13 / 02 / 2008, 14 : 12 AM
|
رقم المشاركة : [2]
|
أديب وقاص ومترجم أدبي ويعمل في هيئة التدريس -عضو الهيئة الإدارية / مشرف عام على المنتديات والأقسام / نائب رئيس رابطة نور الأدب
|
رد: حكاية جدي
 |
اقتباس |
 |
|
|
 |
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حسين خلف موسى |
 |
|
|
|
|
|
|
حكاية جدي
*كان جدي يغمض عينيه ويركض في الحقل مسرعا حاملا زوادته علىخصره وبيده اليمنى جاروف يسوي به الأرض,
والحقل واسع يقبع على منحدر جميل, باكرا عند مطلع كل فجر يحمل إبريق الشاي متجها إلى عرزاله
يشعل النار في الأسفل, ويغلي الشاي ببطء ممل,
وفي بداية الربيع يشتري خاروفا صغير يطعمه بنهم كي يكبر, يتحسسه كل صباح على ظهره وعندما يأتي العيد يذبحه نأكل نصفه والنصف الأخر يوزعه على الجيران.
*كان جدي أيام شبابه زير نساء "كما يقال" يمسك بالدبكة على الرأس [ المقدمة ] تتحلق حوله النساء عازبات ومتزوجات مثل عقد من اللؤلؤ, يغار منه شباب القرية, أما جدتي فكانت لا تغار وبقي وإياها يتبادلان الحب حتى النهاية, وفي الليل تختبئ بين ساعديه 0
*
أيام الصيف كان جدي يسهر على سطح بيتنا هو ومجموعة من رجال القرية يتسامرون ويتبادلون الحكايات والأحاديث عن أحداث حدثت وأحداث لم تحدث ..ضحكاتهم وأصواتهم تملأ المكان.
*
كان جدي يتردد على المدينة أسبوعيا وكنت ألح عليه كل مرة الذهاب معه لكنه كان يرفض، أخيرا أخذني معه .. لم يمسك بيدي تركني على راحتي مبهورا بزحمةالمدينة تهت عنه قليلا, ركض خلفي كالطير ولما اشتد لهاثه ارتميت على الأرض ابكي .
*
كان لجدي غرفته الخاصة وفي احدي الزوايا تجلس باسترخاء خزانة صغيرة زجاجها مكسور تحوي بعض الكتب القديمة لصادق الرافعي ومصطفى لطفي المنفلوطي وجبران خليل جبران وعددا كبيرا من الكتب الدينية وفي الزاوية الأخرى دُق مسمار طويل بالجدارعُلق عليه عشرات " السبحات " كان قد جمعها من أصدقائه القادمين من بيت الله الحرام وعلى رف مجاور المهباج والمحماسة اللذان يصنع بهما قهوته, وخلف الباب مصمودة كالعروسة النرجيلة المزينة بالخرز الملون والسلاسل الفضية . وفي منتصف الحائط صورة قديمة لوالد جدي الذي هاجر إلى الأرجنتين منذ فترة طويلة وانقطعت أخباره ولم تصله منه سوى عشر رسائل.
كان محظورا عليناالدخول إلى الغرفة خوفا من العبث بمحتوياتها لكني كنت ادخل خلسة بين الحين والحين اخذ كتابا اقرأه وأعيده دون أن يحس بي احد.. قرأت العبرات والنظرات وتحت ظلال الزيزفون والمجنون و و .
*
ذات فجر صرخت جدتي بأعلى صوتها . استيقظ جميع من في الدار.
ركض الجميع إلى غرفتها كانت بداية النهاية لرجل بمعنى الرجولة . كان إذا غضب اهتز وإذا اهتز كاد يتصدع البيت, وإذا ضحك.. الفرحة عمت الجميع . وعند الشروق اجتمع المحبون يعزون ويأخذون بالخاطر ،طلعت رائحة البخور ونبت الحزن في الصدور وصارت الحسرات كبيرة كالأشجار.
وعندما انتهى العزاء دخلت غرفة جدي . وجدت جميع الأشياء وقد لفها الحزن.ومنذ ذلك اليوم و أصابع يدي لا تكف عن الكتابة ، وكلما اتعب أتثاءب ، ثم أنام.
|
|
 |
|
 |
|
لقد تم تصحيح الكلمات المسطر تحتها مع إضافة علامات الترقيم ( نقط ،فواصل ،نقط الحذف..)
|
|
|
|