشعر و آدابه: وهو كتاب غنيّ عن التعريف ألفه ابن رشيق برسم أحد أركان دولة المعزّ الصنهاجي أبي الحسن علي بن أبي الرجال.
وقد طبع الكتاب عدّة طبعات:
الأولى تونس سنة 1282 هت. الجزء الأول وهو ناقص
الثانية: بمطبعة السعادة بمصر (1325 هـ/ 1927 م )
الثالثة: بمطبعة أمين هندية، القاهرة (1344 هت/1925 م)
الرابعة: حققها المرحوم محمد محي الدين عبد الحميد ونشرتها المكتبة التجارية الكبرى (ط أولى 1934– ط ثانية 1955 )
2* كتاب: قراضة الذهب في نقد أشعار العرب
3* أنموذج الزمان في شعراء القيروان وهو في حكم المفقود وشبه الموجود
أمّا كتبه المفقودة فهي:
طراز الأدب
الممادح والمذام
متفق التصحيف
المنّ والفداء
تحرير الموازنة
الاتصال
غريب الأوصاف ولطائف التشبيهات لما انفرد به المحدثون
أرواح الكتب
شعراء الكتّاب
المعونة في الرخص والضرورات
و يصل عدد هذه الكتب المفقودة إلى 23 كتابا من بينها ديوان شعره.
كما أن لابن رشيق رسائل في نقد معاصره ومنافسه ابن شرف.
عن كتاب أنموذج الزمان في شعراء القيروان
جمع وتحقيق محمد العروسي المطوي وبشير البكوش
ابن الجزّار القيرواني
هو أبو جعفر أحمد بن إبراهيم بن أبي خالد ابن الجزّار ،قد اعتبره المؤرخ التونسي حسن حسني عبد الوهاب "الدرّة الفريدة من القلادة وإحدى المفاخر الدائمة للعلوم للبلاد التونسية، بل للعالم العربي بأسره".
ولد ابن الجزّار بالقيروان حوالي سنة 284 / 898م في عائلة قد اشتهرت بالطب،إذ كان والده إبراهيم وعمّه أبو بكر ابن الجزّار طبيبين،وتتلمذ على إسحاق بن سليمان فأخذ عنه معارف كثيرة. وقد برع في علوم كثيرة وخاصة الطب والطبيعة والتاريخ والفلسفة، وقد شغله الطب بصفة خاصة ممارسة عملية وتأليفا. ومن المشهور عنه أنّه كان قد فتح في منزله عيادة لمداواة المرضى وجعل في سقيفته صيدلية. وكان يُعدّ بنفسه الأدوية والعقاقير، معتمدا في ذلك خبرته الخاصة وتجربته العلمية. وقد عاش ابن الجزّار أكثر من الثمانين سنة. فقد توفي سنة 369هـ/979 – 980 م .
ألّف ابن الجزار في ضروب شتى من العلوم والمعارف، وخاصّة في الطب والصيدلة والفلسفة والتاريخ والطبيعة والأدب، وقد ذكر له ابن أبي أصبيعة من المؤلفات سبعة وعشرين عنوانا بين كتب ورسائل.
وأوّل إحصاء شامل لكتبه قام به ح ج عبد الوهاب الذي أثبت له سبعة وثلاثين عنوانا.
وقد استدرك على هذا الثّبت الأستاذ محمد الحبيب الهيلة في مقدّمة تحقيقه كتاب "سياسة الصبيان وتدريبهم"لابن الجزّار. فأحصى كتب ابن الجزار من جديد وانتهى إلى إثبات أربعة وأربعين عنوانا منها 12 عنوانا موجودا و32 عنوانا مفقودا.
فقد نسب إلى ابن الجزّار كتابا بعنوان: "المعتمد في الأدوية المفقودة" وأيضا كتابا بعنوان "كتاب المالبخوليا" وكتاب"زاد المسافرين في علاج الفقراء والمساكين" ونريد الاكتفاء بإضافة كتابين آخرين لم يذكرهما أحد من القدماء أو المحدثين وهما كتاب في "الحيوان" وكتاب في "مصالح الأغذية"ذكرهما ابن الجزّار في خاتمة كتاب "الاعتماد" وقد ألفه في زمن الخليفة الفاطمي القائم بن المهدي الذي أهداه إليه.
قسّم ابن الجزار كتابه "الاعتماد" إلى أربع مقالات، ونهج طريقة تعتبر في عصره مستحدثة بحق، وهي ترتيب الأدوية حسب درجات قواها وهي أربع : "الأولى والثانية والثالثة والرابعة "، وهذا الترتيب يدّل – بلا شك- على مدى إدراك ابن الجزّار لقوى الأدوية ومعرفته بمختلف خصائصها بل إننا نذهب إلى اعتبار كتاب "الاعتماد" أول كتاب يؤلف بالعربية في موضوع الأدوية المفردة بطريقة منهجية ولا تخلو من تعقيد ومعاناة شديدة.
وتتمثّل أهمية ابن الجزار الطبية بدون شك في كتابه "زاد المسافر" الذي عرف شهرة كبيرة جدّا منذ فترة مبكّرة، فترجم إلى اليونانية وتعاقبت ترجماته العبريّة واللاتينية.
ولقد أطنب الباحثون في الحديث عن قيمة الكتاب وحلّلوا محتوياته وبيّنوا تأثيراته في الطبّ القديم وخاصة بأوروبا في القرون الوسطى، حتى أنه أصبح بمثابة الكتاب المدرسي المتداول (مانيال) وكأنه لا غنى لأحد من الأطباء والمتعلّمين عنه.
إن موضوع "زاد المسافر" هو الأمراض ذاتها وكيفية معالجتها بالأدوية، مفردة كانت أو مركّبة.
وقسّم ابن الجزار هذا الكتاب إلى سبع مقالات مقسّمة بدورها إلى أبواب حسب أمراض الجسم:
المقالة الأولى : وهي في "الأدواء والعلل التي تعرض في الرأس".
المقالة الثانية: وهي في "الأدواء التي تعرض في الوجه".
المقالة الثالثة: وهي في "الأدواء التي تعرض في آلات التنفّس".
المقالة الرابعة: وهي في "الأدواء التي تعرض في المعدة والأمعاء".
المقالة الخامسة: وهي في" الأدواء التي تعرض في الكبد والكلى".
المقالة السادسة: وهي" التي تعرض آلات التناسل".
المقالة السابعة وهي في "الأدواء التي تعرض في داخل الجلد".
المرجع: كتاب: "بحوث في تاريخ الطبّ والصيدلة عند العرب"
تأليف الدكتور إبراهيم بن مراد[/align]
[align=justify]صـالـح سـويسـي الشـريف القيـروانـي
الأديـب ورائـد الإصـلاح الاجـتماعـي
( 1871- 18 ديسمبر 1941)
رجل عاش بالأدب وللأدب، واستطاع- رغم رقّة حاله – أن يرفع صوته بالدّعوة إلى الإصلاح ويسخّر قلمه لغايات نبيلة ويحقّق نجاحا لا بأس به بالنّظر ألى ظروف عصره وأحوال جيله وطبيعة تكوينه.

هو أحد أدباء القيروان المعتزّين بمدينتهم الحريصين على حمل نسبتهم أليها.
ولد صالح بن عمر سويسي سنة 1871 بالقيروان، لكنه قضى جزءا من طفولته بحاضرة تونس بعد انتقال والده أليها سنة 1876 وذكر في "الدليل " أن علي العواني الشّريف الحسيني هو جدّه للأم، وهو بذلك يعتبر نفسه من "الأشراف" . حفظ القرآن بأحد كتاتيب حاضرة تونس، ثم عاد إلى القيروان سنة 1886. ولم يعرف عنه أنه تلقى تعليما منتظما، بل درج على قراءة الكتب والمجلاّت والدّواوين الشّعرية حتى تكونت له ملكة أدبية وشغف بالكتابة وبدأ في قرض الشعر، فراسل عدّة صحف شرقيّة مثل" الإسلام " و "الفنون" وأخرى تونسية مثل " الحاضرة" و" الزهرة" و " النهضة" و "الصواب".
وقد تأثّر صالح سويسي بالحركة السّلفية للسيّد جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده،وابن بلده الشيخ محمد النخلي القيرواني، فكان له منزع إصلاح لا يخلو من الجرأة، مما انجرّ عنه نفية إلى مدينة توزر بالجنوب التونسي سنة 1897 لمدة ثلاثة أشهر.
الهيفاء وسراج الليل، أول قصة ألّفت بتونس
يعتبر صالح سويسي رائد القصّة بتونس إذ نشر سنة 1906 في مجلّة "خير الدين" لمحمد الجعايبي " الهيفاء وسراج الليل" أول قصة ألفت بتونس كما قدّمتها المجلة التي نشرتها فيها، وبالرّغم من أنّها ظلت مبتورة لم تتم أحداثها، يمكن تصنيفها في الأدب الإصلاحي، إذ تروي أخبار امرأة فاضلة تركية الأب عربية الأم،اسمها "الهيفاء" ولد لها ولد في جزيرة العرب بضواحي اليمامة، يدعى "سراج الليل" مات أبوه فقامت بتربيته ووجّهته إلى مصر للتعلّم واكتساب ما يلزمه من المعارف التي يدافع بها عن وطنه ودينه.
وصالح سويسي، كما يصفه بعض الذين عايشوه من أهل بلده، كان مثال الأديب المنقطع لخدمة الأدب لم يباشر عملا قطّ ولم تكن له مهنة معروفة سوى أن " شاعر" وكان يرتزق من بشعره ولا يستكنف من تسخير موهبته لأبسط الناس، وكثيرا ما شكا الفقر وسوء حظ الأديب في شعره.
قامت جلّ قصائده على الدعوة إلى الإصلاح ونبذ التقاليد الفاسدة والبدع التي تسيء إلى الدين. ولئن اشتمل ديوانه على أهمّ الأغراض التقليديّة فقد غلب عليه التغني بمدينة القيروان وتاريخها العريق والمديح النبوي والنقد الاجتماعي، يتخلل ذلك ميل إلى الشكوى المشوي بالنفور من المدينة وتفضيل حياة البداوة.
وقد أراد صالح سويسي أن يجاري محمد الخضر حسين صاحب مجلة " السعادة العظمى " الصادرة بتونس (1904- 1905) في نظم ما سمّى آنذاك " الشعر العصري"، بالخروج أحيانا عن الإطار التقليدي والأغراض المألوفة، إلا ّ أنّه اقترب من لغة العامة، خلافا للشيخ الخضر الذي كان متين الصّنعة سليم اللّغة قويّ الأسلوب.
من أعماله المنشورة :
- زفرات الضمير" : من نظم ونثر صالح السويسي المطبعة التونسية 1911.
- كتاب " منجم التبر من النثر والشعر": المطبعة الأصلية- تونس1906.
- ديوان "صالح السويسي القيرواني" الدار التونسية للنشر 1977.
- "الهيفاء وسراج الليل": الدار التونسية للنشر1978.
- " فجائع اليتامى والمساكين". سوق البلاط- تونس 1911- الدار التونسية للنشر1990.
دلـيـل القـيـروان:
صدر " دليل القيروان "، المطبوع بسوسة، سنة 1911، وهو يشتمل على قسم عربي في 93 صفحة من القطع الصغير وقسم فرنسي هو عبارة عن تلخيص بعض أقسام الكتاب، (( ترجمة)) محمد عظوم، أحد العدول المنفذين بالقيروان، أما النص العربي فقد قسمه إلى أبواب أو أقسام أربعة أطلق على الأوّلين منها اسم" بيان"، فجاء على النحو التالي:
1- أوّل من نزل القيروان من قواد جيش الصّحابة وفيه أربعة أعلام: عبد الله بن سعد بن أبي سرح ومعاوية بن حديج وعقبة بن ثابت الفهري وعقبة بن نافع.
2- المعاهد الدينّية والمعالم والمقامات الشّهيرة وفيه ذكر أشهر المساجد والأسوار والأسواق.
3- وخصّص القسم الثالث لمشاهير عظماء مقبرة الجناح الأخضر ومقبرة باب نافع ومقبرة الحطبيّة ومقبرة باب الخوخة.
4- وجعل القسم الرابع لمقامات العلماء والصّلحاء داخل سور المدينة.
وهكذا يكون القسم الأول مدخلا تاريخيا يتّصل بالفتح وأوّل الوافدين من قوّاد الجيش العربي والمؤسّسين للحكم العربي بإفريقية، والقسم الثاني يتعلّق بالمعمار، بينما يتناول القسمان الأخيران تراجم الأعلام المدفونين بالمقابر الشهيرة في القسم الثالث، ومن هم مدفونون داخل السور في القسم الرابع. ويختم الكتاب بما سماه (( النّشيد الوطني)) بقصد تلاميذ المدارس كما قال.
وصالح سويسي يسمّى نفسه في هذا الكتاب " ملخّصا " لا مؤلّفا، لأنه انتقى معلوماته من كتب التاريخ ونقلها في كثير من الأحيان بألفاظها، إلا أنّه حين أقدم على هذا العمل إنما حقّق لنفسه رغبتين ماانفك يسعى إليهما ويجلّيهما في كل ما يكتب : الأولى إبراز حبّه القوي لمدينته القيروان، واعتزازه بتاريخها وأمجادها ، والثانية إفصاحه عن منزعه الإصلاحي . لقد انخرط صالح سويسي في الحركة الإصلاحيّة السّلفية كما ذكرنا، وكان لا يفوّت على نفسه فرصة الدّعوة إلى مبادئها ومنهجها في تحليل أوضاع العالم الإسلامي والتفكير في حلول لمشاكله القائمة . وقد يستغرب القارئ من جرأته حين ينتصب ناقدا للسّلطة السياسية ورجال الدّين ويستطرد من حين لآخر لتصويب سهامه إلى جمعية الأوقاف مثلا ، والأغنياء المترفين الذي لا يحسّون بفجائع اليتامى والمساكين كما سمّاها.
إنه يؤمن بأن علماء السّلف لم يكونوا مشدّدين في الدّين ، وأنّهم كانوا حريصين على مصالح الناس وأنهم " كانوا يقولون الحق ويموتون عليه " . وقد نشأة صالح سويسي ويتمه المبكر نسبيا ، إذ فقد أباه سنة 1886 وهو في الخامسة عشرة ، من الأسباب التي رققت قلبه على اليتامى بالخصوص ، فسخّر قلمه لاستعطاف ذوي اليسار عليهم وعلى سائر البؤساء حتى خيّم على آثاره جوّ من الحزن والكآبة لكثرة ما خاض في هذا الغرض.
وإذا علمنا أنّه كان يعيش "بأدبه" أو إن شئنا يتكسّب بشعره لا على أبواب الأمراء كما كان الشّعراء، بل حتّى لدى عامة الناس ، أدركنا في هذه المجاهرة بالنقمة والغيظ من المخاطرة والجرأة.
وإضافة إلى سبقه في الكتابة القصصيّة بـ " الهيفاء وسرج الليل " فإنّه يكتسب ريادة أخرى، هي التأليف في السياحة الثقافة من خلال كتاب " دليل القيروان".
الدكتور جعفر ماجد
مقدّمة كتاب "دليل القيروان" (بتصرّف).
[يتبع][/align]
|
|
|
|