رد: الدين هو الصلاة : رسالة واجبة التبليغ
*** رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة ***
... إن الواجبات في الإسلام كثير , لكنها ليست على وزان واحد , فواجب دون واجب , فهناك الواجبات العامة وهناك الأركان الخمسة , التي هي أصول الواجبات الكبرى في الإسلام , والتي بها يكون الإنسان مسلما أو لا يكون . فعن ابن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" بني الإسلام على خمس , شهادة ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله , وإقام الصلاة ,وإيتاء الزكاة , وحج البيت وصوم رمضان " . ولكن هذه الأركان هي بذاتها مراتب , , فليست عبادة تقع من المؤمن مرة في السنة كالصيام والزكاة , أو مرة في العمر كالحج , كعبادة تقع منه يوميا , وعلى مدار الفلك , من الفجر إلى العشاء , فهذه فريضة ذات طبيعة أخرى . ولهذا جاء وجوبها في القرآن مقرونا بالإيمان في أغلب المواطن كما رأيت , إذ هي إن أقيمت على وجهها ضمنت من المؤمن أداء باقي الأركان , لما لها من تزكية رفيعة للنفس , ترفع العبد إلى مقام العبودية الكاملة بإذن الله .
ومن ثم وصفها النبي صلى الله عليه وسلم بأنها "عمود الإسلام " قال عليه الصلاة والسلام :" رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة ". والعمود عند العرب يطلق على الخشبة الضخمة أو العود الكبير الذي ترفع به الخيمة من الوسط . ولذلك يكون أقوى وأعظم وأطول , وبدونه لا يكون للخيمة انتصاب , فهو بمثابة السارية أو الأسطوانة المركزية في البناء , وهذا معنى قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه :"لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة ".
ثم إنه مما يلفت الإنتباه حقا أن كل أحكام الدين ــ عقيدة وشريعة ــ كان وحيا من عند الله , ينزل من السماء إلى الأرض بواسطة الملاك جبريل عليه السلام , إلا الصلاة , فقد كان لها امتياز أعلى , حيث فرضت أول ما فرضت ركعتين فقط لكل وقت , وذلك بالمنهج نفسه , وحيا من السماء إلى الأرض في السنة الأولى من تاريخ نزول القرآن , بل في الأشهر الأولى من بدء الوحي , كما سبق بيانه , ثم بعد ذلك جاء التشريع النهائي للصلاة في الصيغة الكاملة , باستدعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم شخصيا إلى السماء السابعة , ليتلقى أمرها من رب العالمين مباشرة , وذلك في ليلة الإسراء والمعراج العجيبة , وخلال المرحلة المكية ذاتها , فقد فرض الله على نبيه في السماء السابعة , وبغير واسطة الملاك جبريل عليه السلام , خمسين صلاة في كل يوم وليلة , ثم خففها سبحانه اختزالا في خمس , ثم قال في الحديث القدسي :" يا محمد , إنهن خمس صلوات كل يوم وليلة , بكل صلاة عشر , فذلك خمسون صلاة ". فأي فريضة هذه التي هي فضل كلها ؟ وإن عبادة فرضت في السماء من غير واسطة ملاك , لحرية بالإرتقاء صعدا بأهلها إلى مقامات السماء .
ومن هنا لم يزل القرآن الكريم يتنزل حضا وتأكيدا لهذه الفريضة العظمى في الإسلام , ويدعو إلى حفظها إقامة وتوقيتا وخضوعا وخشوعا , حتى إنها لا تكاد تخلو سورة من شأنها , أمرا وتوجيها وبيانا وتعليما , وترغيبا وترهيبا , حتى إن لك أن تقول : إن القضية الكبرى بالقرآن بعد الإيمان والتوحيد هي قضية الصلاة . قال تعالى :" إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا ".
يتبع ...
|