سعيد العاص
( 1889 – 1936 )
أحد قادة الثورة السورية الكبرى سنة 1925 ومناضل نذر نفسه للجهاد في سبيل أمته و ( العاص ) لقبه العسكري فهو من أسرة شهاب .
ولد في مدينة حماة السورية وتلقى فيها دراسته الابتدائية ثم أكمل الدراسة الرشدية والإعدادية في دمشق وتخرج من الكلية الحربية في الأستانة سنة 1907
عين ضابطاً في دمشق ثم تنقل بين مراكز عسكرية مختلفة حتى التحق بمدرسة الأركان الحربية سنة 1908 وقد أخرج من هذه المدرسة لأسباب سياسية عربية فسافر مع فرقته إلى المقاطعات الأوروبية من الدولة العثمانية حيث اشترك في قتال الثائرين ضد الحكم العثماني في البلقان وأسره اليونان في منتصف سنة 1911 ولكنه فرّ من الأسر إلى الأستانة .
اشترك أثناء وجوده في العاصمة العثمانية في التنظيمات العربية السرية كحزب العهد العسكري ولما عين مأموراً في المهمات الحربية بدمشق قوي نشاطه في الحركة العربية فأبعدته السلطات العثمانية الى ميدان القتال في جناق قلعه ثم استدعي للمحاكمة أمام الديوان العرفي في عاليه وحكم عليه بالإعدام لانتسابه الى الجمعيات العربية وأبدل بالاعدام الحبس سنة ونصفا أمضاها في سجني حلب وعاليه ونفي بعد ذلك الى جوروم ثم عاد الى وطنه يوم دخول فيصل بن الحسين حلب . تنقل سعيد العاص في عدد من المناصب العسكرية أيام الحكم العربي الفيصلي بدمشق فتولى الشعبة الثالثة بدائرة الشورى الحربية ثم نقل الى منطقة ازبداني ومنها الى مفتشية التجنيد العامة ثم ذهب الى منطقة جسر الشغور وصهيون وجبل الأكراد وبعد نزوح الملك فيصل عن سورية اشترك في الاحداث والمعارك الحربية ضد الفرنسيين الذين نزلوا ساحل اللاذقية وحضر معارك الشيخ صالح علي الاخيرة أمام أبواب العمرانية وقد قبض عليه في حماة وسجن شهرين وفي عام 1921 هرب الى شرقي الاردن وتولى هناك عدداً من المناصب فعين قائداً للسرية الاحتياطية ثم أميناً للسر العام للأمن العام وقائد المفرزة ( كاف ) ثم وكيلا لمدير التعليم ومديرا عاماً لشرطة عمان ولما نشبت لحرب بين الهاشميين والوهابيين في الحجاز سنة 1923 تطوع في الجيش الحجازي وقاد الدفاع عن مدينة جدة وصمد طويلا في وجه القوات الكبيرة المهاجمة .
عاد الى عمان ومنها الى سورية عند نشوب الثورة السورية الكبرى سنة 1925 واشترك في بعض المعارك في جبل العرب والغوطة والنبك الى جوار فوزي القاوقجي وغيره من قادة الثورة السورية وانسحب بعد ذلك الى المناطق الشمالية وقاد الثوار في كثير من المعارك في مختلف من المناطق حمص وحماة والهرمل وعكار ثم عاد الى الغوطة وجبل العرب وقد جرح سعيد العاص خلال هذه المعارك مرتين . لم يقر لسعيد العاص قراربعد انتهاء الثورة السورية وظل يتوثب للنضال الى ان تفجرت ثورة فلسطين الكبرى سنة 1936 فكان في طليعة ابناء الأقطار العربية الذين التحقوا بها بعد نحو شهر ونصف من بدايتها وقد دخل فلسطين عن طريق شرقي الأردن مع عدد من أخوانه المجاهدين الذين اشتركوا معه في الثورة السورية وقد اختار ميدانا لنضاله منطقة جنوبي القدس ( الخليل – بيت لحم ) حيث كانت الثورة في بدايتها وعدد الثوار قليلاً . بدأ سعيد العاص منذ وصوله يعمل على تغذية الثورة بأعداد من المتطوعين وأخذ يتصل بقرى المنطقة ويعد الرجال والعتاد يعاونه في ذلك عبد القادر الحسيني وقد استجابت له اعداداً كبيرة من المجاهدين فقادهم في معارك طاحنة ضد الإنكليز كانت مساحاتها تمتد أحياناً بضعة كيلو مترات وكان يشاركهم فيها المئات من أبناء المنطقة الذين كانوا يعملون في فصائل مستقلة . دارت أهم المعارك في 24 / 9 / 1936 عند جبال قرية حلحول على طريق بيت لحم – الخليل وقد اختار القائد سعيد العاص القرية مركزا لتهيئة الهجوم وتعمد توقيت المعركة في رابعة النهار كي يتسنى للمجاهدين القضاء على اكبر عدد ممكن من الجنود البريطانيين وقد اغلق الطريق العام بالحجارة الكبيرة ثم وزع الثوار الى ثلاثة اقسام رابط القسم الاكبر منها في الجبال وتوزع القسمان الاخران جنوبي الطريق وشماليه لمنع وصول النجدات الى القوات المعادية في مسرح القتال وقد انتهت المعركة بانتصار الثوار انتصارا مؤازراً بعد قتال استمر 15 ساعة وقضوا فيه على اكثر من 40 جندياً بريطانياً وغنموا كمية من الأسلحة في حين استشهد منهم ثلاثة مجاهدين ونتيجة هذا الفشل جمع الانكليز قوة وبدأوا عملية تطويق واسعة للمنطقة التي كان فيها سعيد العاص مع 120 ثائراً معتصمين في جبال الخضر وكان القائد يراقب من مكمنه التحركات البريطانية ويرى طوق الحصار يضيق حوله فوزع معظم رجاله حفاظاً عليهم وبقي مع خمسة وعشرين مجاهداً منهم عبد القادر الحسيني أبوا أن يفارقوه وظلوا ينتظرو لقاء الأعداء .
كان اللقاء صباح 6 / 10 / 1936 ودار قتال عنيف ساعات بين الثوار القلائل وآلاف الجنود البريطانيين واستخدم السلاح الأبيض حتى نفذت الذخيرة من المجاهدين وقد استشهد سعيد العاص في هذه المعركة كما أصيب مساعده عبد القادر الحسيني بجراح فاسر ولكنه فرّ من السجن ودفن جثمان المجاهد الكبير سعيد العاص في قرية الخضر في احتفال شعبي كبير وأقيمت له حفلات تأبين متعددة ورثاه كثيرون منهم أمين الريحاني الذي سماه ( فارس الثورات ) وكان العاص عضواً في الحزب السوري القومي ويعتبره الحزب من كبار وأوائل شهدائه .
يتبع