الموضوع
:
التصوف الإسلامي وحلقات الذكر
عرض مشاركة واحدة
09 / 02 / 2010, 46 : 07 AM
رقم المشاركة : [
5
]
هدى نورالدين الخطيب
مديرة الموقع المؤسس - إجازة في الأدب ودراسات عليا في التاريخ - القصة والمقالة والنثر، والبحث ومختلف أصناف الأدب - مهتمة بتنقيح التاريخ - ناشطة في مجال حقوق الإنسان
بيانات موقعي
اصدار المنتدى
: مدينة حيفا - فلسطين ( فلسطينية الأب لبنانية الأم) ولدت ونشأت في لبنان
رد: التصوف الإسلامي وحلقات الذكر
[ALIGN=CENTER][TABLE1="width:100%;background-image:url('http://www.nooreladab.com/vb/mwaextraedit4/backgrounds/22.gif');border:7px groove green;"][CELL="filter:;"][ALIGN=justify]
مراتب العلم لدى الصوفية حسب رؤيتهم
الكاتب: حسن مظفر الرزّو
مدير المكتب الاستشاري العلمي
كلية الحدباء الجامعة
إن التصوف علم وسلوك يستند الى المعرفة بوصفها ذوق يترعرع عبر معاناة ومجاهدة روحية ترقى بصاحبها الى مرتبة فهم عميق يستمد مادته من جدلية التصفية الدائمة للروح من آفات النفس ونزعاتها الدائمة صوب الحياة الدنيا.
ولما كانت عملية التصفية تجربة ذاتية تسعى الى الكمال عبر سلسلة دائمة من المجاهدات اليومية لنزعات النفس، فإن لكل سالك منهج ذوقي يليق به دون غيره، فالمقام الذي يلبث بساحته يثمر علماً بالله
، والعلم يثمر عملاً يتوجه صوب مرضاة الله
، ثم يثمر العمل المقبول حالاً ونوراً يضيء زوايا القلب.
من أجل هذا الأمر فقد عني الصوفية عناية بالغة بتناول العلم بوصفه طريقاً لنيل القرب من الحضرة الإلهية، بعد أن أضفوا على دلالته معنى جديداً ينيطه بالمجاهدة والتحلية الذاتية، لأن العلم إن لم يثمر عن معرفة جديدة، وارتقاء بالأحوال فلا فائدة منه للمسلم في سعيه الدائم لمرضاة البارئ
.
وقد أرسى مشايخ القوم أسساً متينة لطلب العلم بمعيارهم، نستطيع تقسيمها الى المراحل التالية:
المرحلة الأولى: بيان حدود العلم ومورده لهذه المرحلة مقامان ، (المقام الأول) أن المعالجة الصوفية الجديدة للعلم أثمرت عن ظهور جملة حدود له:
الأول: يرتكز الى تأسيس دائرة العلم بكل ما يهم المؤمن في حفظ دينه، وديمومة معاشه بعيداً عن إضاعة الأوقات الثمينة بالبحث عما لا طائل وراءه. قال الله
يسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربّي..
. فكل خوض بمسألة لا ينبني عليها عمل القلب أو الجوارح بطاعة الله
هو خوض فيما لا يدلّ دليل شرعيّ على استحسانه. لذا قال أئمة الطريق: ما وجب عليك عمله وجب عليك العلم به.
الثاني: أن العلم علمان، علم ظاهر ساحته عالم الأمر، ومادته الشريعة الغرّاء ومداره على الالتزام بالعبودية؛ وعلم باطن ساحته عالم الغيب ومداره على الحقيقة التي تعنى بمشاهدة الربوبية.
الثالث: لما كان العلم هو إدراك للمدرك على ما هو عليه بذاته، لذا فماامتنع إدراكه بمعيار الشريعة يكون العلم به عند التسليم بالعجز عن إدراكه كما قال الصديق
:العجز عن درك الإدراك إدراك) فجعل العلم بالله
هو لا إدراكه.
الرابع: أن العـــلم(بمفهومه الشائع) يحمل معه برهانه، أما العلم الصوفي-الذوقي فعلمه مقصور على ذائقيه. من أجل هذا أطلق عليه معرفة لأن المعرفة معاناة علم بمجاهدة ذاتية. وقد حدّت للمعرفة الصوفية حدوداً خاصة تعالج مواردها من خلال الحال ، والمقام، واللوائح، والشواهد، والتلوين، والتمكين.
الخامس: لضمان التباس العلم بالوهم تصبح عملية اتخاذ المرشد أمراً لا مناص منه. لأن المرشد الكامل يمتاز بكونه عالماً بكمالات القلوب، وآفاتها، وأمراضها، وأدوائها، وبكيفية حفظ صحتها واعتدالها، وله القدرة على إرشاد المريد والارتقاء بمقاماته في طريق المعرفة بالله
، مع بيان مواطن الوهم التي تعترض رحلة طالب العلم.
(المقام الثاني): أولى رسول الله
اهتماماً خاصّاً بالقلب وأناط به جملة من المهام الجسام فهو موطن العلم الحق والمعارف اللدّنية، فلا نهاية لغور بحاره، ولا عدد لكثرة أنهاره.
قال سهل بن عبد الله التستري
: ما خلق الله
مكاناً أعزّ وأشرف عنده من قلب عبده المؤمن، وماأعطى كرامة للخلق، أعزّ عنده من معرفة الحق . فجعل الأعزّ في الأعزّ، فما نشأ من أعزّ الأمكنة يكون أعزّ مما نشأ من غيره. وقال سهل : فتعس عبد أشغل المكان الذي هو أعزّ الأمكنة عنده
بغيره سبحانه.
والقلب يعاني من التقليب في الأحوال في كل وقت وآن، ففي كل وقت له تجلّ يضيء زواياه، وهو بهذه الصفة يجافي العقل الذي ينشد الثبات بتقييد العلوم الدنيوية بعقاله لكي يسهل إدراكها، بينما يقيم القلب في رياض المعارف اللدنية التي تتوالى على قلب العبد المؤمن من الحضرة الإلهية، وتتقلب بحسب الأزمنة والأمكنة، والأحوال والمقامات بلا قيد ودون أن ينشد ثباتاً لها.
لأن المعرفة الصوفية تعاني من جدل وتغير دائم، فلكل مفردة مفهوم ينبع من ذاتها وينعكس على ذات العارف فيثمر مفاهيم تتسم بالجدة في كل وقت وآن، فلا نهاية للمعاني التي تحملها المفردة ، لكثرة التجلّيات التي تعاني منها والتي تزيد بعددها على عدد آنات الزمان وتنمو لتسع دائرة المكان.
المرحلة الثانية: المباشرة بالعلوم الشرعية
ينبغي على سالك طريق القوم المباشرة بعملية التحلّي قبل التخلّي، فلا تصوف بدون معرفة فقهية رصينة بواجبات العبادات، ومندوباتها، وآدابها، والتفريق بين البدعة والسنة في الأحوال. فالعلوم تنعكس أنوارها على طاعات العبد فتلبسها لباس السنة التي ترقى بصاحبها عبر فضيلة الاتباع. وقد قيل بأن الشريعة باب، والحقيقة بيت، ولا مدخل للبيت إلا من بابه.
فلا تصوف حقيقي إلا بفقه، قال الإمام مالك: من تصوّف ولم يتفقه فقد تزندق، ومن تفقّه ولم يتصوف فقد تفسّق، ومن جمع بينهما فقد تحقّق .
المرحلة الثالثة: آداب طلب العلم تبدأ رحلة العلم بالاستماع والقبول عن أئمة الفقه والعقيدة، ثم التصوّر والفهم ومباشرة العمل للوصول الى المعرفة الحقّة، والتوقف في محل الاشتباه دون الخوض فيه، واعتبار المهم وتقديمه على غوامض علوم القوم. وينبغي أن لا يغيب عن ذهن الصوفي أن الفقه يمتلك حكماً عاماً مقصده إقامة رسم الدين، ورفع مناره، وإظهار كلمته. أما التصوف فهو تجربة ذاتية ومعاملة بين العبد وربّه ، لذا يلزم الرجوع من التصوف الى الفقه ويكفي الفقه عن التصوف، ولم يكف التصوف عن الفقه. من أجل هذا قيل: كن فقيهاً صوفياً، و لا تكن صوفياً فقيهاً؛ وصوفي الفقهاء أكمل من فقيه الصوفية وأسلم، لتمام حاله.
قال أبو حفص الحداد: التصوف كله أدب ، ومن ضيّع الأدب فهو بعيد من حيث يظن القرب ومردود من حيث يظن القبول.
المرحلة الرابعة: التقلب بين الطاعات أراد الله
أن يشغل عباده بعبادته فأزعجهم من كل شيء سواه وقد قيل: فرّغ القلب من الأغيار تملأه بالمعارف والأسرار. وخير تفريغ للقلب يكون اشتغاله فـي عبـادة الله
والقيام بأوامـره، والانتهاء بنواهيـه، واتباع سـنة نبيـه محمـداً
.
قال الشيخ الأكبر في فتوحاته: العبادة اسم حقيقي للعبد، فهي ذاته وموطنه، وحاله وعينه، ونفسه وحقيقته، ووجهه.
قد تختلف مسالك العبادة بالتوجه الى الله
بيد أن هذه المسالك تصب في بوتقة واحدة، فمن غلب عليه العمل، فعابد، ومن مال الى الترك فزاهد، أمامن أدام النظر في تصاريف الحق بالأكوان فعارف، والكل ينتسبون الى التصوف بوشيجة محكمة.
المرحلة الخامسة: التمييز بين العلوم قال القوم خير العلم ما صاحبته خشية اللـه
، قال ابن عطاء الله الاسكنـدري: شاهـد العلم الـذي هو مطلـوب الله
وجود الخشيـة لله
. وإنما كان الأمر كذلك لثلاثة أوجه:
(أحدها) إن الخشية تحجز عن المعاصي والقبائح وتدعو الى صالح الأعمال، فينشب عن فقدها زوال الخشية والتهافت على المعاصي.
(الثاني) أن الخشية تغالب الهوى،والشهوة اللتان تغطيان العقل، فتطفئا نور القلب.
(الثالث) أن الخشية تحمل صاحبها على طلب الآخرة وإرادة وجه الله
عن طريق العلم به، وفقدها يغمس المؤمن بالدنيا ومفاتنها فيلفته عمّـا أراد الله
منه.
قال الشعبي: إنّ العالم مَن فَقِه عن الله
ما توعّده به فخافه.
المرحلة السادسة: نيل ثمرة العلم:
ينال العبد بساط العلم ثمرة لتقواه، قال الله
في كتابه العزيز
واتّقـوا الله ويعلمكم الله ..
، والامساك بزمام هذا البساط دائم ما دام العبد يجاهد في تزكية نفسه وتطهيرها من العيوب. يعرف وصول القلب الى ثمرة العلم بوصوله الى العلم بجلال الله
وعظمته على وجه يمتلك القلب بجملته، ويسع بين ثناياه كل ما حوله. فلا وحـشة مـع اللـه
، ولا راحـة مع غيره. وقد ثبت في صحـيح الإمام البخاري من حديث أبي هريرة
عن النبي
قال:(يقول الله
من عادى لي ولياً فقد بارزته بالمحاربة) وفي رواية:(فقد آذنته بالحرب وما تقرّب إليّ عبدي بمثل ما افترضت عليه ولا زال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، فبي يسمع، وبي يبصر، وبي يبطش، وبي يمشي. ولأن سألني لأعطينه ولأن إستعاذني لأعيذنّه. وما تردّدت في شيء أنا فاعله تردّدي عن قبض نفس عبدي المؤمن، يكره الموت وأكره مساءته ولا بدّ له منه).
ولا شكّ بأن من كان يبصر بالله
ويسمع به ويبطش به ويمشي به له حال يخالف حال من لم يكن كذلك لأن بصيرته قد استوعبت مفردات المعرفة فانكشفت له الأمور كماهي وزال حجاب الظاهر عنها الذي يحجب إدراك ماهيتها الباطنة.
والصوفي يرقى المراتب بعبادته وينهل المعرفة من عين الجود، وبذل المجهود.
المرحلة السابعة:المعرفة الصوفية:
تنمو المعرفة الصوفية مع تعمّق فقه الصوفي بشريعته، وتأدبه بآدابها، وحسن اتباعه لما ثبت من سنة نبينا محمد
. وتثمر هذه المعرفة نظراً يختص به الصوفي عند معالجته لأمور الشريعة ومقاصدها. فالفقيه يعتبر ما يسقط به الحرج عن المكلف، ويسم طاعته بسمة القبول، والصوفي ينظر الى ما يحصل به كمال العبادة كحدّ للقبول. وتحمل الآية الكريمة أو الحديث الشريف الى الصوفي إشارة تضاف الى ما أثبته المفسّرون يستمد منها معرفة جديدة يتقوّى بها يقينه.
تترسخ المعرفة فتؤتي ثمارها، فتظهر بجلاء أمام الصوفي بأن الشريعة أن تعبده
حقّ عبادته، والحقيقة أن تشهده في كل شيء من مخلوقاته، فيمسي ونور معرفته يقصر عن إطفاء نور ورعه، ولا يعتقد باطناً من العلم ينقض عليه ظاهراُ من الحكم الشرعي ولا تحمله كثرة نعم الله
عليه وكرامته على هتك حرمة الله
بحجة كمال أو إسقاط تكليف .
وتستمر رحلة الصوفي مع العلم بالصدق في العبودية، والقيام بحقوق الربوبية بالتشمير للحقوق، والإعراض عن كل مخلوق والاستسلام تحت جريان المقادير الإلهية في الأكوان، واليقين بأنه لا مسافة بينك وبينه حتى تطويها رحلتك اليه، ولا قطيعة بينك وبينه حتى تمحيهاوصلتك
فأينما تولّوا فثم وجه الله
.
وتكتمل دائرة المعرفة إذا تذوّق الصوفي لذّة اجتماع المتفرقات، واستواء الأحوال والأماكن، وسقوط رؤية التمييز لديه، فتتجلى له الأسماء والصفات العليّة، وتظهر حقيقة سريانها في المكونات، وتغيب علة الإضافة، وتتلاشى المحدثات هيبة من موجدها، وتفنى العبارات، وتضمحلّ الإشارات :
ألاحظـه في كـل شيء رأيته وأدعوه سرّاً باطناً فيجيب
ملأت به قلبي وسمعي وناظري وكلّي وأجزائي فأين يغيب
وتمسي المعرفة الصوفية رؤية باطنة لا علم ظاهر، وعين لا خبر، ومشاهدة لا وصف، وكشف لا حجاب، وغيبة لا صحو.
قال الشيخ أبو يزيد البسطامي
من عرف الله بهت ولم يتفرغ الى الكلام! .
الهوامش :
. التعريفات : 182 .
. بيان الفرق : 35 – 36 .
. شرح الحكم العطائية : 347.
. الفتوحات المكيّة 2 : 153 .
. صحيح البخاري : 6021 .
. اللمع في التصوف : 56.
. اللمع في التصوف : 62 .
. القصد المجرد : 11 .
. القصد المجرد : 89 .
. النور من كلمات أبي طيفور : 165 .
المراجــع
1.بيان الفرق بين الصدر والقلب والفؤاد واللب ، لأبي عبد الله محمد بن علي الحكيم الترمذي ، تحقيق الدكتور نقولا هير، الطبعة الأولى، 1958 م، دار إحياء الكتب العربية، بيروت.
2.التعريفات، للإمام علي بن محمد الجرجاني، تحقيق إبراهيم الأبياري، الطبعة الأولى، 1405 هـ ، دار الكتاب العربي، بيروت .
3.الجامع الصحيح، للإمام أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري، تحقيق الدكتور مصطفى البغا، 1407 هـ، دار ابن كثير، اليمامة .
4.شرح حكم ابن عطاء الله الاسكندري، للشيخ أحمد بن زروق ، تحقيق الدكتور عبد الحليم محمود، 1969 م، مكتبة النجاح، القاهرة .
5.الفتوحات المكّية، للشيخ الأكبر محيي الدين ابن عربي الحاتمي، بدون تاريخ، دار صادر ، بيروت .
6.القصد المجرد في معرفة الاسم المفرد، لابن عطاء الله الاسكندري، بدون تاريخ ، مطبعة محمد علي صبيح، القاهرة .
7.النور من كلمات أبي طيفور، مؤلفه مجهول ، تحقيق الدكتور عبد الرحمن البدوي ، كتاب شطحات الصوفية ، الجزء الأول ، بدون تاريخ، وكالة المطبوعات، الكويت .
[/ALIGN][/CELL][/TABLE1][/ALIGN]
توقيع
هدى نورالدين الخطيب
[frame="4 10"]
ارفع رأسك عالياً/ بعيداً عن تزييف التاريخ أنت وحدك من سلالة كل الأنبياء الرسل..
ارفع رأسك عالياً فلغتك لغة القرآن الكريم والملائكة وأهل الجنّة..
ارفع رأسك عالياً فأنت العريق وأنت التاريخ وكل الأصالة شرف المحتد وكرم ونقاء النسب وابتداع الحروف من بعض مكارمك وأنت فجر الإنسانية والقيم كلما استشرس ظلام الشر في طغيانه..
ارفع رأسك عالياً فأنت عربي..
هدى الخطيب
[/frame]
إن القتيل مضرجاً بدموعه = مثل القتيل مضرجاً بدمائه
الأديب والشاعر الكبير طلعت سقيرق
أغلى الناس والأحبة والأهل والأصدقاء
كفى بك داء أن ترى الموت شافياً = وحسب المنايا أن يكن أمانيا
_________________________________________
متى ستعود يا غالي وفي أي ربيع ياسميني فكل النوافذ والأبواب مشّرعة تنتظر عودتك بين أحلام سراب ودموع تأبى أن تستقر في جرارها؟!!
محال أن أتعود على غيابك وأتعايش معه فأنت طلعت
هدى نورالدين الخطيب
مشاهدة ملفه الشخصي
زيارة موقع هدى نورالدين الخطيب المفضل
البحث عن كل مشاركات هدى نورالدين الخطيب