الحلقة الخامسة
خرجت من المكان للمحاضرات وكل تفكيري منجذب نحو وجه الرجل صاحب الجثة ولفكرة أنه حي ،
وإن كنت حاولت مراراً أن أطرد تلك الفكرة من رأسى حتى لا تؤثر على أكثر من ذلك ،ولكني فشلت ،ودائماً استشعر المجال شبه المغناطيسي الذي يلفني بجو بارد ويعزلني قليلاً عن خارجه ،
لا أستطيع التركيز فيما يدرس بالقاعة وذهنى مشتت تماماً ...واستعجل الخروج من المكان للذهاب لمبنى المشرحة ..ولكن يمر الوقت بطيئاً ....
خرجت من محاضرتي بعد الظهيرة وتوجهت لحجرة الدواليب لأكون بالقرب من ثلاجة المشرحة ،
والأفكار تراودني ،كيف سأرجع مرة ثانية لأرى الجثة وأقترب منها ؟؟ واهتديت لفكرة .................
اشتريت حقيبتين من الشطائر وتوجهت مباشرةً لعم عبد السميع حارس المشرحة ،
فوجدته جالسا كما كان فى الصباح لم يغير من وضعه ولا من جلسته ..............
يجلس على المقعد الطويل المتهالك ذى اللون البني .........كوب الشاي بجانبه ومازال به بعض
الشاي .................ويضع المذياع على أذنه ..........وهو مغمض العينين ...........
اقتربت منه ،وألقيت عليه التحية ........فتح عين واحدة وابتسم :
= نعم ماذا تريدين ؟؟؟؟؟؟؟؟؟
= لقد اشتريت حقيبة شطائر زيادة لزميلتي ،ولم أجدها ،فهي من نصيبك ،تفضل
ومددت بها يدي ...........
لم يتناولها الرجل منى ،واعتدل من جلسته وفتح عينه الأخرى ثم بادرني بالسؤال :
= ماذا تريدين ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
وقع على السؤال المفاجئ كالصفعة على وجهي وأربكني ...فلم أجد بدا من مصارحته بما يجول بخاطري نحو الجثة
= خذ منى كيس الأكل وسأقول لك كل شيء .
= هاتى ،واجلسي .
وأشار بيده للطرف الآخر من المقعد الطويل
جلست بجانية على المقعد وقلت له:
= اشعر أن هذه الجثة ليست لرجل ميت وإنما فيه بعض الروح ، واننى منجذبة لرؤية هذا الرجل وكأن هناك قوة جذب مغناطيسي بينى وبينه ...كما أشعر أحيانا بالبروده عندما أدخل فى ذلك المجال ويسيطر عليَ التفكير فيه .
ضحك الرجل قائلا ً:
=يا ابنتى ،هذا الكلام خطير،وإذا صح يجب تقديم بلاغ للشرطة مدعم بشواهد تدل على انه حي ، وكما ترين إن الرجل لا يتحرك ولا يبدو عليه مظاهر حياه ...اخرجي الفكرة من رأسك وإنتبهى لدراستك ،وأشكرك على حقيبة الأكل .
= ولكنى اشعر بذلك ،وأريد أن أتأكد .....................
وهنا حدث مالم يكن في الحسبان
شعرت ببروده فجائية وأن المجال الذي استشعره يلفني بشده ولم أعد اسمع خارجي بوضو ح
إلا..................صوت مذياع عم عبد السميع وقد دخلت عليه موجات أخرى تُحدث تشويشا وشوشرة على صوته ،
مما جعل عم عبد السميع ينظر إلي وهو مفتوح العينين فاغراً فاه من الاستغراب..... وأن هناك شيء ما غير طبيعي وقال :
= سلام قولا من رب رحيم ،اللهم اجعل كلامنا خفيف عليهم ،وأعوذ بالله من الشيطان الرجيم .
نطقت بصعوبة :
= هل ....هل صدقتني ؟
=لا لا أرجوكِ لا يجب أن نصدق هذا .
قالها وهو في قمة الارتباك
خوف وتحدى معا ًيتملكانى :
= يجب أن نصدق أو نفسر هذا .
قمت لأهرب من المكان بعيداً فالخوف أصبح هو المسيطر على نفسى
وتركته مسرعةً في حيرته ،وهو يتابعنى ببصره حتى نهاية الممر ...حتى غبت عن عينيه .................
خرجت للحديقة وجلست على أحد المقاعد الحجرية تحت ظل شجرة من أشجار البوهينيا الوارفة
وسألت نفسي سؤالا :
= كيف سأتصرف وأنا بكل هذا الخوف ....وصاحب الجثة يحوم حولى فى كل مكان ؟؟؟؟؟؟ ربما يريد أن يتلبسنى أو يؤذينى أو هناك رسالة أو شيء ما يريد صاحب الجثة توصيلة .......اذا ًما هو ؟؟؟؟؟؟
ولماذا أنا التي أشعره به ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟أيمكن أن يكون وهم من كثرة التفكير ؟؟؟؟؟؟؟؟؟ولكن عبد السميع الحارس شعر
بنفس ما أشعر به .........وما معنى أن يلازم شعوري هذا التشويش والشوشرة بالمذياع ..........إذا ً الموضوع
حقيقي وليس وهم ...............أأأأأأأأأأأأه يا رأسى دوامة من الأسئلة تدور بلا اجابة شافية ....
وضعت يدى على رأسى وأغمضت عينى لثوان معدودة ولكن في تلك اللحظة سمعت صوتا قادما من الخلف.......................
7
7
تابع
