عرض مشاركة واحدة
قديم 13 / 03 / 2010, 00 : 02 AM   رقم المشاركة : [1]
دكتور/ عادل محمد زيادة
دكتور الآثار الإسلامية بالمجلس الأعلى للآثار بالقاهرة

 الصورة الرمزية دكتور/ عادل محمد زيادة
 





دكتور/ عادل محمد زيادة is on a distinguished road

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: مصر

islam الفن الإسلامي بشمال أفريقيا

الفَنُّ الإسْلاَمِيُّ في شمال أفريقيِّا
منذ الفتح العربي حتى قيام الدولة الفاطمية
في ظل الأحداث السياسية والاجتماعية المضطربة التي عاشتها الدولة الفاطمية في شمال أفريقيا لم تكن هذه البلاد في نظر الفاطميين سوى همزة وصل للاستيلاء على مصر وانتقالهم إليها، وجاء الإنتاج الفني الفاطمي في تلك الحقبة والتي لم تتجاوز أربعة وستين عاماً ركيكاً ضعيفاً، فلم يهتموا بالنواحي الفنية في زخرفة مبانيهم التي أقاموها بالمهدية أو المنصورية كما تدل على ذلك بقايا بعض العمائر الدينية أو المدنية التي تخلفت عن هاتين المدينتين، وكل ما تدل عليه هو ما كان لهم من بُعد نظر في اختيار مواضع المدن . ومن المؤكد أن تركيزهم على تثبيت قواعد دولتهم سياسياً وتعميم مذهبهم الديني الوافد الجديد على تلك البلاد قد أدى إلى عدم اهتمامهم بالنواحي الفنية الزخرفية بتلك المنشآت، وكذلك انصرافهم إلى القضاء على القلاقل والثورات التي تعرضت لها دولتهم الناشئة من قِبل أهل هذه البلاد، وإن كانت عمائرهم الدينية والمتمثلة في مسجد المهدية قد اتُخذت أنموذجاً لتخطيط بعض المساجد التي شيدوها فيما بعد بعاصمتهم الجديدة القاهرة .
ولا يعني ذلك أن البلاد التونسية كانت مفتقدة للصُّنَّاع أو الفنانين الذين كانوا من المفروض أن يقوموا بالأعمال الفنية التي تميز العمائر الإسلامية وخاصة الدينية منها، فقد تَقَلَّب الفن الإسلامـي بشمال أفريقية في أدوار مختلفة تأثــر فيها بمؤثرات شتى، وخرج منها وله شخصية واضحة لا يختلف عليها مؤرخو الفن . فهناك دَوْرٌ أول يبدأ من عام 27هـ /647م إلى عام 184هـ / 801م عندما فتحها المسلمون في عهد عثمان بن عفان ثم أعادوا فتحها في عهد الدولة الأموية على يد عُقْبَة بن نافع الذي أسس مدينة القيروان وأقام بها مسجده الشهير بما احتواه من لمسات فنية زخرفية تخبرنا بما وصل إليه الفنانون المسلمون ومدى الرُّقِيّ الفني خلال ذلك الدور . وهناك دَوْرٌ ثانٍ يبدأ من عام 184هـ / 801م حتى عام 296هـ / 908م حكم البلاد التونسية في هذا الدَوْر أمراء بني الأَغْلَب، فارْتَقُوا بها درجة عالية من التقدم الفني والمادي تنطق بها تلك الآثار التي خَلَّفُوها وراءهم، والتي تكشف عن مدى ما بلغوه من الخبرة الواسعة في طرق البناء والتصميم، وتشهد كذلك بسُمُوِّ الذَّوْق الفني لديهم . فقد أسبغوا على كل من جامعي القيروان والزيتونة أثواب من الجمال الفني، ولم تقف عنايتهم عند حد تجديدهما ولكنها تعدتها إلى منشآت أخرى كثيرة من أهمها المسجد الجامع بسُوسَة ومسجد أبي فَتَاتة على خليج قابس، وأسوار المدن الساحلية في مدينتي سوسة وصفاقس .
ولاشك أن الجدل القائم منذ زمن بعيد بين مؤرخي الفنون حول الأصول التي تأسس عليها الفن المعماري الأغلبي سوف يتواصل طويلاً دون الوصول إلى إجابات مقنعة للجميع . لكن لا يستطيع أحد اليوم أن يُقلِّل من قيمة ذلك الفن أو أن يشكك في انفراده بطراز مميز وذاتية قوية . وليس هناك شيء من المبالغة إذا قلنا أن المدرسة الأغلبية هي التي وضعت الأسس لفنون العمارة والزخرفة بالبلاد التونسية وهي التي كانت همزة الوصل مع فنون العصور القديمة .

مدن تونسية لها تاريخ

القَيْرَوَان أو القَرَوَان مدينة أصيلة، أسسها عقبة بن نافع على بُعد ستة وثلاثين ميلاً من شاطئ البحر، ونحو مائة ميل من مدينة تونس، وهي تقع في سهل رملي قاحل . وكان هدفه من بنائها هو ضمان الأمن لجيشه وحرز الأموال التي غنمها أو جمعها من مدن أفريقية، وسوّر المدينة بسور من الآجر واختط بها جامعها المشهور، ثم أضحت مدينة عامرة سنة 55هـ . وكانت القيروان عاصمة للأغالبة في القرن الثالث الهجري/ التاسع عشر الميلادي، ثم صارت عاصمة الفاطميين إلى جانب المهدية .

مدينة سوسة مدينة كبيرة عتيقة بناها الرومان على ساحل البحر المتوسط على بعد مائة ميل من تونس العاصمة، اتخذها المسلمون قاعدة لنائب الوالي عندما ملكوها، وتحيط بالمدينة أسوار جميلة، وفيها قصبة كبيرة حصينة، وكانت المدينة قديماً عامرة متحضرة ذات منازل جميلة ما زال بعضها قائماً، وفيها أيضاً جامع في غاية الحسن هو جامع سوسة الكبير الذي يحتل جزيرة قرب باب البحر في الزاوية الشمالية الشرقية من المدينة .
مدينة سفاقس أو صفاقس مرفأ تونس على خليج قابس وهي تبعد عن تونس العاصمة بـ 270 كم ويقال لها مدينة الزيتون، وكان بها حمَّامات وفنادق وقصور وأربطة، أسسها الفينيقيون في ق9ق.م.، وهي مدينة كبيرة كانت محاطة بأسوار عالية متينة .

مصادر ومراجع

• البلاذري ( الإمام أحمد بن يحيى البغدادي )، فتوح البلدان ، القاهرة، الطبعة الأولى سنة 1901 .

• كريزويل، الآثار الإسلامية الأولى، نقله إلى العربية عبد الهادي عبلة، دار قتيبة للنشر – دمشق، الطبعة الأولى 1984.

• محمد عبد العزيز مرزوق، الفن الإسلامي في تونس، مقال بمجلة الهلال، الجزء الرابع من المجلد الحادي والخمسين، أكتوبر 1943.

• عبد العزيز الدولاتلي، الزيتونة عشرة قرون من الفن المعماري التونسي، وزارة الثقافة، المعهد الوطني للتراث بتونس 1990 .

نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
دكتور/ عادل محمد زيادة غير متصل   رد مع اقتباس