09 / 02 / 2008, 44 : 09 PM
|
رقم المشاركة : [1]
|
ضيف
|
مفهوم الكفاية
[align=right]
الكتابات التي ناقشت مشكلات المؤسسة التعليمية العربية(المغربية) كثيرة، و من منطلقات مختلفة، غير أننا لا نحتاج إلى عبقرية استثنائية لندرك أن العامل الموجه للجودة التربوية يكمن في تكوين المربي وفق مقاربات ترتكز على مظاهر واقعية. إذ أن التركيز على المعارف النظرية الجاهزة أكبر خطر يتهدد تحرير الفعل التربوي العربي(المغربي) و تكييفه مع مفاهيم العصر الحالي و في مقدمتها الثقافة الديمقراطية في شكلها الحقوقي. خلال العهد الماضي، اعتمدت الحكومة المغربية على نظرية التدريس بالأهداف طبقا لمنهج تدرجي صارم، إلا أن عملية الكشف عن منظومة الكفايات التي تحققت في فرنسا اجتذبت التربويين المغاربة فنادوا بتطبيقها عبر تحليل تغاضى عن الإختلافات الجسيمة في مجالات التجهيز و التراكم التكويني و رتبة فاعلية البحث العلمي، إنها كلها مقاييس تنشيء مشهد التناقض بين الإستيعاب المغربي لمستلزمات تشريع برنامج التدريس بالكفايات التي تبدأ بمفهوم:"الكفاية". تعني الكفاية تحديد المكتسب أو التمثل المعرفي و القدرة على الإبتكار داخله و خلق التشابه أو الإمتداد الغائي بين مكتسبين من علمين/مادتين دراسيتين يقول الإصطلاح باختلافهما، بهذا التعريف، في رأيي، لا تكون الكفاية إلا ترجمة تحليلية مقتضبة بيداغوجية للمفهوم النفسي و الظاهرة العلمية المحيرة:"الموهبة". قد عجزت العلوم الإنسانية المشهورة بعقلانيتها و من ضمنها علم التربية و تفرعاته عن تفسير:"الموهبة" باعتبارها فضاءات نشاط عقلاني، تماما، مثلما عجز العلم أمام نفس الموضوع. فهل من المنسجم و الممكن داخليا أن نعلم الموهبة؟ أم أن العجز عن فهم ظاهرة :"الموهبة" لا يمنع قدرة تدريسها؟ نفس السؤال يشمل الفعل التربوي إجمالا: هل هو قادر على ايصال وقائع(الموهبة واقعة) لم يتمكن من تمثلها؟. نعترف باختراق حالة الموهبة لمحيط الإستطاعة التفسيرية الشعورية، و بالتالي آلت إلى مرتع للمقاربات و النظريات بذريعة طبيعتها الفلسفية، فكيف نصدق احتمالية نجاحها داخل ما بات يعرف بالعملية التعليمية-التعلمية(الطالب يشارك المدرس في بناء الدرس). هذه العملية تتعلق باحتمالات عالية العطاء(الدولة، مبدئيا و ديمقراطيا، يجب أن ترى في الموهوبين ثروات وطنية للإستثمار دون تجريدهم من انتمائهم الإنساني، فهم ليسوا مقاولات أو كائنات اقتصادية) لكنها تمثل وضعيات استثنائية. مفارقة البنية المفاهيمية تعكس خلل التطبيق. الكفاية التي ترادف عملية محاورة الموهبة(باستحضار ظروف تطبيقها في المغرب) قدرة تحليلها الدراسة العقلانية، المستخلصة من العلوم الإنسانية، إلى منبع فوق موضوعي و توجد في مستوى الإضافة إلى المعرفة الإنسانية، و لا تفلح في ما غاير أرضيتها الحقيقية. لقد وضعت قسرا في مستوى أساليب تبليغ المعرفة. أما التجديد القائم على التلقي أولا، حسب المراد البيداغوجي العام، فيرتبط بظاهرة الميل، و التي يبينها الطالب في اهتمامه اللافت بتخصص/مادة دراسة. و تتميز حالة الكفاية باستعمال الطالب/الشخص لمسيرة فهم صادرة من اجتهاد ذاتي في مرحلة الإكتساب التي تمر في أغلب الأحيان تحت الرعاية القاسية للنظام الحكومي. و تكون النتيجة مرتفعة احتمال الحدوث ضياع الإنتقال الجمعي للموهبة. إن الحديث المسرف عن مخترع الكفايات بوصفه انجازا باهرا للعقل الأوروبي يتحاشى الأصل البسيط لهذا المخترع. فرغم توحيد منهجية التبليغ الصارم في منظومة التدريس بالأهداف، إلا أن المدرس يلجأ دائما إلى طرق أخرى لمعالجة انعدام التجاوب و الحوار بين معلومات الدرس و الطالب و هي المشكلة التي تحرمه من تطوير مستطاع تطبيق المقدرة النظرية. في هذه الحالة السلبية يتجلى مفعول التجهيز و التكوين و الإعداد من جانب المدرس و السلطة التربوية غير الكافية. لا أستهدف التفكير التربوي الأوروبي، إذ يعتبر مطلق المنظمة المتخلى عنها و المنظومة الحالية، لكننا يجب أن نفهم أن الفعل الإنساني لا يقبل التوجيه الدقيق في الموضوعات التربوية و التي يسبق فيها تطبيق المدرس البرهان النظري للعالم المتخصص في التربية و انقساماتها المعرفية. المشكل البنيوي المفاهيمي يفقد أهميته لدى ارتفاع التفوق التعليمي بالرغم من وجود خاصية الإنسجام العقلي الباطني التي يحققها، حتى أن من السهل أن نتخلص من المتاهة المفاهيمية باسترجاع قابلية تفنيد نظريات العلوم الإنسانية. و حين الإطمئنان إلى فعالية التعليم، فإن انهاء مشكلة التجهيز تؤول إلى ضرورة قصوى يجيز اشباعها استعمال العنف الرمزي كخيار أخير للتحرر من تأثيرات دعاة تنقية المفهوم، يصيرون أعراضا جانبية مؤقتة للترياق الناجع. بل إن خطاب تنقية المفهوم تزييف(تعدد المواقف). بيد أن حالات التعارض بين روح المفهوم و مادته تبرز في عالم يستفيد من الديمقراطية ككفاية/موهبة يملكها باستحقاقها المطلق الناس جميعا. [/align]
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|
|
|
|