مذكرات الفتى الطائش
[align=justify]هذه المذكرات هي رسالة صريحة إلى كل فتى لا يزال يمارس الشقاوة في عناد .. هي كلمات مندسة بين السطور و الفاهم يفهم لأنني لن أشرح .. هي وليدة جنونيات كاتب عادت به عجلة الزمن إلى خطاه قبل أن يدركه المشيب .. البعض قابل للتصديق و البعض الآخر هو من أجل الضحك و فقط و البعض المتبقي للبكاء و النحيب .. أتمنى لكم رحلة جميلة مع مذكرات الفتى الطائش .[/align]
[align=justify]الشقاوة و العادات السيئة هي كل ما علمتني إياه طفولتي الطائشة ، الرأس الذي بمثل الحديد قسوة هو ما ورثته من جدي الذي كان يلقب بقدور الرأس الخشن ، كنت مثل يضرب به في الطيش و المشاغبة و عمل كل ما لا يخطر بذهن طفل لم يتجاوز السابعة من عمره ، كبار و شيوخ الحي لقبوني بالناموسة تشبيها بحشرة البعوضة التي تحلق فوق الرؤوس عندما يحضر النوم في ساعات الظهيرة و آخر الليل ، ربما البعوضة كانت أكثر شفقة مني و أكثر حنان ، فهي لا تلبث أن تغادر المكان أو تسقط من أول رشة للمبيذ، أما أنا فلم يكن ينفع في كبح جماح شقاوتي حتى الرصاص المطاطي و الغازات المسيلة للدموع ، أمي شهدت معي ولادة جد عسيرة و جد مرهقة و جد مبكية ، فقد أخرجوني من بطنها برافعة إلكترونية صنعت خصيصا من أجلي - لا عفوا -كانت تنتظر ميلادي الغريب بفارغ الصبر لكي يتم تجربتها لأول مرة في العالم ، الممرضة السمينة و المفتولة العضلات صرخت يومها في و أنا مازلت أسبح في بحيرة رحم أمي قائلة - غير ممكن طفل غريب أنا أريد أن أخرجه و هو يمسك بكلتا يديه بالمقص - حت أنني أجريت معها منازلة في المصارعة عند المخاض ،غلبتها طبعا و بالضربة القاضية .
بعد ولادتي لم أكن أشرب الحليب من صدر أمي و لا من صدر جارات أمي و لا خلاتي و لا عماتي، و لا حتى الحليب المستورد من أوروبا – أحب أوروبا التي أخرجتني من بطن أمي و لم تتركني ضحية للتأخر العلمي– مشروبي الوحيد كان لبن العصفور ، و لأن أبي كان قد وعد أمي قبل الزواج بأن يحضر لها لبن العصفور وجدت كميات منه في الثلاجة ، هل جربتم طعم هذا الحليب ؟؟ هل سبق لكم أن وجدتم علبته تباع في المحلات الكبرى ؟؟ لأنني اشتقت لطعمه الفريد من نوعه ، ألبستي كانت تتمزق بعد يومين من الاستعمال لأنني و بكل بساطة أتبول في اليوم أكثر من مائة مرة ، المرة الوحيدة التي لا أتبول فيها عندما أكون أشهاد التلفاز ، أحببت كثيرا أفلام رعاة البقر و أفلام بريسلي ، أحيانا عمي يغلقه بداعي أنني لا يجب أن أشاهد أفلام العنف ، بكيت و تخبطت مثل الأفعى الهندية التي سرق سمها ، ضربت أمي المسكينة بيدي الصغيرة أحيانا على صدرها و أحيانا أخرى على فمها ، مزقت قميصي مثل ما فعل ايلك العجيب ، لكنني لا أنتفخ فهو صنع هوليودي و أنا صنع عربي محض ، العرب لا ينتفخون إلا عندما تداس كرامتهم من جيرانهم .
عمي الذي كان يزورنا على فترات متباعدة دهش مما رأت أم عيونه ، أخرج من جيبه حبة حلوى فأكلتها ثم عدت إلى الصراخ و البكاء ،أخرج علبة شوكلاطة أكلتها ثم عدت إلى التخبط فوق فراشي السابح في مياه بولي ، أخرج علبة من محفظته الجلدية ، رميتها كلاعب كرة سلة لأنني لا أحب ألعاب الصغار ، كانت لعبتي المفضلة المسدس الأمريكي القديم ، صدقوني لم أهدئ حتى أعاد تشغيل جهاز التلفاز ... يتبع ............[/align]
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|