[كنان سقيرق]

[align=center]5 . النفس و الحياة [/align]

يرى ارسطو ان الحياة بالقوة في الجسم الطبيعي اذا ما انتقلت الى الفعلية، اي عند ما تصل الى مرحلة الكمال الاولية، تتحقق نفس ذلك الجسم، و على ذلك لا يكون ثمة اختلاف بين الحياة بالفعل و النفس المشهودة، و في الواقع تكون نسبة النفس الى الكائن الحي الحالة فيه مثل نسبة القطع الى الفاس، او نسبة الرؤية الى العين . من الطبيعي ان لاتكون قوى النفس في هذه المرحلة من الفعلية قدباشرت فعلها، بل هي باقية في حالة السكون . و عند بدء هذه القوى بالفعلية تبدا المرحلة الثانية من الحياة بالفعل، او الكمال الثانى للكائن الحي .
يرى ارسطو ان النفس هي الكمال الاول للجسم الطبيعى الآلي الحي بالقوة . و هو يقصد بالكمال تحقق الظروف المادية التي تقتضيها حياة الجسم الآلي، و يمنح تحققها الفعلية للحياة بالقوة . و عند وصول الجسم الى هذه المرحلة، اى عند ما تتحول الحياة فيه من بالقوة الى بالفعل، نقول انه قد اصبحت له نفس . و في الواقع ان الجسم الآلي يكون حائزا على جميع الصفات اللازم توافرها لحلول الحياة فيه، و هذه الاوصاف لا تشمل كذلك الاوصاف الخاصة بوظائف الاعضاء، و جسم هذا شانه يكون بمثابة الآلة المعدة للعمل، انما هو لا يفتقر الا الى حالة اعلى تمنحها القابلية على العمل . و هذه القابلية الثانية هي التي يطلق عليها ارسطو صفة كمال الجسم الاول، و يسميها النفس . فاذا اعتبر ابن سينا النفس الكمال الاول للجسم الحي، فذلك يعني انه يرى الحياة من آثار النفس، و ان النفس هي مبدا هذا الاثر، بيد ان هذا المبدا ليس هو الحياة ذاتها، بمثلما هو امر الربان، الذي هو مبدا حركة السفينة، بالنسبة للسفينة، اذ لو لم يكن منفصلا عن الحياة لما امكن ان يكون مانعا ليتقدم عليه مبدا آخر . في هذه الحالة يكون هذا المبدا هو الكمال الاول اوالمبدا الاول، لان الكمال الاول هو الكمال المقدم على جميع الكمالات الاخرى التي تطرا على الشي‏ء .
و عليه يتضح من فحوى كلام ابن سينا انه يرى ان الجسم الطبيعى الآلي بالقوة يمتلك خصيصة تسمى‏الحياة، و يقوم الكمال الاول نفسه بمنح الفعلية لهذه القوه . و من هنا نجد مرة اخرى ان بينونة النفس عن الجسم الحي في فلسفة ابن سينا تثبت‏بخلاف راى ارسطو .