[د. ناصر شافعي]

أعلام الأدب العربي في مصر
( 54 )

درية شفيق
بنت النيل

ولدت درية شفيق فى طنطا عام 1908 .

فى السادسة من عمرها التحقت بإحدى مدراس البعثة الفرنسية ، وبعد أن حصلت على شهادة البكالوريا وهى فى التاسعة عشرة من عمرها قررت السفر إلى باريس لتستكمل دراساتها فى جامعة السربون فأبحرت مع أول فوج مُكَوّن من إحدى عشرة فتاة مصرية أرسلتهن وزارة المعارف ليستكملن دراستهن على نفقتها .

هناك حصلت على ليسانس الدولة من جامعة السربون لتعود إلى مصر ثم تقرر مرة أخرى العودة إلى باريس للدراسة لتحصل على درجة الدكتوراه فى الفلسفة .

فى عام 1939 عادت إلى مصر وكلها أمل فى أن تحصل على وظيفة فى الجامعة المصرية ، وقد كانت كتلة من الحماس والنشاط فعملت مفتشة للغة الفرنسية لكل المدارس الثانوية.

فى النصف الثانى من الأربعينيات ظهرت دعوة درية شفيق للمرأة المتعلمة كى تتفاعل مع الأحداث السياسية.

وفى عام 1948 أنشأت درية شفيق اتحاد بنت النيل ،ثم أصدرت مجلة خاصة بها هى مجلة (بنت النيل) وهى أول مجلة نسائية باللغة العربية وعندما عرضت الأميرة شويكار على درية شفيق أن تكون رئيسة لتحرير مجلة ثقافية وأدبية جديدة تصدر باسم (المرأة الجديدة) .

ثم ضمت درية شفيق مجلة (المرأة الجديدة) إلى مجلة (بنت النيل) وأصبحت المرأة الجديدة صوت درية النضالى / الثقافى المتجه نحو الغرب بهدف نقل صورة حقيقية عن عظمة مصر . أما بنت النيل ، فكانت صوتها النضالى / النسائى المتجه نحو المرأة المصرية والعربية من الطبقة الوسطى الناشئة بهدف تحقيق صحوة وعى المرأة بحقوقها الأساسية وبمسؤولياتها .

أعلنت فى أحد المؤتمرات إنشاء (حركة جديدة من أجل التحرر الكامل للمرأة المصرية) وأطلقت عليها (اتحاد بنت النيل) ولتجديد وتنشيط الحركة النسائية المصرية التى كانت قد ضعفت وفترت بعد وفاة هدى شعراوى .

أما أكثر برامج درية شفيق الإصلاحية طموحا فكان كفاحها من أجل الأمية المتفشية بين البالغين فى مصر من النساء فافتتحت مدرسة لمحو الأمية لأهل بولاق .

وفى شهر فبراير سنة 1951 تحركت درية شفيق من قاعة ايوارت بالجامعة الأمريكية فى القاهرة ومعها ألف وخمسمائة امرأة واقتحمت بوابة البرلمان وقادت مظاهرة صاخبة لمدة أربع ساعات حتى اضطر نائب رئيس النواب إلى استقبالها بعد أن انتزعت من رئيس المجلس وعدا بأن ينظر البرلمان فورا فى مطالب المرأة .

وبفضل مسيرة الاحتجاج هذه أمكن لوفد نسائى أن يطالب - للمرة الأولى - فى قاعة البرلمان بحقوق محددة لولها السماح للنساء بالاشتراك فى الكفاح الوطنى والسياسى . وثانيها : تساوى الأجور فى العمل .

في نهاية عام 1951 تصاعد الصدام بين فرق المقاومة المصرية ووحدات الجيش البريطانى ، مما دعا درية شفيق للمشاركة فى النضال من أجل التحرر الوطنى .

وبعد قيام ثورة يوليو 1952 طلبت من الحكومة تحويل (الاتحاد) إلى حزب سياسى وسجلت نفسها رئيسة له ، وقد قبل طلبها ليصبح (اتحاد بنت النيل) أول حزب نسائى سياسى . ولم يتوقف طموح درية عند هذا الحد ، فعند تشكيل اللجنة التأسيسية عام 1954 لوضع دستور جديد للبلاد احتجت لأن اللجنة لم تضم بينها امرأة واحدة .

و فى الثماني عشرة عاما الأخيرة من حياة درية شفيق ألفت 16 كتابا بين دواوين شعر ومذكرات وترجمة القرآن الكريم إلى اللغتين الفرنسية والإنجليزية .

فى عام 1975 توفيت درية شفيق

( منقول )