رد: نقاط الأختلاف بين أرسطو وابن سينا في نظريات علم النفس ..
[align=center]10 . اتحاد العقل و المعقول [/align]
ان من نقاط الخلاف بين ارسطو و ابن سينا في علم النفس هي قضية اتحاد العقل و المعقول . ارسطو يعتقد انالعقل، قبل ان يفكر، ليست له اية صورة، ولكن بعد ان يكون قد فكر في احد المعقولات يتخذ صورة ذلك المعقول نفسه . اي ان العقل بعد ان اصبح بالفعل بعملية التعقل هذه، يتحد بالمعقول . غير ان ذلك يتضمن في الوقت نفسه معنى ان وحدة العقل و المعقول ناشئة عن التجرد الذي يحصل لهما كليهما خلال علمية التعقل هذه .
و خلاصة راي ارسطو هي ان العاقل و المعقول، قبل عمليةالتعقل، متحدان بالقوة، و بعد التعقل يتحدان بالفعل: «العقل بالقوة هو، بشكل ما، المعقولات نفسها، و لكن اي منهما ليس بالفعل قبل عملية التفكر .»
الا ان ابن سينا يعتقد انه لما كان شيئان مختلفان في صورتين مختلفين، لايمكن ان يتخذا صورة واحدة، فان العقل الهيولائي، و هو شيء محصل ذو صورة معينة، لايمكن ان يتحد مع المعقول . و عليه فان ما منع ابن سينا من القول ايضا باتحاد العاقل و المعقول، هو نفسه ما حمل ارسطو على القول بهذا المعنى، و ذلك لان ارسطو الذي يرى ان العقل الهيولائي لا صورة له، بل يتخذ صورته بقبول المعقول، كان لابد له ان يقبل باتحاد العقل و المعقول ضمن عمليةالتعقل، او، فيالاقل، ان يكون قوله محتمل التاويل الى ذلك . ولكن بما ان ابن سينا يقول، في قبال ذلك، بالوجود الجوهري للنفس الناطقة في جميع مراحلها، حتى في مرحلة العقل الهيولائي، فلا شك في انه لايستطيع ان يقبل بحلولها في صورة المعقول .
يشير ابن سينا في كتاب «الاشارات» الى نظرية ارسطو هذه و ينتقدها و يقبل على اثبات وجهة نظره هو، فيقول: «ظن فريق من العلماء ان الجوهر العاقل اذا تلقى الصورة العقلية يتحد بالصورة، لنفرض ان الجوهر العاقل قد تعقل (الف) و بناء على قولهم هذا اصبح العاقل متحدا في الصورة المعقولة من (الف)، فهل بعد هذا التلقي يبقى الجوهر العاقل مالكا لوجوده باقيا مثلما كان قبل التعقل، ام ان وجوده قبل التعقل يصبح باطلا؟ اذا كان وجوده باقيا مثلما كان قبلالتعقل، اذن فحاله واحد، سواء اتعقل (الف) ام لم يتعقل . و اذا بطل وجوده قبلالتعقل (والامر لايعدو هاتين الحالتين) فهل يبطل حال من احوال الجوهر العاقل، او انه ينعدم وجوده كليا؟ اما اذا تغير حاله و بقيت ذاته، فذاك يكون مثل سائر التغييرات، و ليس اتحادا، كما يقولون . و اذا فنيت ذاته، و ظهر مكانها كائن آخر، كذلك لايكون هناك اتحاد بين شيء و شيء . ثم انك اذا تاملت هذاالفرض للاحظت ان حالا كهذا يتطلب هيولى مشتركا، و الظهور يكون مركبا، لابسيطا (و كلامنا علىالبسيط وحده) .
|