رد: فنجان قهوة ... ومساحة من البوح
ابو الخل الذي هو زوجي هو د. خليل مصطفى
هو محامي دكتور طبعا لكن ليس هذا هو المهم المهم الآن أنه شاعر
طبعا هو ليس عضو عندنا لكنه يتابع كل صغيرة وكبيرة هنا
نشرت له سابقا ً رسائل أدبية كتبتها أنا وإياه وكانت هذه المحاولة منه بناء على اصرار شديد مني
فهو يكتب الشعر والشعر العمودي وأقل قصيدة عنده 100 بيت لذلك أنا تركت له الشعر
واستقريت بالخاطرة ولكن كما قلت انتزعت منه رسالة أدبية لي وله .. هذه هي .. أتمنى أن تنال اعجابكم
رسائل أدبية
الرسالة : لا لقاء .. لا لقاء
بقلم : د. خليل مصطفى
:حبيبتي
لم تُصدقيني عندما قلت ُ لك ِ ذات َ يوم :
" لا داعي لأن نلتقي َ مرة ً أخرى .. لأننا سنفترق في يوم ٍ من الأيام .. أوْلى بنا أن نفترق الآن .. فالرحيل من باب الروض أسهل ُ من الرحيل من تحت الظلال وأوراق الأشجار "
ولكن أبَيْت ِ إلا اللقاء .
لم تُصدقيني يا عصفورتي الطيبة ، التي كُتب َ عليها الفراق قبل أن تعرف قدماها طريق اللقاء
فالتقينا .. ثم التقينا .. وتكرَّرت اللقاءات ، وفي داخل كل ٍّ منا كان هناك شيء ما يكبر ُ في كل لقاء ٍ يجمعنا .. إنه الحب .
واليوم ..
أليوم َ تُحتضَر ُ اللقاءات ُ ببطء ٍ شديد .. كل ٌّ منا يحمل أحزانه وذكراه ويركض كطفل ٍ مذعور ٍ إلى صدر أُمه .
نعم يا عصفورتي ، أركض إلى صدر أمي .. ولا أعرف أني هارب ٌ منه .
لم تُصدقيني حينها .. والآن يجب أن تصدقي .. فكل ُّ شيء ٍ حولنا يدعوك ِ للتصديق :
فأنت ِ اليوم َ في هودج الآلام ِ تزحفين شرقا ً قطعة ً من فؤادي سافرتْ عني .. وها أنا ذا أمضي إلى الغرب ِ وحيدا ً .. يداي َ فارغتان من كل شيء إلا من حُطام ذكرى عِشتُها في يوم ٍ من الأيام .
ها أنا ذا تنتشر أحزاني كموجات الصوت ِفي مستنقع ِ ماء .. إنني أُسرع كالملسوع ِ إلى أفق ٍ يمتد ُّ ما بين أوجاع الماضي .. ومخاوف المستقبل .. تنعدم ُ الرؤية ُ مِن ْ حولي ولا تبصر عيناي سوى وجه ٍ بريء ٍ – يأتيني – بلون قطعة ٍ مِن ْ قماش الشفق الدامي ، وثغر ٍ صغير ٍ يقطر حبا ً.. وأملا ً .. وحزنا ً يقول لي : " ألقاك َ يوما ً ما.. ثم يمضي.."
وتأبى كف ُّ القَدَر ِ إلا أن نفترق.. وها نحن نسكن ُ حالة َ الفراق ، ونحتسي بقية َ كأس ٍ كم رجوناه ألا ينضب .. ولكنه نضب .
ماذا أقول ُ للثغر الذي يُمَنِّيني باللقاء ؟ ماذا أقول لك ِ ؟ ماذا أقول لنفسي ؟ وماذا نقول لأقدارِنا ؟؟؟
أنا لا أجد كلاما ً أقوله .. فالحروف ُ تهرب ُ مني .. واللغة ُ تتركني وترحل ُ .. والشعر يصمت ُ .. ولساني يدورُ .. يدور ُ .. يدور ُ بلا صوت .
كل ُّ شيء ٍ سيرحل ُ عني عندما ترحلين .. وكل شيء ٍ سيضيع ُ مني عندما أفتقدك ِ.. لن يبقى مني سوى قافلة ٍ من العبرات ِ تنبع مِن ْ عيني وتصب ُّ في قلبي .....
بهذه الدموع أرد ُّ عليك ِ يا حبيبتي ، وأقول للثغر الصغير :
" إلى اللقاء
إلى اللقاء
إلى اللقاء " .
رد الرسالة : بل لقاء.. لقاء.. لقاء
حبيبي :
نعم أنا من أصرّ على هذا اللقاء ، في جعبتي بعض الكلام ، دعني أبوح به قد يريحني أن تعلم ما جال في خاطري في تلك الأيام .
عصفت بي رياح الذكرى ، تذكرت ذلك اللقاء ، هنا في نفس المكان ، كان الجو باردا ً جدا ً والمطر يتساقط بغزارة شديدة والرياح تزمجر كأنها تفرّ من غضب السماء، قلت َ لي والدهشة تملأ محياك : لم أتوقع مجيئك في هذا الجو العاصف الممطر ونزعت َ عنك معطفك الأسود وألقيت َ به على أكتافي لأشعر ببعض الدفء ، وأخذت تلومني على مجيئي ، وأنا وحبيبات الثلج الآخذة بالهطول نتجاهل عتابك وملامك ، وسرعان ما أخذتني شقاوتي المعهودة إلى العبث داخل جيوب معطفك فعثرت ُ على علبة صغيرة بداخلها وقلت ُ لك وابتسامة ماكرة ترتسم على صفحات وجهي : لمن هذه العلبة ؟ أهي هدية لي ؟ فضحكت َ حتى بانت غمازات خديك من فرط الضحك وقلت َ لي : نعم هي لك ِ ، إفتحيها .
عندما فتحتها وجدت بها خاتما ً صغيرا ً من الفضة فأخذت أقبله فرحة ً
به ثم طوقت به إصبعي ، وأنت مستمر في ضحكك وقلت لي: هو لك ِ لا تنزعيه من إصبعك مهما حصل .
ثم أخذتني شقاوتي مرة أخرى لجيوب المعطف وأخذت أعبث بالجيب الداخلي فتحسست ورقة مطوية بداخله فقلت لك بنفس الخبث: أهي رسالة لي ؟
فضحكت مرة أخرى وقلت : نعم يا شقية هي لك ، فمددت لك الرسالة لتقرأها على مسامعي وأنا لا أصدق كل ما كتب فيها ، هل كل هذا الحب لي ؟ كثير عليّ هذا الحب ؟ كثير علي أن ترضى عني دنياي إلى هذا الحد ! وقررت أن أكتب لك ردا ًً عليها ، ولكن لم يكن بحوزتي أي ورقة ! فتناولت ورقة من محارم المطعم بعد أن نفضت منها الشوكة والسكين ، وكتبت لك ، ربما كانت حروفي فقيرة بالنسبة لحروفك ولكن مشاعري أبدا ً لم تكن فقيرة ، وعندما طلبت مني أن تأخذها لتحتفظ بها رفضت وقمت بوضعها داخل رسالتك وقلت لك يجب أن يبقيا معا ً ولا يفترقا مهما حصل ، ثم مددت ُ يدي داخل حقيبتي وأخرجت ُ منها ميدالية مفاتيحي التي كانت تروق لك جدا ً ، فقلت ُ لك : خذها هي لك ، مستقبلا ً تضع فيها مفتاح سكن الزوجية .
فرحت َ أنت بها ولكن َّ فرحتنا لم تكتمل إذ أخبرنا صاحب المطعم أن الثلوج أخذت تنهمر بغزارة وقد تغلق الطرق فأخذت َ تحثني على الذهاب وأن أتوسل إليك أن تبقيني بقربك مزيدا ً من الوقت ولكنك سحبتني من يدي وخرجنا من المطعم ثم استدعيت سيارة لتقلني إلى المنزل وما أن دلفت داخل السيارة حتى وجدتك بجانبي قلت لك ماذا تفعل ؟
قلت : سأوصلك ِ إلى المنزل ، فجن جنوني ،لا يمكن هذا ،هذا جنون فأنا أقطن في شرق المدينة وأنت تقطن غربها ، طريقنا لم تكن واحدة ، لم تكن نفس الطريق ، ولكنك أصررت على مرافقتي لتطمئن لوصولي سالمة ً.
وحدث ما كان متوقعا ً فقد حجزتنا الثلوج لمدة أسبوع لم أتلقيك فيها ولكني التقيت أفكاري السوداء التي كانت تخاطبني بقسوة وتقول لي: دعيه يرحل ، غدا ً يكمل دراسته ولا بد أن يعود لحضن وطنه وأمه وأسرته ، وأنت من المستحيل أن ترافقيه فأنت ممنوعة من عبور الوطن .
هذا هو القدر ،لا يمكن مقاومته ولا نستطيع معاندته ، وها أنا ذا أقول لك : أنا لن أيأس ولن أستسلم ، سافر أنت الآن وإن استطعت العبور هنا مرة أخرى ستجدني في انتظارك ، سأبقى في انتظارك طول العمر وهذا الخاتم لن أنزعه من إصبعي مهما حصل ، مهما حصل .
سأقول الآن إلى اللقاء فقط إلى اللقاء ولن أقول وداعا ً لن أقول وداعا
|