عرض مشاركة واحدة
قديم 19 / 04 / 2010, 08 : 07 PM   رقم المشاركة : [11]
رأفت العزي
كاتب نور أدبي متألق بالنور فضي الأشعة ( عضوية فضية )

 الصورة الرمزية رأفت العزي
 





رأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond repute

رد: واقع يلفه الحلم

الخبز والقلم
________________________________________
عندما كنا ندخل غرفة الدروس، كان " النظام يهرب " !
فمن باستطاعته السيطرة على شغف الأطفال باللعب واللهو وهو من طبيعتهم .. ؟
كنا نتدافع عند / ما كان يسمى باب غرفة التدريس لنتسابق نحو ذاك " العامود " الخشبي المنغرس في الأرض وسط " الغرفة " ..
قطره لا يتجاوز ذراع رجل بدين ومهمته كمثل ذلك الذي يحمل قماش الشمسية ...!
نتعارك أحيانا من أجل الجلوس إلى جانبه أو بالقرب ممن يجلس إليه . نشتريه أحيانا .. ونبيعه في أحيان أخرى
" بتغشيشة " لأجل كلمة لا نعرف معناها أو لإملاء متعثر كالكثير منها خصوصا تلك الكلمات التي تحمل " الهمزة " أو
ببعض الكرات الزجاجية " البنانير " الجميلة الملونة التي لا نستطيع الصمود أمام إغراءها !
حصص الدروس كانت ثمانية ، وهي ساعات طويلة ؛القراءة متعبة .. والكتابة متعبة أكثر ،
وحفظ جدول الضرب كان يجعل البعض يكره المدرسة .. أو ينشغل الصف كله بضارب من هنا
ومضروب من هناك في معارك لا تتوقف في لحظة خلّو الصف من أي مُدرّس ؛ فلا طاولة ، ولا كرسي ،
ولا مقعد إلا الأرض ، وحواف ركبتينا المطويتان سندان كل شيء ؛ فغرفة الدروس عبارة عن خيمة على شكل جرس ،
أرضها مفروشة بحصيرة رثة مصنوعة من القش الرخيص ، ورطوبة الأرض الترابية لا يوقف زحفها شيء ..
تتوغل فينا لتصل حد العظام ؛ فجميع غرف الصفوف الأخرى كانت متشابهة باللون والمقياس .
انتشرت فوق أرض سُمّيت بالمدرسة . خيمة بجانب أختها ، لا يميزها من الخارج إلا بعض الإشارات والأرقام .
وكيفما نظرت، لا ترى سوى حبال ، حبال متشابكة، مشدودة إلى أوتاد متراصة بانتظام فوق أرض زلقه ..
الأمطار الشتوية حولت تربتها إلى طين كثيف ، تعودنا عليه. فالمدرسة
أقيمت أصلا فوق ارض تنضح بمياه الينابيع فكيف إذا جاء الشتاء ..!
أشهر ينبوع في تلك الجهات كان يُسمى : العين الحلوة " . ولم يتبقى اليوم
في ذاكرة الناس سوى اسم المخيم الذي سمي على اسم ذلك النبع الغزير .
الأمطار المنحدرة من سلسلة التلال المحيطة بالمنطقة جرفت عبر الزمن معها أتربة أخصبتها ، وتمتعت بشهرة واسعة عند
المزارعين ، وحولوها إلى بساتين مزدهرة مثمرة ، والغريب ، إن جمال لون التربة كان يدفع بعض النسوة
الحوامل إلى تلمس بعض قطعها الجافة وشمها ، بل أن بعضهن كن يمضغنها وكأنها قطعة من الشكولاتة الفاخرة !
تسأل عن السبب فيقولون " وحام حوامل " .. أما نحن الأولاد فكنا نخزّنه جافّا في مخابئنا السرية ونلعب به ولا نحذر
حتى ولوكان طينا ولكننا نخشى الانزلاق وأكثر ما كنا نخش عليه هو " كيسنا " حمّال كتبنا وأشياءنا العزيزة .
فهذا الكيس العجيب المتعدد المهام .. في الغالب مصنوع من قطعة قماش متواضعة .. له حمالتين صنعتا من نفس قماشته
أو من حبل مجدول ليسهل علينا حمله ... نعلقه فوق رقابنا ولا يفارقنا حتى في أوقات اللعب بالرغم
من إعاقته لحركتنا .. فهو إن تدلى على صدورنا وازداد تأرجحا ، كنا نصنع بأجسادنا النحيلة الرشيقة حركة بهلوانية
في نصف جسدنا الأعلى فيصبح خلف ظهورنا مباشرة ..! ولم نك ننسى تحسسه بين فينة وأخرى لنتأكد من أن أشياءنا
ما زالت بداخله لم تسقط : الممحاة ذات اللون البني المائل إلى الاحمرار ، قلم الرصاص ، وبعض قطع صغيرة من بقايا أقلام
التلوين الشمعية ، مسطرة خشبية جميلة ، وبعض الأشياء التافهة / الغالية / بالنسبة لنا ، كبعض أغطية زجاجات المشروبات
الغازيّة او بعض شرائط مطاطية .. أو عظمة فك لرأس خروف مأكول لم يتبقى منه سوى عظام مفككة
نطلق منه " نيرانا " وهمية كأنها مسدسات حربية ، ومن كان شقيا يدخل الى بستان ويقطع غصن له شعبتان متصلتان كحرف y
نصنع منها سلاح رائع اسمه " النقّافة " تلك الأحجية التي سوف تساهم في المستقبل في صنع أسطورة قوة جيل أطفال الحجارة .
____________________________
رأفت العزي غير متصل   رد مع اقتباس