طلعت سقيرق
11/02/07 05 :47 05:47:09 PM
احتمالات طلعت سقيرق ترانيم لولادة متجددة
بقلم : غادة فطوم
هو الإنسان العربي مهزوم مأزوم، متعدد الشخصيات .يعيش حالة من الانفصام الذاتي والروحي. الاحتمالات كثيرة وواردة، لكن أن تصور شريحة كبيرة من المجتمع على مختلف عاداته ومعتقداته وبكامل فطريته وعفويته متعرضاً لضغط نفسي وعقلي، فهذا يعني أننا بدأنا نعي حقيقة بعيدة عن ذهننا، بأن كل مأزوم لا بد أن يخلق وينتج شيئاً ما ! وهذا الشيء إن لم يكن ايجابياً فهو بداية الطريق إلى الايجابية. الفحم الحجري يتعرض لضغط وحرارة كبيرة جداً ليتحول ماساً بالنهاية وهكذا الإنسان يجب أن يكون مأزوماً مقهوراً يعيش الضغط الجسدي والنفسي فيصبح ماساً فعالاً ومفيداً، فما الاحتمالات التي عرضها الكاتب طلعت سقيرق في احتمالاته؟ أو في مجموعته القصصية الصادرة عن اتحاد الكتاب العرب «احتمالات»؟؟.
حين يبدأ بـ«زهرة حب لنهار جديد» يكون قد لخص ونسق الحياة في زهرة فاحت بحب غسل روحنا وطهر ذاتنا وبعد أن ننتقل إلى «القبو» نجد أن الإنسان يضيع بين ذاته وطريقة تطبيقه للحياة اليومية أو أنه هائم على حقيقته ونفسه، وبالنهاية لا يصل إلى جواب مقنع يفهم منه لماذا كل هذه العشوائية في الحياة؟ وأي فلسفة أو منحى فلسفي يخرج مدرسة ذاته؟ سوى الهروب إلى ضوضاء الذات.. فماذا تريد يا عبد الرحمن؟ و(من هو عبد الرحمن)؟ هي أسئلة تكون على لسان الكاتب، الذي يحمل صفات ممن تحدث عنهم في احتمالاته ! والى أي قبو يهبط دون العثور على مسلك يصل إلى ذاك المكان البعيد؟ ففي هذه المعمعة يضيع عبد الرحمن بين درجات السلم والمطر الذي يطرق نافذة وعتمة روح لا تنتهي، فتجعل الإنسان ضعيفاً لدرجة أنه يقرر مصير حياته، ويزهق روحه وهو بكامل وعيه حين يغلق كل دروب الأمل لان يغير ما بداخله أو ما يحيط به (البواب أبو الرشيد: ان مصطفى المسعد المسعداوي كان رجلاً حقيقياً وإنساناً ذا قلب من ذهب... لكنه في الفترة الأخيرة أصبح كثير النسيان والشرود).
وحمد حمدان الطاوي أبو الريش هو الرجل نفسه ولكن بحالة أخرى من اللاوعي حين تضع كل ما في عقلك الباطني أمام الآخرين يسمونك بالجنون ولم يتساءل أحد من المحيطين ما سبب هذا الجنون ولماذا أوصله هذا الجنون لحالة الضياع هذه؟ وأي ضغوط نفسية تعرض لها؟ ليكون الجنون هو الحل الأمثل لشخص يتعرض للغرق في مجتمع لا يملك نقاوة الماء! وحين تضيع الملامح بعد أن تطحننا رحى الأيام.. ترى أي ملامح جديدة سنمتلك؟ ونجازف لأجلها وأي تفاصيل مبعثرة لأيامنا التي نتداولها مع اقرب الناس منا؟ فنفضل أن تمحو آثارنا حتى لو كان من يحيط بنا محتفظاً بذواكر تجعلنا لا ننسى أننا كنا هنا...
(مادام الرجل الذي تعرفين قد مات يا سيدتي كفى لا تقتربي من هذا الوجه صدقيني لست أنا من تبحثين عنه).
وهذا الوجود لن يقدم أو يؤخر شيئاً مادام الإنسان يقع في ثنايا الأرض متهالكاً من احباطات كثيرة، هل حين يشتعل الرأس جنوناً يكون الفرد قد وصل إلى حد الإشباع للمعاناة! أم هناك متابعة لتلك المسيرة؟ أيكون الموت قهراً هو السبيل الوحيد للتخلص من كل ما يدور ويلف حياتنا بكم هموم ومشاكل؟ .. والى أي مدى تسلل الكاتب طلعت محمود سقيرق داخل ذاتنا ليعبر عما نحمله من ضغط وضيق تنفس، وعما وصل إليه حالنا العربي؟. وكأن هذا الكاتب يمتلك جهازاً خاصاً يسجل تواتر الاهتزازات النفسية، فتارة تكون في ذروتها من الارتفاع وتارة في بئر منخفض لتدون خطا بيانياً تظهر من خلاله قوة الشدة النفسية وتواترها داخل خلايا وجسد هذا الإنسان العربي المأزوم وعشوائيته، وتتضح لنا صرخة الكاتب في كل قصة بما يجعل ذاته وكيانه داخل مكنونات كل شخص ليكون الخطاف الذي يرسم ذاك الخط البياني ويتضح ذلك من خلال الإشارة العاجلة: (نظراً للتطور الهائل في الاختراعات والتقنيات لذلك يطلب من المؤلف المدعو طلعت محمود سقيرق وحفاظاً على شعور وأحاسيس بعض الإخوة العرب، حذف الجمل والعبارات التي تمس مشاعرهم.. يرجى التنفيذ الفوري..).
لكن الرفض الذاتي الداخلي الذي يتوالد مع ذات الكاتب فلديه مهمة يأبى التخلي عنها. وهي أن تتضح القصة لتشكل انهزاماً داخلياً يخرج للناس إما بشكل سلبي أو ايجابي لهذا يكون هذا النداء صرخة في وجه كل الأقنعة التي يتم ارتداؤها وافتعال توازن داخلي نفتقده في زمان تقمص كل الأقنعة، لهذا علينا البحث عن ثقب صغير نتنفس من خلاله فيكون نداء المؤلف ورجاؤه نشر قصصه في مكان نقي لم يصب بالايدز الإسرائيلي معافى من كل تشوه.
إن التكنولوجيا الفضائية التي من خلالها يتسكع بيريز قائد الرحلات السياحية لبلادنا وجدت لقهرنا وذلنا حتى الفضاء الذي كنا نطمح أن نصل اليه بخيال فياض أصبح وسيلة لذلنا وقهرنا، من خلال تسلل أولمرت وعصابته وانتهاكهم حرمة مقهانا وقهوتنا الفضائية (كأنهم زرعوا هذه الأقمار الملعونة في رؤوسنا ، بيريز راح- نتنياهو جاء.. حتى الايدز حاولوا أن يهربوه إلى البلاد العربية)..
حتى حين نتمسك بالواقع أو ننسلخ عنه، هناك من يحاول أن يسيرك إلى ظروف لم تكن بالحسبان وإطارات متعددة حوصرت صورك من خلالها وإن لم يكن فأنت محكوم بسجن أبدي خلال مرحلة حياتك ضمن هذا الإطار لكن هل يمتد العمر بشواطئ حب لا نهاية لها حين تعقد العزم على أن تعرش داخل روحك أمسية لعزل من نوع خاص، تعطيك أملاً في الاستمرار رغم كل هذا النزيف الانهزامي الذي لا ينتهي، فتجد أنك محاصر في زمن متوقف بين عقربي ساعة أكلته خيوط العنكبوت وصدأ المعاناة (كنت معلقاً على الجدار بين عقربي ساعة تماماً، حشرت.. أمد أصابعي تمتد ينفلت ظلها إلى مالا نهاية في المسافة والمساحات.. اقبض على طرف خيط عنكبوت) أي حصار عفن هذا؟ وأي يأس وصلت إليه الشخصية العربية؟ حين تستنجد بخيط عنكبوت لينتشلنا من الهاوية والقبو المليء بالرطوبة والعفونة والى أي درجة يستطيع فيها الكاتب محاكاة الروح وتقمص الذات وأي تواصل لتلك الروح مع الفضاء السجين داخله..
وهناك على مسافة من الزمن الذي رفض أن يحدد بعقارب ساعة وأن يدون أي حدث لعبد الموجود والذي لا يزال يصر على وجوده على الرغم من محاربة ورفض كل من حوله، لا زال عبد الموجود يحلم بزمن تكون عقارب الوقت ملكه ويخلع خيوط العنكبوت الضاحك ويرمي رأس الجرذ بذاك الأمل البعيد الذي نصبه بين عينيه ويهزم السلحفاة التي راحت تنقر رأسه «يمد الجرذ رأسه ويضحك.. يضحك الشارع الخلفي تضحك خيوط العنكبوت .وكنت خارج عقارب الساعة تماماً انتظر».. ولا بد من الانتظار والتأهب للحدث الأهم في حياة يوسف يقظان الذي تحولت حياته لرعب حقيقي بعد أن تنبأ بقدوم جراد آدمي محدثاً دماراً سيأخذ كل شيء معه ،أحلامنا، آمالنا، وأرواحنا ! فهل نقف مكتوفي الأيدي ونصمت وننتظر أن يأخذنا ذاك الجراد في طريقه ويدمر كل شيء من حولنا، تاريخنا، ذكرياتنا، بيوتنا ونستمر في وجه هذا الحقد الذي سيحرق كل شيء! أم نشكل من الأطفال الملتفين حول يقظان الراوي جداراً يقف في وجه ذاك الجراد؟ وتكنولوجيا الفضاء وتكون رقصة يقظان الراوي آخر رقصة (زوربادية) لانهزامنا الداخلي وتخرج من وراء الأفق شمس فرحتنا تأبى أن نغط في نوم عميق إلا بعد غسل أرواحنا الصدئة (دخل يوسف يقظان الراوي كل المساحات..!! وكان السيف تحت قدميه يستقبل كل سخونة الدم!!).
ونقف «أمام الباب» لنجد المطر الدافئ قد ودعنا دون سابق إنذار وهجر طفولتنا وشبابنا وكهولتنا التي بقيت معلقة بين يديها وجرس الباب الذي رفض أن يستجيب لندائنا ويختم نشيج أسئلتنا بورقة صغيرة تعلق على ذاك الجدار، مكافأة لنهاية الخدمة!.
«على يسار الباب ورقة نعوة.. رغم العتمة والغبش كان الاسم واضحاً.. المرحومة..الباب.. أنا..» وتضيع الأنا بين زحمة الأفكار والطفولة والشباب وصوت أحب من خلق في الوجود لنجد هناك «الآخر» الذي ينتظر ويتابع خطواتنا، حركاتنا ليصفعنا بذرات لحياتنا اليومية التي تهالكت متمزقة، تعبة، من هذا الانفصام الروحي ليجد خطوات روحه تطرق على رأسه، يتوقف لا يستطيع متابعة المسير .يتوقف معه يستنجد بتوائمه التي تساير ظله فيتوحد الظل مع الروح. وهكذا نصل إلى حقيقة لم تغب أبداً عن ذهننا أننا مسيرون بكل ما نطمح إليه لا نمتلك روح الرفض نعيش شخصيات مختلفة متعددة مأمورة ننفذ دون أن نعي لماذا علينا القيام بهذه الأمور؟ سوى أننا محكومون مقيدون.
على ناصية أحداث احتمالات تتبعت رؤيا فلسفية من نوع خاص، محاكاة للروح لكن أيضاً من نوع خاص.. رفض كل ما نعانيه بصمت خاص...جداً جداً
وهكذا نجد أن الكاتب قد طرح فلسفة جديدة وكأنه أراد من كل هذا زلزلة كياننا وتفتيت صخرة كانت تقبع فوق صدورنا لا نستطيع زحزحتها، بل حولت إلى حصى نقتات به مجبرين.
ترى هل استطاع الكاتب طلعت سقيرق رسم شخصية الإنسان بكل انفعالاته؟؟ برأيي أنه رسم شعباً كاملاً من خلال توثيقه لمعاناته وأزمته.
هل استطاع أن يحرضنا على رفض كل هذا الغبش الذي يحيط بنا؟ وأن نحافظ على جمرة المقاومة لكل ما هو سلبي؟.... أظن أنه قد فعل.
طلعت سقيرق11/02/07 05 :51 05:51:49 PM
إعادة
●غادة فطوم
هو الإنسان العربي مهزوم مأزوم، متعدد الشخصيات .يعيش حالة من الانفصام الذاتي والروحي. الاحتمالات كثيرة وواردة، لكن أن تصور شريحة كبيرة من المجتمع على مختلف عاداته ومعتقداته وبكامل فطريته وعفويته متعرضاً لضغط نفسي وعقلي، فهذا يعني أننا بدأنا نعي حقيقة بعيدة عن ذهننا، بأن كل مأزوم لا بد أن يخلق وينتج شيئاً ما ! وهذا الشيء إن لم يكن ايجابياً فهو بداية الطريق إلى الايجابية. الفحم الحجري يتعرض لضغط وحرارة كبيرة جداً ليتحول ماساً بالنهاية وهكذا الإنسان يجب أن يكون مأزوماً مقهوراً يعيش الضغط الجسدي والنفسي فيصبح ماساً فعالاً ومفيداً، فما الاحتمالات التي عرضها الكاتب طلعت سقيرق في احتمالاته؟ أو في مجموعته القصصية الصادرة عن اتحاد الكتاب العرب «احتمالات»؟؟.
حين يبدأ بـ«زهرة حب لنهار جديد» يكون قد لخص ونسق الحياة في زهرة فاحت بحب غسل روحنا وطهر ذاتنا وبعد أن ننتقل إلى «القبو» نجد أن الإنسان يضيع بين ذاته وطريقة تطبيقه للحياة اليومية أو أنه هائم على حقيقته ونفسه، وبالنهاية لا يصل إلى جواب مقنع يفهم منه لماذا كل هذه العشوائية في الحياة؟ وأي فلسفة أو منحى فلسفي يخرج مدرسة ذاته؟ سوى الهروب إلى ضوضاء الذات.. فماذا تريد يا عبد الرحمن؟ و(من هو عبد الرحمن)؟ هي أسئلة تكون على لسان الكاتب، الذي يحمل صفات ممن تحدث عنهم في احتمالاته ! والى أي قبو يهبط دون العثور على مسلك يصل إلى ذاك المكان البعيد؟ ففي هذه المعمعة يضيع عبد الرحمن بين درجات السلم والمطر الذي يطرق نافذة وعتمة روح لا تنتهي، فتجعل الإنسان ضعيفاً لدرجة أنه يقرر مصير حياته، ويزهق روحه وهو بكامل وعيه حين يغلق كل دروب الأمل لان يغير ما بداخله أو ما يحيط به (البواب أبو الرشيد: ان مصطفى المسعد المسعداوي كان رجلاً حقيقياً وإنساناً ذا قلب من ذهب... لكنه في الفترة الأخيرة أصبح كثير النسيان والشرود).
وحمد حمدان الطاوي أبو الريش هو الرجل نفسه ولكن بحالة أخرى من اللاوعي حين تضع كل ما في عقلك الباطني أمام الآخرين يسمونك بالجنون ولم يتساءل أحد من المحيطين ما سبب هذا الجنون ولماذا أوصله هذا الجنون لحالة الضياع هذه؟ وأي ضغوط نفسية تعرض لها؟ ليكون الجنون هو الحل الأمثل لشخص يتعرض للغرق في مجتمع لا يملك نقاوة الماء! وحين تضيع الملامح بعد أن تطحننا رحى الأيام.. ترى أي ملامح جديدة سنمتلك؟ ونجازف لأجلها وأي تفاصيل مبعثرة لأيامنا التي نتداولها مع اقرب الناس منا؟ فنفضل أن تمحو آثارنا حتى لو كان من يحيط بنا محتفظاً بذواكر تجعلنا لا ننسى أننا كنا هنا...
(مادام الرجل الذي تعرفين قد مات يا سيدتي كفى لا تقتربي من هذا الوجه صدقيني لست أنا من تبحثين عنه).
وهذا الوجود لن يقدم أو يؤخر شيئاً مادام الإنسان يقع في ثنايا الأرض متهالكاً من احباطات كثيرة، هل حين يشتعل الرأس جنوناً يكون الفرد قد وصل إلى حد الإشباع للمعاناة! أم هناك متابعة لتلك المسيرة؟ أيكون الموت قهراً هو السبيل الوحيد للتخلص من كل ما يدور ويلف حياتنا بكم هموم ومشاكل؟ .. والى أي مدى تسلل الكاتب طلعت محمود سقيرق داخل ذاتنا ليعبر عما نحمله من ضغط وضيق تنفس، وعما وصل إليه حالنا العربي؟. وكأن هذا الكاتب يمتلك جهازاً خاصاً يسجل تواتر الاهتزازات النفسية، فتارة تكون في ذروتها من الارتفاع وتارة في بئر منخفض لتدون خطا بيانياً تظهر من خلاله قوة الشدة النفسية وتواترها داخل خلايا وجسد هذا الإنسان العربي المأزوم وعشوائيته، وتتضح لنا صرخة الكاتب في كل قصة بما يجعل ذاته وكيانه داخل مكنونات كل شخص ليكون الخطاف الذي يرسم ذاك الخط البياني ويتضح ذلك من خلال الإشارة العاجلة: (نظراً للتطور الهائل في الاختراعات والتقنيات لذلك يطلب من المؤلف المدعو طلعت محمود سقيرق وحفاظاً على شعور وأحاسيس بعض الإخوة العرب، حذف الجمل والعبارات التي تمس مشاعرهم.. يرجى التنفيذ الفوري..).
لكن الرفض الذاتي الداخلي الذي يتوالد مع ذات الكاتب فلديه مهمة يأبى التخلي عنها. وهي أن تتضح القصة لتشكل انهزاماً داخلياً يخرج للناس إما بشكل سلبي أو ايجابي لهذا يكون هذا النداء صرخة في وجه كل الأقنعة التي يتم ارتداؤها وافتعال توازن داخلي نفتقده في زمان تقمص كل الأقنعة، لهذا علينا البحث عن ثقب صغير نتنفس من خلاله فيكون نداء المؤلف ورجاؤه نشر قصصه في مكان نقي لم يصب بالايدز الإسرائيلي معافى من كل تشوه.
إن التكنولوجيا الفضائية التي من خلالها يتسكع بيريز قائد الرحلات السياحية لبلادنا وجدت لقهرنا وذلنا حتى الفضاء الذي كنا نطمح أن نصل اليه بخيال فياض أصبح وسيلة لذلنا وقهرنا، من خلال تسلل أولمرت وعصابته وانتهاكهم حرمة مقهانا وقهوتنا الفضائية (كأنهم زرعوا هذه الأقمار الملعونة في رؤوسنا ، بيريز راح- نتنياهو جاء.. حتى الايدز حاولوا أن يهربوه إلى البلاد العربية)..
حتى حين نتمسك بالواقع أو ننسلخ عنه، هناك من يحاول أن يسيرك إلى ظروف لم تكن بالحسبان وإطارات متعددة حوصرت صورك من خلالها وإن لم يكن فأنت محكوم بسجن أبدي خلال مرحلة حياتك ضمن هذا الإطار لكن هل يمتد العمر بشواطئ حب لا نهاية لها حين تعقد العزم على أن تعرش داخل روحك أمسية لعزل من نوع خاص، تعطيك أملاً في الاستمرار رغم كل هذا النزيف الانهزامي الذي لا ينتهي، فتجد أنك محاصر في زمن متوقف بين عقربي ساعة أكلته خيوط العنكبوت وصدأ المعاناة (كنت معلقاً على الجدار بين عقربي ساعة تماماً، حشرت.. أمد أصابعي تمتد ينفلت ظلها إلى مالا نهاية في المسافة والمساحات.. اقبض على طرف خيط عنكبوت) أي حصار عفن هذا؟ وأي يأس وصلت إليه الشخصية العربية؟ حين تستنجد بخيط عنكبوت لينتشلنا من الهاوية والقبو المليء بالرطوبة والعفونة والى أي درجة يستطيع فيها الكاتب محاكاة الروح وتقمص الذات وأي تواصل لتلك الروح مع الفضاء السجين داخله..
وهناك على مسافة من الزمن الذي رفض أن يحدد بعقارب ساعة وأن يدون أي حدث لعبد الموجود والذي لا يزال يصر على وجوده على الرغم من محاربة ورفض كل من حوله، لا زال عبد الموجود يحلم بزمن تكون عقارب الوقت ملكه ويخلع خيوط العنكبوت الضاحك ويرمي رأس الجرذ بذاك الأمل البعيد الذي نصبه بين عينيه ويهزم السلحفاة التي راحت تنقر رأسه «يمد الجرذ رأسه ويضحك.. يضحك الشارع الخلفي تضحك خيوط العنكبوت .وكنت خارج عقارب الساعة تماماً انتظر».. ولا بد من الانتظار والتأهب للحدث الأهم في حياة يوسف يقظان الذي تحولت حياته لرعب حقيقي بعد أن تنبأ بقدوم جراد آدمي محدثاً دماراً سيأخذ كل شيء معه ،أحلامنا، آمالنا، وأرواحنا ! فهل نقف مكتوفي الأيدي ونصمت وننتظر أن يأخذنا ذاك الجراد في طريقه ويدمر كل شيء من حولنا، تاريخنا، ذكرياتنا، بيوتنا ونستمر في وجه هذا الحقد الذي سيحرق كل شيء! أم نشكل من الأطفال الملتفين حول يقظان الراوي جداراً يقف في وجه ذاك الجراد؟ وتكنولوجيا الفضاء وتكون رقصة يقظان الراوي آخر رقصة (زوربادية) لانهزامنا الداخلي وتخرج من وراء الأفق شمس فرحتنا تأبى أن نغط في نوم عميق إلا بعد غسل أرواحنا الصدئة (دخل يوسف يقظان الراوي كل المساحات..!! وكان السيف تحت قدميه يستقبل كل سخونة الدم!!).
ونقف «أمام الباب» لنجد المطر الدافئ قد ودعنا دون سابق إنذار وهجر طفولتنا وشبابنا وكهولتنا التي بقيت معلقة بين يديها وجرس الباب الذي رفض أن يستجيب لندائنا ويختم نشيج أسئلتنا بورقة صغيرة تعلق على ذاك الجدار، مكافأة لنهاية الخدمة!.
«على يسار الباب ورقة نعوة.. رغم العتمة والغبش كان الاسم واضحاً.. المرحومة..الباب.. أنا..» وتضيع الأنا بين زحمة الأفكار والطفولة والشباب وصوت أحب من خلق في الوجود لنجد هناك «الآخر» الذي ينتظر ويتابع خطواتنا، حركاتنا ليصفعنا بذرات لحياتنا اليومية التي تهالكت متمزقة، تعبة، من هذا الانفصام الروحي ليجد خطوات روحه تطرق على رأسه، يتوقف لا يستطيع متابعة المسير .يتوقف معه يستنجد بتوائمه التي تساير ظله فيتوحد الظل مع الروح. وهكذا نصل إلى حقيقة لم تغب أبداً عن ذهننا أننا مسيرون بكل ما نطمح إليه لا نمتلك روح الرفض نعيش شخصيات مختلفة متعددة مأمورة ننفذ دون أن نعي لماذا علينا القيام بهذه الأمور؟ سوى أننا محكومون مقيدون.
على ناصية أحداث احتمالات تتبعت رؤيا فلسفية من نوع خاص، محاكاة للروح لكن أيضاً من نوع خاص.. رفض كل ما نعانيه بصمت خاص...جداً جداً
وهكذا نجد أن الكاتب قد طرح فلسفة جديدة وكأنه أراد من كل هذا زلزلة كياننا وتفتيت صخرة كانت تقبع فوق صدورنا لا نستطيع زحزحتها، بل حولت إلى حصى نقتات به مجبرين.
ترى هل استطاع الكاتب طلعت سقيرق رسم شخصية الإنسان بكل انفعالاته؟؟ برأيي أنه رسم شعباً كاملاً من خلال توثيقه لمعاناته وأزمته.
هل استطاع أن يحرضنا على رفض كل هذا الغبش الذي يحيط بنا؟ وأن نحافظ على جمرة المقاومة لكل ما هو سلبي؟.... أظن أنه قد فعل.
طلعت سقيرق11/02/07 05 :54 05:54:38 PM
الريشة والحلم للأديب طلعت سقيرق بقلم : محمد إبراهيم عياش
عنوان النص هو المفتاح الذي يمكن من خلاله الدخول إلى عالم النص وكشف أسراره وقد شبهوا النص بالجسد، وعنوانه الرأس.. لأن للعنوان وظيفة انفعالية ومرجعية.
وقد حدد جيرار جينيت للعنوان أربع وظائف، من هذه الوظائف: الوظيفة الدلالية الضمنية أو المصاحبة (الإيحائية). ورغم أن المؤلف حر في اختيار العنوان إلا انه خاضع لعدة معايير عليه الانتباه إليها والأخذ بها، لأن للعنوان علامة بارزة في تحديد النص، وأمام هذا العنوان (الريشة والحلم) لمجموعة الأديب طلعت سقيرق الصادرة عن اتحاد الكتاب العرب بدمشق، وجدت نفسي أقرأ المجموعة، وبعد قراءتها تفتحت شهوة الكتابة أمام عيني، ودخلت إلى أعماق روحي مسألة الأمل والتفاؤل، والتمسك بالحلم الذي يصير حقيقة.
لم تأتني الشهوة فجأة وبدون مقدمات، ولم يكن بيني وبين الحلم عهداً أو رباط مساءلة، لقد كانت مدن الأحلام والورود تتفتح أمامي أكثر، وتزهو بألوانها، وكأنها هي أيضا تحلم وتعيش في ربيع دائم، ولكنه من نوع آخر.
هذا هو الربيع الذي لا ينبت إلا الورد الأحمر، ولا يتعامل إلا مع الحجر والأخذ والرد. فالعلم الذي حاول جنود الاحتلال إسقاطه، وقد فجروا جميع البالونات التي تحمله يتحول إلى نسر، والبحر الذي يحاول أن يغمض عينيه وينام، يراه من خلال عيني زوجته يزداد اتساعاً وامتداداً ليهيج من جديد كلما هدأت العاصفة، والمعتصم الذي يملأ شوارع المخيم حيوية واندفاعاً تسكن روحه روح المعتصم الذي لبى نداء المرأة عندما صاحت: (وامعتصماه).
والمبروك ذلك الرجل الذي كان يرى بمنظاره الخاص تفاصيل الأحداث، ويراقب من بعيد (بلد الشيخ)، ليرى ست الكل التي رفضت أن تترك بلدتها، وتموت هناك وتدفن قريباً من قبر الشيخ عز الدين القسام رمز الجهاد وشعلة الأمل الذي لابد أن يترك حفيداً بل أحفاداً يرون الحياة بمنظار واسع، حيث تزهر الأغصان وتثمر وتعانق الشمس من جديد.
طلعت سقيرق11/02/07 05 :55 05:55:57 PMالريشة والحلم / بقية
وبفتح صفحة أخرى جديدة على قصة عصفور (لابد أن يعود إلى عشه، ومع انتقال العصفور، كان في كل صباح يسقي شجرة الحياة والعودة، ليكون في نهاية المطاف الخيمة التي تحمي طفل المستقبل. ويرحل عبد الرحمن الذي كان يحب أن يسمى جداً لجميع الأطفال، ليحل مكانه الطفل الذي تابع سقاية الشجرة وهو يقول (لابد للغائب أن يعود).
ومع الريشة والحلم يدخل الأديب سقيرق إلى الفضاء الواسع الذي أحبه ويتعامل مع الطبيعة التي لابد أن تصبح جميلة، ولابد أن يجعل منها لوحة تتسع وتضم كل الأشياء فها هو يرسم صوت زوجته، وبحتها القديمة التي تعيده إلى أيام حبهما الأول، صوت الزوجة المتدرج أمامه والذي يعود به إلى أيام الحب والدفء والحنان. كان ذلك المنظر الجميل الذي تخيله ورسمه بريشته وبأدق التفاصيل التي جعلت من الحجر شظايا تتطاير في كل مكان، وتلاحق جنود الاحتلال.
ذلك الحجر الذي شق ظلمة الليل، بعد أن سقط حامل الحجر شهيداً. وكانت آخر كلماته قبل أن يموت (تحيا فلسطين)، (تحيا الانتفاضة)، ولم ينس أديبنا طلعت سقيرق المرأة الفلسطينية ونضالها، فها هي بنت المخيم سعدية تشارك في الانتفاضة، وترفع العلم بعد أن خلصته من جنود الاحتلال الذين رشقوها بعدة طلقات وتضرجت بدمائها، ولكن روحها وألم الانتصار فيها لن يموت، لقد انتقلت روحها إلى مخيم آخر لتتابع الجهاد والانتفاضة.
يعود طلعت ثانية، ويذكرنا بمجزرة الحرم الإبراهيمي الشريف، فصلاة الفجر معلقة بسجود المصلين، هكذا أرادها بعد أن ارتفع صوت المؤذن شجرة خضراء في القلب والشريان. الدم في كل مكان. فالشوارع تخلع ثيابها، وتحمل الجرحى وتركض. ورقة التقويم التي تحمل الرقم (15 رمضان 1414هـ 25 شباط 1994م) تحولت وأخذت شكل شجرة ذات أغصان كثيرة، كل غصن يحمل عدة وجوه، إنه اليوم المشئوم الذي انطبع على كل أوراق التقويم، اليوم الذي أضافه الاحتلال إلى مسلسل إجرامه –ودمويته- المستمر الذي لم ينقطع. ولكن وبلحظة أمل وبارقة صباح متجدد ومع ارتفاع العلم المخضب بالدم، وانبثاق الصبح الأحمر، تزحف المدن كلها إلى مدينة خليل الرحمن لتمسح الدمعة بيد وتحمل باليد الأخرى حجر الإصرار والصمود، أمام الدرع والدبابة.
وبعد مسلسل القصص تلك والتي تتحدث عن الأرض والإنسان، يأتي اللقاء، ولكنه لقاء من نوع آخر، فالراحل لابد أن يعود، هكذا تقول وعد، ووعد لابد أن تنتظره نعم فما زال عبد الرحيم يحلم ويأمل بالعودة ليتم اللقاء الذي مضى عليه سنوات، فها هو يراها بقلبه، وقد حملت الحجارة كغيرها، لمطاردة جنود الاحتلال.
رسالة من وعد إلى عبد الرحيم ربطتها حول الحجر وقذفت بها وجه الجندي الذي رد عليها برصاصات استقرت في جسدها، رحلت وهي تقول: بالله عليك قل له: إنني انتظرته إلى آخر لحظة، وبالمقابل كان كتب على الورقة البيضاء (ما زلت أنتظر).
وأما الهدية التي قدمها منصور والذي استطاع أن ينتقم لوالده الشهيد فهي أيضا هدية متميزة تعني لدى كل الاستشهاديين أن الموت في سبيل الوطن رخيص وإن كان ثمنه كبيراً وباهظاً، فالدم لا يغسله إلى الدم، والجرح لا يضمد إلا بالجرح.
وأما المفتاح الذي ما زال يرافق أبا الربيع فيعني التمسك بالبيت وبالأرض، وبالحنين لكل حبة تراب من تراب الوطن، المفتاح الذي بقي رمزاً لأمل الرجوع، وها هو يتفرغ للأعمال الجهادية، ليعود أخيراً مضرجاً بدمائه، والابتسامة لم تفارق شفتي الحلم الذي رسمه على المفتاح.
وما يزال الأمل يتراقص أمام عيني طلعت الذي تمثل الآن بالطريق الذي سلكه عبد الفتاح والذي كان يناقض بآرائه كل الآراء، ليصنع في مخيلته بل في وجدانه الطريق الذي يسلكه للوصول إلى البلدة المسيجة بالجنود وحقول الألغام. فكل أهل المخيم يتكلمون عن عبد الفتاح الذي ربما.. أو.. ولكن الصورة تنتقل إلى الطفل الذي مازال في عمر الزهور والذي في لحظة حب دافئة: ظن أنه يعرف عبد الفتاح تمام المعرفة فها هو يراه قد وصل إلى هناك ليعيد ترتيب البيت، وتعود حالة الأمل والإصرار إلى ذاكرة ذلك الولد الذي أخذ يمد خطواته على الأرصفة والشوارع والدروب.
أما الذكريات، وما فعله أبو العبد وأبو منصور وأبو يوسف وأبو إبراهيم، وهم ملتفون حول فناجين القهوة، فكل واحد يريد أن يثبت للآخرين حبه للوطن وتمسكه بالذكريات هناك على ارض حيفا ويافا وعلى امتداد السهل والساحل.
وتمر الساعات وينظر في فنجان القهوة ليرى صورة البيت والشجرة والشارع، ويرتفع صوته من جديد.. أمامك طريق يمتد.. أمامك وطن.. أمامك بيت.. حق يختنق صوته بالدموع التي أزاحها صياح الزوجة، لتنهمر دموعه من جديد. أما الانتفاضة التي تولد مع ولادة كل طفل، ولم تكن ولادتها صدفة، ولم تكن مجرد عمل للتسلية، فهي الأمل المرتجى عند كل إنسان هجر من بيته ووطنه، إنها الحياة الثانية التي غرسها الآباء في ضمائر الأبناء منذ ولادتهم، بل هي الهاجس عند كل واحد وقبل ولادة الطفل الذي لابد أن يستمر في مقارعة الأعداء حتى يتحقق النصر ويعود الحق إلى أصحابه وذلك كله مع الاستمرار في الحياة (حمل الصغير بين يديه، قذفه في الهواء.. ضمه في الهواء.. ضمه إلى صدره، بعد أن تلقاه بحب كبير).
ومع كل حركة نرى الارتباط والتمسك بالوطن الذي لا بديل عنه،فها هي سهاد تجمع صوراً لمدينة في الذاكرة، خمس وأربعون صورة، وحصان ابيض يطير، وما بين الحلم واليقظة ترى مدينتها ما تزال حية قائمة ولم تمت بعد، ولكن الطريق طويل، ولابد من تعبيده بالدم والنار والبارود، لتبقى مدينة الحلم حية، وتعود مع الحلم الجميل ومعها آخر صورة للمدينة.
وأما العهد الذي قطعه أمجد على نفسه ألا يتزوج إلا من فاطمة بنت مخيم الدهيشة رغم التأكد من استشهاده، والأمر الأهم الذي نراه في (العهد) الدقائق الخمس التي خصصها ذلك المعلم قبل بداية كل درس، ليبقى الوطن في ذهن الأطفال والكبار يشربونه مع الماء، ويتنفسونه مع الهواء، في كل وقت وحين.
أما فاطمة.. الأرض التي لم تمت ولن تموت والتي كانت رئة القصة وحديث طلعت سقيرق، لأن فاطمة أصبحت عشيقة للجميع، ورمزاً لكل انتفاضة، وطريقاً لكل عملية استشهادية.
ورائحة البرتقال التي يريد (أبو الخير) أن تكون الأخيرة فيما يستنشقه من هواء الحياة، كيف لا وهي ما تزال تصعد وتهبط معه وهو يردد: «لماذا علي أن أموت بعيداً عن البيت والشارع والبيارة» وكان يقول بعد العودة من كل عملية فدائية: (الموت بعيداً عن ارض فلسطين موتان) وعندما شعر بنهاية أجله فتح باب البيت وخرج. (سحب إلى رئتيه كمية من الهواء.. صاح ببهجة، والله إنني أشم رائحة البرتقال).
ضحك وضحك الجميع ضاقت الأنفاس.. أغمض عينيه.. وارتمى..
رحل.. وارتحلت معه أم الخير ليتجولا في أحد الشوارع معا كما التقيا أول مرة.. وفي اللثام تظهر عائشة، والتي هي من نوع آخر. انها تريد أن تشارك وتتعلم وتعمل إلى جانبهم. لقد كانت تميل إلى أحمد ذلك الشاب الذي لمع اسمه في المخيم، تريد أن تكون معه لأنها كانت ترى في عينيه أروع الصور عن وطن يطلع مطرزاً بشمس الحرية. عائشة كانت تغار من وعد، وتريد أن تقوم بعمل ما، لأن (وعد) تعمل مع المقاومة وأصبحت معروفة من الجميع، وهي صاحبة اللثام التي يخافها جنود الاحتلال فما كان من عائشة إلا طريق واحدة وهي أن تلبس لباس وعد، ولثام وعد، وبذلك تشارك الرجال بمقاومة ومقارعة جنود الاحتلال.
ولماذا أشياء لا تحكى أقول: إنها تحكى ويجب أن تبقى رمزاً لكل نضال ومقاومة، فها هو يطبع وجهه على الزجاج ليمرر الشارع والناس من تحت ناظريه منتظراً الأمل الكبير، والوعد الذي قطعه على نفسه قبل الإصابة، أن يكون شيئاً، ويعمل شيئاً، وما أحلاه من أمل، أن ينتظر الوقت الذي سيطوف فيه في شوارع فلسطين حاملاً حبه وأمله (ربما) والولد الذي لم يتجاوز العاشرة بعد. ليس غريباً أن يكون من رؤوس المقاومة. كيف لا وهي ثورة أطفال الحجارة وانتفاضتهم، الأطفال الذين أخافوا الاحتلال الذي أصبح يرى فيهم الأسطورة.
والولد الذي فعلها هو نفسه الولد الذي تراه أمامك، وفي كل بيت، وفي كل مدرسة، وشارع، لا فرق بين هذا وذلك، فهو الشعب وهو الصبي وهو المقاوم الذي تراه وتعرفه من دون أن ترى صورة وجهه وجسده، تعرفه بداخلك وبداخل كل عربي يريد أن يعرف ماذا فعل الولد؟ الولد الذي يحمل قصة وقضية كل شعب فلسطين حتى تتحرر من المعتدين، ويعود أصحاب الحق إلى أرضهم منتصرين.
وصباح الوطن الكبير الذي حفظ في بطن التفاحة والبرتقالة والقصيدة، والقصة.
صباح الوطن الكبير الذي جعله طلعت سقيرق أملا يرقص في كل شارع وواجهة لكل مقاوم وصورة صدق عند كل من يفكر بالعودة، ويكره الاحتلال والمحتلين الذين ما تركوا بيتاً في فلسطين إلا واستأصلوا منه شهيداً أو أكثر. لقد انطق القاص الشهيد وجعله بين الناس يقص عليهم ما رأى، ليعرج إلى السلام المزعوم الزائف الذي يتنادون به ولابد من التركيز حول بل على شيء واحد أراد أن يقوله القاص طلعت: (إن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة).
وفي نهاية مجموعته (الريشة والحلم) لابد أن يعرج إلى عكا البلد الذي أحبه أحمد المحمود (ابو الشوق). أبو الشوق هذا أحب زوجته كثيراً، ولكنه أحب عكا أكثر. لم ينس أبو الشوق زوجته التي بقيت في عكا. ربما ماتت هي والأولاد، كان يهاجر إليها بروحه ويداعبها ويجلس معها. لقد سار على قدميه (وحين اقترب من الحدود البعيدة، اندلق مثل طفل، واخذ يبكي.. يمرغ وجهه بالتراب ويبكي) وفي النهاية وحين شعر بقرب الأجل تخيل (أن المسافات تنفلت تحت قدميه، يدخل إلى بيته في عكا بهدوء.. ويجلس فتجلس إلى جانبه، ويرفع يده، ويبرم شاربيه. يضحك فتضحك.. تمشي فيمشي خلفها بهدوء ووقار).
وهكذا كانت.. مجموعة راحلة تتهدج في الليل، وتتابع سيرها في النهار، من مخيم إلى مخيم، ومن مدينة إلى مدينة، ومن بلدة إلى بلدة، ومن شارع إلى شارع.
لقد انفلت الجرح الفلسطيني من قلم طلعت سقيرق ليرسم أحلى الصور، ويتعامل مع الأهل والأحباب هناك في الأرض المحتلة المغتصبة الجريحة التي تئن ليل نهار منتظرة النصر.
لقد أوصل الأديب طلعت سقيرق ما أراده إلى القارئ بيسر وسهولة.. كلمات سهلة بسيطة تتناسب مع الأحداث التي تطرق إليها القاص.
الرحلة الشاقة مع القلم والذي أراد منه أن يوصل صوته إلى كل إنسان، وعلى جميع المستويات الثقافية لأنه يتعامل مع الحدث أكثر مما يتعامل مع التنميق والزخرفة اللفظية الزائدة، لذلك جاءت قصصه والتي لا تزيد كل واحدة منها عن ثلاث صفحات من الحجم المتوسط، لتشهد لذلك الأديب ببراعته والتقاطه الصورة التي خاضها وزيادة على ذلك التزام القاص بقضايا أمته قضايا الساعة التي توضحت صورتها في مجموعته التي نحن في صددها (الريشة والحلم).
هدى الخطيب12/02/07 05 :35 05:35:38 AM
مداخلات لم ترد الإجابة عليها
أستاذي الكريم و شاعرنا المبدع طلعت سقيرق تحياتي..
لاحظت الليلة أثناء مراجعتي للحوار كاملاً أنّ لدينا عدد من المداخلات في الصفحة الرابعة لم تحظ بالأجوبة سأوردها مجدداً بالترتيب
و للتنويه هذا يقع على عاتقي من حيث الخطأ في حفظ الأسئلة أثناء فترة الانقطاع فأرجو المعذرة منك و من السيّدات و السادة الكرام:
الأستاذ أسامة طلفاح، الدكتورة زاهية مستجاب ، السيّدة نبيلة محمد علي ، الأستاذ راشد منصور
- اسامه طلفاح
الأستاذ العزيز طلعت حوار جميل و مميز و رائع و لدي بعض الأسئلة أطرحها عليك
ما هو بنظرك الفرق بين اسم الشاعر اليوم و الأمس ؟
متى تشعر أنك على وشك كتابة الشعر ؟
و ما هو دور المثقف العربي في خضّم ما تعيشه أمتنا الآن
- الدكتورة زاهية مستجاب
السطر الواحد
كل التحية والحب
في إجابتك للأديبة هدى الخطيب تقول :" قصيدة السطر الواحد أو القصيدة المدورة تشبه في تدحرجها كرة الثلج التي تبدأ صغيرة وتنتهي كبيرة جميلة .. ميزة هذه القصيدة يا سيدتي أنها تلغي الفواصل والنقاط وكل علامات الترقيم وتعتمد التفعيلة التي تنسحب من بداية القصيدة حتى نهايتها ، وأرى أن هذه القصيدة هي الأقدر على قياس إحساسات الشاعر لأنه لا يستطيع اخذ أي نفس ولا يستطيع التوقف ليفكر ويرتاح كما في بقية القصائد .. في القصيدة العمودية يقف في نهاية البيت فيكون أمامه فرصة ليفكر ويرتاح ، كذلك في التفعيلة وقصيدة النثر .. فهناك نهاية مقطع يقف الشاعر عندها .. هنا لا مجال للتوقف مما يجعل الشاعر منفتحا بشكل مطلق على مشاعره كما قلت وصادقا دون حد .. " هنا يا سيدي تضع ما يشبه المعمار الجديد لدراسة القصيدة نفسيا وبنيويا وفنيا .. ما رأيك ؟؟.. بصراحة لقد أخذت بهذا التعريف ...رجاء التوضيح أكثر إن أمكن في معمار هذه القصيدة ..
د.زاهية مستجاب
- السيدة نبيلة محمد علي
بين القديم والجديد
الشاعر طلعت سقيرق كل الحب والتحية والسلام
• تتحدث الآن عن شعر الغزل بصورة تضع الأنثى إلى جانب الرجل دون أن تنظر إليها نظرة جنسية فقط .. بصراحة هل كان هذا موجودا في دواوينك الأولى ؟؟..
-الأستاذ راشد منصور
السلام عليكم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
منذ فترة وأنا أطلع على جديدك الشعري وأرى بالفعل انه يختلف عن أي شعر آخر من خلال أسلوبية التدفق إن صح التعبير .. ألا يقودك هذا إلى ضرورة كتابة المسرحية الشعرية ؟؟..[/COLOR]
مستجاب12/02/07 06 :38 06:38:53 AM
أنت والأنثى
الشاعر المبدع طلعت سقيرق لي سؤال أرجو أن تعطيه القليل من اهتمامك وتتوسع بالإجابة عنه إن سمحت : ما هي مواصفات الأنثى التي تعطي الشاعر طلعت سقيرق زاده في الحب ولا تجعله مصرا على التنقل ؟؟.. هل هي في حياتك الآن ؟؟..
دعاء محمد12/02/07 06 :54 06:54:06 AM
السطر
الشاعر الأديب القاص طلعت سقيرق
أين متابعتك للنص المكتوب على طريقة السطر .. هل اعتبرت ما وصلت إليه في " خذي دحرجات الغيوم " اكتمالا للتجربة ؟؟..
دعاء محمد12/02/07 07 :00 07:00:09 AM
القصة
تكتب القصة القصيرة جدا وتعتبر من روادها .. صراحة ما رأيك بما بكتب الآن ؟؟.. ليتك تورد شيئا من نصوصك في هذا المجال ..
دعاء محمد12/02/07 07 :01 07:01:50 AM
النقنيات
الشاعر طلعت سقيرق عذرا للإطالة ..هل تجد اختلافا في التقنيات التي تاخذها القصة الصيرة جدا عن القصة القصيرة ؟؟..
دعاء محمد12/02/07 07 :03 07:03:21 AM
والشعر
هل نستطيع أن نعمم فنقول قصيدة قصيرة جدا ؟؟.. طيعا هناك نماذج كثيرة حتى في شعرك ..