الأستاذ القدير أيمن الركراكي المغربي :
سؤال رائع .. و لا يصدر إلا من روح شاعر قدير ، يقدر الأحاسيس و المشاعر .
إسمح لي بالاجابة الفورية التلقائية عن هذا السؤال :
أجمل لحظات العمر بالنسبة لي ، ماحدث معي أثناء شبابي و دراستي بكلية الطب ..
فازت لوحاتي التشكيلية بالمركز الأول في مسابقة الفن التشكيلي لشباب الجامعات عاميين متتاليين .
وفي العام الثالث ذهبت لمشاهدة المعرض و يملأني الأمل في أن أرى لوحاتي التشكيلية معروضة بين لوحات زملائي .. معروضة فقط .. ولم يطالعني أمل في إحراز أي مراكز متقدمة في المسابقة تطلعاً لفوز زملاء الكليات الأخري ( ومنهم كليات الفنون ) .. وكانت الخيبة و الصدمة عندما وجدت أن لوحاتي غير معروضة إطلاقاً في المعرض الكبير .. وعندما تسآلت عن لوحاتي الغائبة .. و أين أجدها ؟ .. علمت بتواجدها في المخزن بالقبو السفلي .. وكانت المفاجأة الثانية و التي أصابتني بإحباط شديد .. اللوحات مغلفة بنفس الغلاف كما سلمتها لأدارة المعرض .. لم تُفتح .. لم يطالعها أحد !! .. وتأكدت أن ذلك حدث عن عمد و قصد بحجة منح الفرصة للزملاء الفنانين الآخرين ! ..
حملت لوحاتي المُغلفة الكبيرة فوق شبكة سيارتي ( التي وضعته خصيصاً لهذا الغرض ) .. و إنطلقت عائداً إلى بيتي و أنا في قمة الأسى و الضيق و الاحباط .. وفي طريق العودة ( من جامعة القاهرة إلى منزلي بكوبري القبة ) لمحت إعلاناً كبيراً عن قبول الأعمال الفنية التشكيلية لمعرض الجمهورية للفنون التشكيلية .. لم أتردد .. ووجدت أن شروط دخول المعرض تتفق تماماً مع لوحاتي ( العدد - الحجم - الخامة ) .. قدمت لوحاتي لإدارة المعرض .. و عدت إلى منزلي حزيناً لعدم عرض لوحاتي في معرض شباب الجامعات ، رغم بذلي مجهوداً غير عادي لإخراج اللوحات التشكيلية في أجمل صورة و أبهى حال .
وأفتتح معرض الجمهورية للفنون التشكيلية بأرض المعارض بالجزيرة ( دار الأوبر الآن ) .. وكنت أثناء الأيام الأولى للمعرض مع العائلة في الأسكندرية لقضاء عطلة الصيف .. وعندما عدت إلى القاهرة ، خاطبني هاتف نفسي داخلي بزيارة المعرض .. وكانت مفاجأة كبيرو و سعيدة و لحظة لا يمكن أن أنساها طوال حياتي ، عندما وجدت لوحاتي معروضة بين لوحات عمالقة الفن التشكيلي في مصر .. وأسمي مدون و لوحاتي مطبوعة في كتالوج المعرض .. وحصولي على شهادة تقدير من وزير التقافة .. و أسرعت لأرى لوحاتي معروضة في مكان مميز للغاية في الصالة الكبرى .. والأنوار مُسلطة عليها .. و حول اللوحة العديد من النقاد و الصحفيين و محبي الفن التشكيلي .. الذين أحاطوني بالإشادة و الإعجاب و الأسئلة المحيرة أحياناً .. و المبهمة أحياناً أخرى .
حمدت الله كثيراً .. و تعلمت درساً هاماً في الحياة .. أن الخيرة فيما يختاره الله لنا .. و أن الله يوجهنا ( دون أن ندري ) إلى الصالح و النافع لنا ، ما دمنا نعيش و نعمل على طاعته و عبادته ..
تحياتي و شكري و تقديري .
د. ناصر شافعي