الأخت نظيرة تختوخ
الف تحية من الناصرة التي لا ابدلها بالعالم كله
صحيح ان ما تمثله الناصرة للعالم المسيحي كان وراء تخفيف غلوائية الفكر الصهيوني العرقي ، ولكن لا ننسى ان طبريا أيضا تشكل مساحة هامة في الفكر المسيحي ولم ينقذها من التدمير الكامل تقريبا أي شيء .
الناصرة أكثر حساسية ، ورؤيتي ان افتعال معركة دفاع فاشلة سلفا ، لمدينة الناصرة ، كانت ستعطي التبريرات الكاملة للفكر التطهيري العرقي الذي بدأ قبل قيام اسرائيل والعرب غارقون بسلطان النوم المتواصل حتى اليوم .
نفس الأمر مع قرى مسيحية في الشمال .. مثل اقرت وبرعم على حدود لبنان . لم تقاتل ، ولكن الجيش طلب خروج السكان لفترة اسبوعين بحجة المتسللين ، وانتقل الكثير من السكان الى مناطق الحدود اللبنانية ، وبعضهم نقلهم الجيش الى اماكن بعيدة فاجتازوا الاردن وصولا الى بيروت وعودة الى جنوب لبنان ليجتازوا الحدود الى وطنهم ، وعادوا ليجدوا قراهم قد هدمت بالقصف الجوي بدون اعتبار لموقف الكنيسة المسيحية والفاتيكان ، وخروجهم من قراهم كان بالاتفاق مع الجيش ، توجهوا لمحكمة العدل العليا في القدس التي أصدرات حكما يطالب الجيش باعادتهم الى قراهم ، ولكن قيادة الدولة وقادة مشروع التطهير العرقي تحايلوا على المحكمة بقوانين التفافية مثل مصادرة وزير المالية ، حسب صلاحيات منحها له قانون جديد .. للأرض لأهداف عامة .. وبذلك تتواصل حتى اليوم معركة اقرت وبرعم من أجل تنفيذ قرار المحكمة العليا الاسرائيلية نفسها ، وكل جبروت المسيحية في العالم لم ينتج منه اعادة ولو جزء من الأرض غير المستغلة من المستوطنات اليهودية التي اقيمت على اقسام كبيرة من اراضي القريتين .
لذلك سيدتي ، لم يكن العالم المسيحي او الاوروبي مستوعبا اللعبة التطهيرية الفاشية التي تنفذ، وقد طالب الين بابة نفسه تقديم زعماء التطهير العرقي اليهود الى محاكمة دولية .
تخيلي لو حدثت حركة دفاع عسكرية بفشك فاسد وقطع سلاح تالفة وغير مؤثرة امام جيش منظم ومسلح جيدا ويملك سلاح جو متطور أكثر من كل اسلحة الاستعراض العربية منذ ذلك الوقت المتأخر ..؟ هذا الى جانب ان الوحدة العسكرية للجيش العراقي انسحبت بحجة " موكو أوامر " ويقول كبار السن الواعين للأحداث ان قائد الفرقة كان عبد الكريم قاسم نفسه الذي اصبح رئيسا للعراق بعد انقلاب 14 تموز 1958
أي حركة دفاع كانت ستكون انتحارا مؤكدا وتدميرا للمدينة المقدسة للعالم المسيحي ، وستظل الناصرة المدينة المقدسة بكنائس مسيحية ، ولكن مدينة يهودية تماما كما هو الحال مع طبريا مثلا . وهل من فرق للسائح الذي سيزور كنيسة البشارة في الناصرة ان تكون الكنيسة في مدينة يهودية ؟ الا يزور طبريا ونهر الاردن ويتعمد في مياه الأردن قرب طبريا الخاضعة تماما لحكم دولة اليهود ؟
الا توفر له اسرائيل شروط سياحة افضل من اي دولة في العالم ؟
قامت قبل سنوات ضجة في اسرائيل حول هدم طبريا التاريخية المبرمج من الجيش ، وكان الصوت المنتقد عقلاني ، يقول بوضوح ان هدم اثارات تارخية هو جريمة بحق دولة اسرائيل اذ فقدنا بذلك اثارا سياحية هامة جدا..
هذا يكشف ان احتلال طبريا لم يوجب الهدم .. ولكن عدم الهدم يعني بقاء عرب...
من هنا سيدتي ارى حكمة رئيس بلدية الناصرة وصواب موقفه .. حقا موقف صعب ويتناقض مع المشاعر الانسانية وليس القومية فقط .. وفيه مهانة شخصية صعبة جدا ، ولكنه موقف بطولي في مفهوم انقاذ مدينة الناصرة وابقائها مدينة عربية ، تحولت اليوم الى عاصمة نضالية للجماهير العربية .