رد: حمية خاصة
القاصة الرائعة لبنى ياسين
تبدو هذه القصة نوعا من فن " الباروديا" وهو ذلك الفن الذى يعتمد على المحاكاة الساخرة بقصد فرض مركزية ادبية فى واعية المتلقى تطمح إلى رسم ملامح الضحك الذى يشبه البكاء وهذا ما حاولت القاصة تمييزه فى هذا العمل الساخر لكنها سخرية لاذعة واستخدمت فى ذلك تحميل السارد العرفانية التى تعينه على إحكام تكنينك قصته ولذلك فإن انتقال المفردات من حقلها الدلالي التقليدي إلى حقل دلالي غير تقليدي تقنية متكررة في فن الكاريكاتير المكتوب . من هنا تأتي مشروعية استخدامها للباروديا التى تحتل مكاناً بارزاً فى القصة . وبسبب هذا الانتقال ينشأ خطاب مزدوج لا هو خطاب القانون والقضايا ولا هو خطاب الحب والرومانسية ، لكنه خطاب يقع بينهما ويسخر من الافتعال والتهافت والمبالغة في كليهما
وتر كز القصة على المغالطات التاريخية المقصودة التي يبررها التوجه الساخر الفكاهي المهيمن عليها أما المسخور منه في هذه القصة فهو الواقع العربي الإسلامي المأزوم والتاريخ العربي الإسلامي الملطخ بالدماء . كما أن القصة تسخر من التهافت والتفاهة والسخف على مستوى الواقع والخطاب فى آن واحد فهى تسخر من حماقات العرب فى تلقى ضربات النازية الجديدة فى العراق وفلسطين ولبنان وتسخر من ذلك الوهن العربى تجاه قضاياه الأممية واهتمامه بكل مصادر التخمة وما البطل هنا إلا هذا الناقوس الذى يدق اجراس الخطر من زيادة هذه التخمة وهى تسخر من الواقع العربي ومن تقديس النصوص ومن الأساطير الزائفة وتنتقد القهر والخضوع والطاعة العمياء والتهافت والتشدق . وحتى تتحقق المحاكاة الساخرة تحفل القصة بنماذج التناص والميتانص والمغالطات التاريخية والانتقال الدلالى والمسخور منه في هذه القصة ليس الاهتمام بالطعام والبحث عن الرشاقة بقدر ما هو الواقع الكابوسي وسوء فهم واستعمال النصوص الزائفة .
وبهذا تكون هذه القصة في مجملها محاولة للخروج من هامشين : هامش الإقليمية وما يسببه من تشرزم عربى قادر على إضعاف الدور العربى فى المنطقة الشرق أوسطية والخروج من هامش دونية الأدب الساخر وما يحمل من رموز وتقنيات فنيه تضعه فى مصاف الأدب الرفيع
لك سيدتى كل المحبة على هذا النص الباذخ فى بساطة لغته وجميل هدفه وسمو فنيته
|