رد: نجـح الدفـاع .. وفشـل المتهـم !!
الأديب والمشرف العام رشيد الميموني
اولا اتابع العديد من كتاباتك ، واهتم بما تطرحه ، ولا اظن اننا نختلف كثيرا حتى في النقطة التي اثرتها وفعلت حسنا باثارتها وأقتبس منك : " والدين حسب علمي مليء بالدعوات إلى استخدام العقل عبر دستوره .. وقد استعمل مفردات عدة منها : أولي الألباب - أولي النهى - أهل الذكر - أولي الأبصار .. يعني أن هناك حث على استخدام العقل و التدبر ".
ما هو صحيح الدين لا نختلف عليه ، انما ما هو سائد ولا يمكن تغييره . قد يكون السبب ان اسلوب التلقين ، وهذا ليس لدين محدد بعينه ، بل صفة عامة لكل الديانات ولكل النظريات السياسية النهائية مثل النازية والفاشية والشيوعية بما في ذلك الأفلاطونية وسائر الأنظمة الديكتاتوية ، تتبع التلقين رغم ان النظريات أحيانا تطرح رؤية متنورة عقلانية ثورية انسانية ، ولكن التطبيق في واد والنص في واد آخر.
انا نشات في اطار الفكر الشيوعي منذ بداية وعيي ، ودرست الفلسفة الماركسية والفلسفات البرجوازية والنظرية الاقتصادية الماركسية ومختلف النظريات الاقتصادية ، والمادية التاريخية واستراتيجيا وتكتيك الحركة الشيوعية وعلم الجمال وعلم النفس الاجتماعي والصحافة حسب الرؤية الماركسية وكنت بارزا ومبرزا ومبدعا في التحليل والمقارنة بين النظريات، وحزبي بنى علي آمالا عريضة ، لدرجة انهم لم يعطوني لاواصل سنة أخرى لأحصل على الشهادة الجامعية ، وطلبت للعودة فورا للعمل السياسي *.
مع بداية نشاطي السياسي والتنظيري والثقيفي بدأت المس ان اسلوبنا هو تلقيني . نلقن رفاقنا . نحن الفئة العليا نفكر ونقرر ونلقن .والويل اذا لم نقبل تلقين هيئة أعلى من هيئتنا.او اذا كان للسوفييت موقف ولم نقبله.
هنا بدأ الصراع الفكري بيني وبين النهج الشيوعي لدرجة وصلت الى الاستقالة بغضب ونقد الفكر الشيوعي وبدأت التفكير المستقل ليس عداء للفكر العظيم ، بل لتحويله الى ايقونات مقدسة اشبه بالفكر الديني. ثم بدأت افهم ان بعض النظريات عفا عنها الزمن ويجب تطويرها. الا اانها اعتبرت مقولات شبه دينية لا تتبدل ولا تتغير. من هنا أيضا مشكلة الدين ، مقولات نهائية.
ماذا يعني اولي الأمر؟ واولي الألباب واولي النهي واولي الابصار ؟
من يحدد اولويتهم . الم يقل النبي العربي الكريم جملة عبقرية : "مثلما انتم يولى عليكم " ؟ إأي اذا كنتم أغبياء يولى عليكم الأغبياء!! وهذا السائد في المجتمعات المتخلفة والمغلقة كلها.
من هنا ظل وسيظل الفكر الديني فكرا تلقينيا لأنه لا يملك الحلم بغير النص الجامد والنهائي . ولا يملك تطوير فكره . حدث تطور وانقلاب هام في المسيحية على يد مارتن لوثر بانشاء كنيسة عصر البرجوازية (اللوثرية ) .. التي ربطت الكنيسة بالعلوم والاقتصاد. واضطر الفاتيكان متأخراالى اقرار صحة نظرية كوبرنيكيس حول المجموعة الشمسية وكانوا قد اعدموه . ثم الاعتذار لغاليلو الذي كادوا يسلقوه بالماء المغلي وقبول حتى نظرية دارون حول النشوء والاتقاء. وعمليا لم يعد للكنيسة موقف من التطور العلمي الا قبول ما يجيء به العلم حتى لو كان عكس الايمان بالله .
ومع ذلك اسلوب التلقين متجذر في المجتمعات البشرية غير المتطورة حضاريا . وهناك تآمر بالصمت من الأنظمة التي يريحها هذا الوضع ، غياب العقل ، غياب المعارضة لنهجها الاستبدادي .
وهذا صار حالة مرضية مأساوية في التعليم أيضا نتائجه بارزة على مستويات التعليم وتدريج الجامعات وعدد الأبحاث بالنسبة لعدد المواطنين . هل بالصدفة اننا في ذنب التدريج ؟
التلقين هو قبر للعقل. للتفكير.
الموضوع واسع جدا .. حاولت اعطاء لمحة حذرة حتى لا تقوم مدبرة نحل حولي ، وما أكثر المدابر في شرقنا.
اعرف ان البعض يملك تفسيرات ، ولكنها بالنسبة لي هرطقة من اناس حتى لو حملوا شهادات دكتوراه ، هرطقتهم تجعلم لا يستحقون اكثر من أن يكونوا معلمو مدرسة ابتدائية في قرية نائية.
|