رد: اضمحلال الثقافة من مجتمعنا العربي - اضمحلال للمجتمع المدني !!
شكرا على التعقيبات ، عندما كتبت ما أفكر به لم أنطلق من رؤية ان ما أطرحه هو الحقيقة المطلقة. انما هي رؤية لها تبريراتها بالنسبة لي. وواضح ان مقال قصير لا يمكن ان يغطي موضوع يحتاج الى دراسة واسعة منهجية.
ما حاولته في هذه العجالة ان اعالج موضوع انهيار المجتمعات المدنية العربية او عدم نشوئها ، وعدم وجود ظروف فكرية تعطيها دفعة وحياة قادرة على التحول الى عامل مؤثر واساسي في الواقع العربي .
للتوضيح : رؤيتي ان الثقافة لا تشمل الابداع الأدبي فقط ، ولا الفنون فقط ، وان ألثقافة هي صيغة تشمل كل الابداع الاجتماعي للإنسان ، كل المنتوجات التي ينتجها المجتمع ، من الات وادوات مختلفة الى بناء صناعي وانتاج زراعي وتطوير علوم وتطبيقاتها العملية لما فيها سعادة الانسان وصحته ورفاهيته ، وحماية منجزاته وأمنه عبر قوانين اجتماعية متعددة ونظام حكم يضع الانسان في رأس سلم اهتمام المجتمع:" اي المجتمع في خدمة الانسان وليس الانسان في خدمة المجتمع " السبت لخدمة الانسان وليس الانسان لخدمة السبت" ، كما انتقد المسيح تجار الدين اليهود في الهيكل.
الموضوع ليس مواعظ قيلت .. نجد مليون قول رائع .. السؤال اين نقف نحن من التنفيذ؟ ما انجزنا لنساننا العربي ؟ اين وصلت دجولنا أوطاننا التي نحبها ونفديها بارواحنا؟
هل وطن هذا الذي تبنى فيه سجون اكثر من روضات أطفال؟
هل حضارة هذه التي تواصل التدحرج الى الخلف والعالم ينطلق بسرعة الصوت الى الأمام؟
هل من نظام عربي يطرح المجتمع في خدمة الانسان ؟ مثلما هو في الأنظمة الغربية كلها ، وحتى في اسرائيل المغتصبة لأرضنا؟
[gdwl]استاذ أيمن ركراكي أقتبس منك التالي : "ان تخلفك في السباق لا يعني انك ستصل متاخرا ولا انك ستخرج من الحلبة "
هذه المقولة تذكرني بنظرية ماو تسي تونغ ان الاستعمار هو نمر من ورق ، وتبين انه نمر من حديد وانهارت النمور الورقية في الصين وروسيا وصار نمر الورق سيد العالم بلا منازع .[/gdwl]
نظرت حولي فلم ار حضارة ، بحثت في كتب التاريخ العربي التي لا اثق بها بسبب الكثير من تناقضات وقصص أقرب للأساطير . رأيت الجانب الثقافي من فلسفة وفنون وآداب وترجمات هامة أثرت الفكر في العاصمة العباسية ، ونقلت هذه الترجمات لتنجز عبرها ومن خلال تطبيقها حضارات لم يكن للعرب فيها حصة.ابن رشد أثر على التنوير الأوروبي ولم يؤثر قيد انملة على انتاج تنوير عربي لنقول ان للعرب حضارة . ابن خلدون طرح نظريات تاريخية واجتماعية سابقا عصره ، تلقفها الغرب واستوعبها ونحن لم نحرك ساكنا حتى اليوم لنستفيد من تطبيقاتها .حتى فن العمارة لم ينفذ الا بأيدي واشراف عناصر غير عربية وغير مسلمة. ماذا قدمت الصحراء للدول التي خضعت للفتوحات الاسلامية؟
انا لا اتحدث عن الايمان ، اعذروني ، انما عن واقع ملموس . لم يحدث اي تقدم في الواقع العربي ، بل تخلف متواصل وبازدياد مريع .
ها هي الدول العربية والاسلامية امامكم ؟ هل من علوم ؟ هل من صناعات حديثة تنافس الأنتاج العالمي ؟ هل من مدارس تضاهي مستويات التعليم في سائر المعمورة المتطورة ؟ لماذا ملايين الطلاب بلا سقف تعليمي ؟ متى ستنتهي ظاهرة سكان المقابر ؟ متى نحل مشكلة الأطفال الشحادين ؟ هل من مؤسسات دولة مستقلة ؟
ربما يعتبر البعض ان 500 سنة عجاف من الأستعمار العثماني هو حضارة.
اتاتورك أنقد تركيا من التخلف العثماني ، ونحن ما نزال نحلم بحضارة لم تكن . اين هي الحضارة في واقعنا الحزين اليوم ؟ ماذا ينتج العالم العربي غير المزيد من الأفواه والجوع والزنازين ؟؟
لماذا تتكاثر وتتضخم أجهزة المخابرات ولا نرى زيادة في فرص العمل ؟ ماذا أنجزت المخابرات العربية ضد العدو الذي يدخل بيوتهم ويفعل بعرضهم وشرفهم ما يشاء؟
لست من مؤيدي حماس .. ولكن قتل المبحوح اثاراشمئزازي وقرفي من القصور العربي. ولو كتبت هذا الكلام في عاصمة عربية لأختفيت ل 20 سنة في زنزانة !!
هل من المنطق بقاء الأمية المرتفعة في العالم العربي وخاصة بين النساء؟
هل من المنطق وجود أكثر من 30 مليون عاطل عن العمل في العالم العربي والرقم سيتضاعف اذا لم توجد الحلول الإقتصادية السريعة ، وعلى رأسها ، حسب تقارير الأمم المتحدة ، انتاج 5 مليون فرصة عمل كل سنة . كم ننتج ؟ الفرص تتناقص !!
هل من المنطكق ان هذا "الشعب الحضاري " ب 350 مليون رقم لايملك قوة ليفرض على 5 مليون معتدي ومحتل شروطه للصلح ، وليس للتحرير ، يعطي فيها الدولة المحتلة تنازلات تكاد تمس بشرفه ؟ ومع ذلك ترد عليه ب "طز " مدوية.
لا اريد استعراض آلامي وغضبي من هذا الواقع .. ولكن اؤكد ، ان غياب المجتمع المدني العربي ، لم يكن بالصدفة ، بل لغياب حضارة في المفاهيم الحضارية التي تجعل من دولة فقيرة نسبيا ، ومستعمرة سابقة للعرب ، مثل اسبانيا ، دولة عصرية ، يصل انتاجها الاجمالي في السنة أكثر من انتاج كل دول العالم العربي .
ما هو السبب ؟
الواقع هو انعكاس للتاريخ . ربما نحتاج الى اعادة دراسة تاريخنا وتخليصة من الأساطير والأوهام
وواقعنا هو انعكاس لتاريخ مُدمّر ..
صحيح انه في الفترة العباسية خاصة فترة الرشيد والأمين والمأمون والانفتاح على الثقافات كلها والنهج الديني غير السلفي الذي ساد فترتهم ، فتح المجال امام غير المسلمين ايضا للمساهمة في انجاز ما نطلق عليه اليوم الحضارة العربية او الحضارة الاسلامية حيث تطورت الثقافة والعلوم والفنون ، ولا تنسوا ان الفنون مثل الموسيقى تعتبر زندقة حتى اليوم ومحرمة دينيا . ومع وصول المعتصم قام بحرق دار العلوم ، لسبب بسيط انها تتناقض مع الفكر الديني المتعصب الذي ميز عقيدة هذا الخليفة.. الذي تراجع عن نهج والده وعمه وجده .
هل يمكن تدمير حضارة ؟
لا . يمكن اضعافها . اذن كيف تلاشت واختفت الحضارة العربية الاسلامية؟
ولماذا لم يواصل العثمانيين تطوير الحضارة العربية او الاسلامية لا فرق ..؟
وكيف نفسر واقعنا المعاصر على هامش الحضارة العالمية ؟
كيف نفسر ان العالم العربي هو أقل دول العالم تطورا ونهضة اجتماعية حضارية ، "رغم تارخه الحضاري ؟ " ولا توجد ظاهرة واحدة لإمكانية احداث انطلاقة علمية اقتصادية تقنية ؟
كيف نفسر ان جامعاتنا في حضيض جامعات العالم ؟ كلها بعد ال 500 و ال 600 بينما المغتصبين في فلسطين في ال 100 الأوائل؟ هل تظنون ان ذلك لا يشير الى قوة ورفعة ومناعة وثراء مادي تفوقوا فيه على كل الدول العربية المحيطة بهم ؟؟؟
كيف نفسر ان العقول العربية لا تجد مساحة لممارسة أبحاثها في وطنها ومن أجل مصلحته وتطويره..؟ هل من يهمه هذا الأمر او ان توريث السلطة هو ما يشغل انظمتنا ؟؟
كيف نفسر ان العرب والمسلمين 1.5 مليار حصلوا خلال كل تارخ جائزة نوبل على 3 جوائز أي جائزة لكل 500 مليون بينما اليهود المضطهدين في اوروبا وامريكا قبل قيام اسرائيل وحتى بعدها حصلوا على 15 جائزة أي جائزة لكل 87 الف انسان ؟
هل هي حضارتنا السرية يا ترى ؟
لم أكتب لأني سعيد بهذا الواقع بل لأستفز العقول العربية وانبه الى خطر تحول العرب الى حثالة المجتمعات المتطورة . لا تحدثوني عن القداسة والايمان ، مللت هذه الصياغات التي لم تجلب الا المزيد من التخلف والضحك العالمي على عقولنا . القداسة ان نستفيد من عقائدنا في ان ننتج ونصدر ونصبح دولا تعلم أبنائها وتطور اقتصادها وعلومها وتقنياتها ومستوى حياة سكانها وتقلق لصحتهم وعندما يمرض رئيس يعالج في وطنه مثل سائر المواطنين ، ولا يهرب الى دولة راقية طبيا معلنا بشكل مباشر ان مستشفيات بلاده متخلفة وأطباء الوطن لا يصلحون للعلاج .والسؤال التلقائي ماذا فعل النظام ليجعل الطب في الوطن راقيا وقادرا على صيانة صحة المواطن البسيط وليس المواطن الأول فقط ؟
هل هذه هي ورثتنا الحضارية؟
القداسة ان تصبح جامعاتنا مصدرا للعلوم والأبحاث التي تساهم في تطور الاقتصاد والتقنيات وانتاج ما يحتاجة مجتمعنا .. والتحول الى منافسين في الجودة والتصدير العلمي والتكنلوجي والصناعي.. وتطوير السلاح والفكر العسكري اذا كان لا بد من ذلك .. حتى لا يتطاول أي دخيل على شرف وكرامة العالم العربي .
الأستاذان العزيزان
لكما رؤيتكما ، ويؤسفني ان الحقائق الجافة تنافي ما ذهبتما اليه.
بالطبع خلاف الرأي لا يفسد للود قضية ، وقد استفدت من طرحكما رغم خلافي العميق مع الكثير من التفاصيل. وكما تعلمان ، مسموح ان أشتم اسرائيل حتى وانا في اسرائيل ، ولكن الويل اذا تجرأت على نقد ما يظنه الملايين الحقيقة الوحيدة على الأرض.وآه لمصيبة الحقيقة التي فلسفيا لا يجوز الأخذ بها الا بالمفاهيم النسبية ، كيف صارت حقيقة مطلقة في الشرق ..
|