نقاط الأختلاف بين أرسطو وابن سينا في نظريات علم النفس ..
1 . علاقة النفس بالجسم
من بين المواضع التي يختلف فيها ارسطو عن ابن سينا اختلافا اساسا هو كيفية ارتباط النفس بالجسم . يرى ارسطو ان تركيب النفس مع الجسم هو من نوع تركيب المادة بالصورة، و لذلك فلا يمكن ابدا اعتبار النفس و الجسم شيئين مستقلين بعض عن بعض، بل يجب اعتبارهما وجهين لكائن واحد . و من هنا يتضح ان انفصال النفس عن الجسم امر غير ممكن، و ذلك لان كل صورة تؤلف مع المادة القريبة منها شيئا واحدا . فالمادة تمثل جانب القوة و الصورة تمثل الحيثية الفعلية لذلك الشيء . و على هذا الاساس لايرى ارسطو اي معنى في البحث في كيفية اتحاد النفس مع الجسم، بمثلما انه لامعنى للكلام في الشمع والرسم المنقوش فوقه . وعلى العموم، لاكلام في مادة شيء معين و ما تعوداليه هذه المادة .
الامر الآخرالذي يجب الالتفات اليه هنا هو انه عند طرح السؤال التالي: هلللنفس صفات و افعال خاصة بها، ام ان جميع حالات النفس تخص كائنا حيا مركبا من النفس و الجسم؟ يختار ارسطو الشق الثاني من السؤال، لان النفس: في نظره، ليست مستقلة عنالجسم . ان مجرد طرح هذا البحث ضمن العلوم الطبيعية يعني ان هذا الكائن المركب من النفس و الجسم انما هو نوع من انواع الجسم الطبيعي .
و تاسيسا على ذلك، يرى ارسطو ان النفس و الجسم كلاهما يولدان معا و كلاهما يفنيان معا .
و لكن النفس، عند ابن سينا، جوهر مجرد من المادة ذاتيا، و لكنها مرتبطة بالجسم في الوقت نفسه، و تؤثر فيه و تتاثر به . العلاقة بين النفس و الجسم عند ابن سينا اشبه بالعلاقة بين الربان و السفينة، فهو في الوقت الذي يكون فيه مستقلا عنها يعد كمالا لها من حيث انه ملزم بادارتها و قيادتها و صيانتها . و هكذا فان النفس و ان كان حدوثها و ظهورها يتوقفان، في نظر ابن سينا، على استعداد خاص موجود في مادة خاصة تسمى الجسم، الا انها في بقائها ليست مرتبطة به .
ولكن ابن سينا، بعد ان يؤيد تعريف ارسطو المعروف عن النفس القائل بان النفس هي الكمال الاول للجسم الطبيعي . . . الى قوله ان فيها حياة بالقوة ، يقول ان هذا التعريف لايبين ماهية النفس، و انما هو اضافة النفس الى الجسم و بيان لقيام النفس بتدبير امور الجسم: «مهما يكن تفسيرنا للكمال فاننا لا نعرفالنفس و لاالماهية، و انما نحن نعرفها من حيث كونها نفسا، الا ان اسم النفس لايطلق عليها من حيث الجوهر والذات، بل من حيث كونها تقوم بتدبير شؤون الجسم وتقاس به .
ولذلك فان الجسم يؤخذ ضمن حدود النفس بمثلما يؤخذ البناء ضمن حدود الباني، و ان لم يؤخذالبناء ضمن حدود الباني من حيث انسانيته .
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|