الأم
ذاتَ مساءٍ ، من شتاء ٍ قارس ٍ . أسرعت بخطى ً ثقيلة ووجه ٍ أنهكه ُ التعب ، لتسدّ كل ّ ثقوب الحياة ، التي تربطها بالعالم ِ الخارجي .
كانت حريصة ً جداً ـ رغم َ ماتشعر به ِ من ألم ـ أن تمنعَ أدقّ ذرات الهواء البارد من الدخول ، وضوء البرق ِ خارجاً من التسلل إلى عينيها .
أسرعت إلى سريرها وأطلقت العنان َ لصوتها المبحوح يشدو بأغتيات ٍ تحتفظ ُ بها الذاكرة ، وهدهدات تساعد طفلة ً صغيرة ً بالعودة ِ إلى النوم ، وعدم الاكتراث ِ بأصوات الرعدِ الغاضبة ....
ضمّتها إلى صدرها طويلاً . وهبتها دفْ ءَ الأمومة ِ بدلاً من برودة المكان . حدّثتها عن أمنياتها وغدٍ باسم ٍ ينتظرها .
عن الحديقة والألوان و ...
وفجأة ، تسلّل َ عويل ُ الريح ِ ، وأصوات ِ أمطار ٍ تهوي مسرعه ، وهمهمات شخص ٍ يلج ُ الباب َ ثم َ يقفُ أمامها والماء يتساقط ُ عنه ، كان يرتجف ُ برداً ، ويحدقُ بها بحزن ٍ عميق ٍ !!..
تلك َ النظرات المشفِقة أيقظتها من حلمها الواهم ، وشدّتها بعنف ٍ إلى واقعها الأليم .
واستسلمت كعادتها لنوبة ٍ من الصراخ ِ والعويل ِ . وضمّها كعادته ِ محاولاً بثّ الأمان ِ في جسدها الواهن .
فما كان بين ذراعيها سوى وسادة ..
نامت عليها يوما ً طفلة ً ضمّها التراب .
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|