[ايمن المغربي]

شكرا لك استاذتي الطيبة الاستاذة نصيرة ان فتحت لي هذه النافذة لكي اتحدث بثرثرتي المعهودة عن بلدي المحبوب
لقد تبين البعد الصوفي للانسان المغربي الى ابعد الحدود
تصوفه بدا في بعده عن حب الشهرة والفياش والتفاخر

كانت بيوته رغم جماليتها العالية في داخلها وزخرفتها كانت في ظاهرها لا تختلف البتة عن بعضها البعض
فلا تستطيع التفرقة بين قصر الوزير ورياض الامير وبين كوخ افقر فقير بفاس او مراكش او مكناس او طنجة او تطوان...
فاذا دنفت الى الداخل اكتشفت الفرق بين الجنةو القبو بين القصر والقبر
يظهر دلك في علماء المغر ب مثلا [وهنا انا اتكلم بلسان العتاب والنقد وليس بلسان المادح ]
وقد وضع العلامة المغربي عبد الله كنون رحمه الله يده على البعد الصوفي للاديب المغربي والعلامة المغربي والشاعر المغربي فكانوا على علو باعهم وكثرة تبحرهم بالعلوم لا يكادون يصدرون الكتب والدواوين والتصانيف الا في النادر فكان العلامة منهم ولتواضعه يكفتي بان يقوم بالشرح والتدييل ويلزمه تواضعه هذا منزلة تبعده عن الكتابة والتصنيف خوفا من ان يتهم بالفياش او التمظهر او اظهار ما لديه فاذا نقبت عنه في درسه وغزيز انتاج طلابه وفي طلابه انفهسم وفي النفحات القليلة التي جاءت عنه وجدت علما وفنا وشعرا كثرا
يظهر ذلك في مساجدهم وقد علم القاصي والداني ان معظم مساجد المغرب تحفة فنية في داخله لما فيه من صنعة وزركشة وزخرفة ودقة في الهندسة والمعمار بما يجع الجمال مع الجلال مع الفائدة وحسن الاستغلال ما لا نظير له في اكثر بلاد العالم لكن خارجه يكاد لا يختلف عن مجرد مربعات ومثلتات لا تكاد تفصل فيها بين الكبير والصغير القديم والحديث [الا ما يكون في النادر النادر]
يظهر ذلك في رجالاته انظر ليوسف بن تاشفين خليفة مرابطي عظيم.... ولكنه ما ان تمت له الفتوحات حتى ارسل الى خليفة المشرق ياتمر بامره على انه امير للمسلمين وليس اميرا للمؤمنين المشرقي الذي كان و كما قال النقاد السياسيون في حقه ساعتها

خليفة في قفص === بين وصيف وبغا
يقول ما قالا له=== كما تقول الببغا

ولا يختلف عبد المؤمن بن علي و المنصور الموحدي ولا يعقوب المنصور المرنيي ولا ابو العنان المريني ولا احمد الذهبي ولا سليمان العلوي ولا محمد الخامس ... عن يوسف بن تاشفين البتة

فلنعد الى اللباس المغربي لابين انه جزء لا يتجزا من المدنية =الحضارة= المغربية بكل تفاصيلها [سلاح لباس طعام موسيقى فن ادب سياسة معمار احتفالات علاقات ..]
فهو اعتمد منذ كان ذلك الطابع التصوفي الزهدي الذي يسكنه الاسلام حتى النخاع ويحوله الى بسيط المظهر عظيم المخبر... شاهق في العمق متواضع في الظاهر

اللباس المغربي جلباب صوفي في الغالب يلبسه كل الرجال لا تكاد تنظر من خلاله عن تفاصيل واضحة تبين لك الغني من الفقير الكبير من الصغير
لكن في داخله يكمن الفرق فتجد الالبسة التي تدل على الغنى او الفقر والمنزلة الاجتماعية في داخله [الجبادور القفطان المنصورية ...]
والجلباب المغربي من الروعة بما كان بحيث انه ساخن في ايام الشتاء بارد في ايام الصيف يسمح بالحركة ويشعر صاحبه بالحرية داخله
معتمد على السهل البسيط بحيث يمكن اللابس من الشعور بالابهة رغم بساطته ويشمل قبه والقب تشبيه بالقبة التي توضع للولي في كل بلاد المغرب ولهم احتفال باوليائهم بحيث ان علموا باحد موتاهم شيئا من الولاية او ظهرت عليه في حياته او مماته مظاهر الطهر او العلم او الشهادة... الا وبنوا له قبة لكي يتمثله الاحياء ويسيروا على نهجه وانما تعرف القرى في المغرب باسماء رجالها من الاولياء والشرفاء
وكذلك القب اي غطاء الراس وهو يختلف باختلاف لابسه فلاحا كان او عالما اماما او مؤذنا .... ولهم في حياكته شؤون الا اني لا انس ان ادكر بان هدا القب يمتلئ بالثمر والتين الجاف ليطعم الفقراء والاطفال الضغار وهو بذلك قطعة محبوبة من لابسه لانه يقيه الشتاء بالقر والشمس بالقر ومصدر فرح لكثير من الاطفال الذين يحاصرون الفقهاء والمشاييخ والاعمام والاخوال طمعا في ثمرهم وتينهم هههههههههههه

وبعد الجلباب اريد ان احدثك عن البلغة والبلغة نعل مغربية اصيلة مثلثة الشكل يختار الجلد الذي يصلح لها من بين اجزاء الجلد المدبوغة بدقة عالية والبلغة لها اسرار منها ما هو عسكري ومنها ماهو رياضي ومنها ما هو جمالي ومنها ماهو علمي ...

ولا اقل من الحديث عن اسمها فالبلغة من البلاغة والبلاغة بعضهم يراها غاية الكاتب والمغاربة يرونها وسيلة للوصول فهي تبلغ الماشي الى هدفه في المجلس وليست الاصل في اللباس بحث انه وكما ان البلاغة والمحسنات البديعية هي مجرد وسيلة للحديث فان البلغة تخلع عند الدخول الى المسجد والمجالس
ومرتديها للمشي يحسن به الا يسرع ولا يبطئ وانما يمشي مشية وسطية لانه ان اسرع خرجت من رجله فابطا وتاخر وان ابطء خرجت رجله منها

ثم اريد الحديث عن الطربوش المغربي وهو تحفة من تحف الشخصية المغربية والاصل انه تركي استقدمه السعديون في سفاراتهم الى الاستانة لكنهم اصبغوا عليه طابعا مغربيا فاسيا فاسيا يتمثل في لونه الاحمر القاني المعروف ليعاد تصديره من المغرب الى الاستانة وليحمل اسم فاس نعم مدينة فاس فهو يسمى بفاس هنا لا لكونه فاسيا ولكن لانه دبغ باللون الفاسي في دباغة الجلود وهو لون اختصت به فاس من دون كل العالم فسمي ذلك الطربوش التركي بالطربوش المغربي بالمشرق العربي مصر والشام وتسمى بالاستانة بفاس اي الطربوش المغربي لانهم يسمون المغرب فاس ولذلك حكاية اطول من الليل

هذا مما اختصرت به الحديث عن البعض من الالبسة المغربية

وسامحيني ان اطلت الحديث فكان غرضي ان ابسط بعض بعض ما ينبغي قوله عن اللباس المغربي والحضارة المغربية ولعل ما اغفلته اكثر بكثير مما قلته

ايمن الركراكي المغربي