عرض مشاركة واحدة
قديم 29 / 04 / 2010, 40 : 01 AM   رقم المشاركة : [16]
رأفت العزي
كاتب نور أدبي متألق بالنور فضي الأشعة ( عضوية فضية )

 الصورة الرمزية رأفت العزي
 





رأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond repute

رد: واقع يلفه الحلم

[align=justify]
مدرسة مدارس
كمال وأنور ، يهمسون في أذني بعد اتفاقهما أن أقول " لمدارس
اننا موافقون على الهرب بعد الفسحة القادمة مباشرة !
فبعد اقل من ساعة ، سيقرع الجرس ثم نتسلل هاربين ؛
نتجمع في دائرة تبتدئ صغيرة سرعان ما تكبر: سبعة ، ثمانية ،
تسعة رفاق ، قائدنا المحبوب كان التلميذ النجيب " مدارس "
ومدارس هذا - هكذا اسمه - كان يسكن في حيّنا وكان من اكبر
تلامذة صفنا سنا وحجما ، بل انه كان الأكبر بين تلامذة الصفوف الابتدائية كلها
وربما كان من اكبر تلامذة الصفوف الابتدائية في مدارس العالم كله!
قضى في صفه الرابع راسبا لمدة ثلاث سنوات ؛ وعلى الرغم من مظهر والده
المتخلف الا انه كان يصّر على تعليم ولده البكر مدارس
فهذا البدوي العتيق ، كان يعتقد ان سوء الإدارة والتعليم هما
السبب في رسوب ولده المتكرر ، بل أكثر من ذلك ، فإنه كان " العساتذة " بكرهه لأنه أطول منهم ،
ويفوقهم رجولة .مع ذلك فإنه كان يسكت عندما يحدثه أحد المعلمين ولا يتردد بتقديم نصائحه
وإرشاداته لتحسين إدارتهم للمهنة وسلوكهم العام .. وعندما يقولون : " مدارس " كان يقطع الحديث
ويسارع إلى القول : " اللحم ليكُم والعظم لينا ، اذبحوه .. اذبحوهم " !
ومدارس هذا ، كان ضخم الجثة ، طويل القامة ، اسمر اللون ،
أفطس الأنف لا يمكن إلا أن يكون من جذور زنجية كما قال " شيخ العشيرة "
وهو أحول العينان ، يتعجب عندما نقول له أننا نراه شخص واحد وليس اثنان كما كان يرانا ..
مع ذلك يا للعجب فإن حجره لا يخطئ أبدا إن رمى . شفتاه الغليظتان تبدوان أغلظ
عندما يرشقنا عبرهما بوابل من شتائمه ذات العبارات الثقيلة
ويرشنا بزخات من لعابة حين يغضب .. وبالرغم من ذلك
لم نحمل في قلوبنا له إلا الحب ، والطاعة ، والولاء ، و تأثيره كتأثير الساحر فينا ،
فنحن نطمئن حين نكون الى جانبه لأنه " الرجل " الوحيد بيننا !
وهو وحده القادر على تحمل تبعات كل موبقاتنا !
يكفي انه عند محاسبتنا يقول :
" انا المسؤول " .
عشنا معه مغامرات رائعة حين كان يتنقل بنا من مكان لآخر :
البحر ، النهر ، سكة الحديد .. والبساتين خصوصا بستان " اليهودي " !
كان يُشعرنا بالغضب حيال كل ما في ذاك البستان..
ويدفعنا ذلك لنبرر سطونا على ما فيه .. وملاحقة طيور الدجاج التي يملكها ، فنحاول
تصيدها بمختلف عيارات الحجارة وآآآآآه، آه ، لو وُفقنا
في اصطياد واحدة منها ... ما اعظم لحم الدجاج ، كنا لا نتذوقه
الا بمناسبة الأعياد اذا الحال ميسورا .. ومحسود من كان يملك بعض
الطيور منها فكيف إن كان صاحبها " يهودي " ..!
بالرغم من كثرتها .. الا اننا نعرفها دجاجة دجاجة، نعرفهم كما نعرف اولاد حينا وتلامذة صفنا :
فهذه الشقراء المتغطرسة ، تتمختر و تتمايل ثم تتوقف
فجأة ، وتنظر في الأرض بتعال وعجرفة ، فتنبشها ،
وتبعثرها وتقذف تربتها بعيدا لتبحث عن رزقها ثم تنتقل الى
مكان آخر لتبدأ الحفر من جديد وكأن ارض البستان ملك " للي باضوها "
مع ذلك ، لم تكن من النوع الأكول او ان الطعام في تلك المنطقة لا يعجبها !
اما تلك المرقطة بالوان مختلفة فريشها جد جميل ،
فهي تتمايل في دلال كأنها ملكة جمال دجاجات العالم ،
كانت لا تدع اي ديك يقترب منها او حتى أخذ نظرة من عينيها
الكحيلتين مهما كان قويا .. فذيلها كان لا يهدأ ، تحركه ذات الشمال
وذات اليمين بحركات ذات إيقاع تحبه الديكة فارغي الأعين
وتكرهها في آن ، فهم يتنططون خلفها دون طائل ..!
اما تلك الدجاجة " الرزّية " / ريشة سوداء وأخرى بيضاء /
فهي ممتلئة بالدهن، قوية ، تسير بالديك إذا اعتلاها ،
ما ان تنفض الغبار عنها حتى يظهر لونها أكثر جمالا ،
فبالرغم من ان مظهرها الذي يوحي بغبائها وسهولة
صيدها ، فقد كنا نتركها ولا نقصدها ، فنحن نُسّر لرؤيتها .
اما هذه السوداء – عافينا يا رب - فهي دجاجة في عبوس دائم ،
ويبدو أنها تكره الابتسام أو لا تعرف ..!
كانت تدوّر رأسها نحو اتجاه ، ثم تتوقف كأنها تسترق السمع!
تنظر نحو البعيد ثم تعاود الدوران وتتوقف دون كلل او ملل ،
أمهمتها الاستطلاع يا ترى ، نتساءل ..؟
يجب ان نحذرها ، هكذا !
اما هذه المزركشة ، فنعتقدها هبله ، بسيطة ، فهي تتركنا
لنقترب منها لكنها ما ان تدعنا نفرح
تولي هاربة .. هل كانت تخطط لخداعنا ؟!
كانت تتقافز بين الشجر وعليه بسرعة عجيبة ومن غصن الى آخر،
كأنها احدى لاعبات السيرك ..ما ان تبتعد عنا حتى
ترمقنا بنظرات ساخرة ولسان حالها كأنه يقول : انتم الهبل !
اما تلك الرمادية ، فهي لا تغمض عيناها عنا أبدا ،
بل انها لا ترمش حتى عندما تلعب ، من يراها لأول
مرة ، يعتقد انها برجل واحدة .. لقد كانت ترفع رجلها الأخرى
وتطويها تحت جناحها ولا تتحرك ابدا >
بصراحة ، كنا نخشاها في بعض المرات ونتساءل
: اهل يسكنها عفريت !؟
- " سأقطع رقبتها قطع " قال مدارس ، وهو يرجمها بحجر كبير !
فما ان تشعر بالخطر ، حتى كانت " تقاقي " بصوت مرتفع ...
صوت غريب ، مختلف عن باقي الدجاجات.
– " اتركوها وشأنها ولا تقتربوا منها ، سوف تفضحنا "
قال كبيرنا ذلك وأكمل :
" انها تستدعي لنا صاحبها او .. الجن – دستور ،
بسم الله الرحمن الرحيم إنها مرعبة ..
انظروا الى عيناها الشاخصتان نحونا ، انها مسكونة !! "
حقيقة كنا نعتقد بذلك ، ونتخيّل ان جنيا ماكرا يركبها فنعوذ من
اجل ذلك بالله من الشيطان الرجيم .
اما ذاك الديك " المكنفش " ريشة فهو المسيطر .. لقد كنا نكرهه جميعا .!
فمعلمنا مدارس كان يشعر بالغيرة منه كثيرا ، فما إن يقترب ليلقح دجاجة ،
حتى يصرخ بنا قائلا :
- " ولكم ركزوا عليه يا اولاد .... ارجموه .. "
انه يتبختر امامنا بصدره المنتفخ العريض ، وريشه الناعم الطويل ،
وعرفه الأحمر المتدلي على منقاره ، كأنه احد مطربي هذا الزمن
او كأنه أحد حكام العالم الديكتاتوريين ..
ولا اعلم لماذا ولغاية آخر مرة شاهدت فيها مدارس لما سألته كيف
سلخنا ذلك الديك حيا قال:
" ما زلت أكره جميع المتغطرسين ولم اندم "
وبالرغم من مظهر مدارس الغبي ورسوبه الدائم في المدرسة
الا انه كان يملك فلسفة سبقت عمرنا بزمن طويل :
– " إن الله لن يحاسبنا على ذلك ، لا تخافوا ؛
ان صاحب هذا البستان يهودي ..! "
كان يقشعر بدني من كلامه واستغفر الله في سري واطلب منه
المغفرة لي وللمحبوب مدارس ؛ تجرأت مرة وقلت له :
" الله يخليك .. لا تجيب سيرة الله سبحانه إلا بالمليح ،
حرام ... ولا أنت حاببنا نفوت على النار ..؟ "
- " النار اللي تحرق اهلك ليش ما خبروك شو عملوا اليهود فينا ..
رُدّ عليّ ... احكي .. ولا بلعت لسانك "؟ !
فحدث أن عرفنا بعدها ان البستان لمواطن صيداوي
وان معظمهم الدجاجات لأبناء المخيم ..!

[/align]
رأفت العزي غير متصل   رد مع اقتباس