رد: مطر الدوالي
الذات فى قصيدة " مطر الدوالى"
أحيانا تفر الذات الشاعرة إلى القصيدة لتعبئ النص بأحلامها التى تمسك الروح أو ألامها التى تعذب الذات , والذات الشاعر فى الحالين رهن التأمل والتخيل وحين تشرع فى التعبير بالنص عن الحالة قد تغيب الذات الشاعرة وتتلبس حاله تشبه تماما حالة الوجد الصوفى فتتكئ على الرمز الذى يوافق الحالة فيخرج المسلك الشعرى متوهجا لأنه يخرج من اللاوعى , فالوعى فى هذه الحالة مقصى بفعل الرغبة الكامنة فى الذات بأن تعيش حالة الجمال والتفرد
هنا يبدو أن الذات الشاعرة اعتلت مقام الوجد لترسم حالة الذات وهى تستقى الفرح حين تتامل الحياة واقفة على حدود المنطقة الجميلة فى الحياة طارحة كل قبح مقدمة كل جمال عابرة على فلسفة مادمنا نعبش مرة واحدة فلنعش الجمال فيها , ويبدو هذا جليا منذ عنوان النص " مطر الدوالى" والدوالى هذه نوع من العنب الأسمر الذى يميل الحمر فنحن امام عنوان متفجر بالجمال يجمع بين حركة المطر وما تخلفه فى النفس من معانى البهجة والنماء و ثبات صورة الدوالى فى الذهن التى تشء بالهجة أيضا وهنا يصبع العنوان متحركا فى بحيرة من الجمال
و يأتى متن النص منذ جملته الأولى / الجملة المفتاحية التى تبلور روح الجمال من خلال صياغة استفهام ليس قلقا ودالا على التحرق والالم عند الذات شأن البدايات النصية عند كثير من الشعراء , لكنها هنا بداية تشير إلى القوة والإصرار"هل تشربُ الأوزانُ حين تدور ما بين الأصابعِ دهشةَ الوعدِ الجميلِ وتستقي من غرسةِ الشجرِ المعبـّأ بالحكايات المديدةِ ما أغنـّي " فليس الاستفهام علامة ضغف الذات الشاعر بل علامة قوة الذات التى امتلات بالجمال والبهجة حتى أن الشعر غير قادر على استيعاب ما بها من جمال فهو استفهام التحدى ومن هنا تبدأ عتبات النص فى رسم ملامح الجمال الت ىيجب ان يكون عليها النص الشعرى المعبر عن الذات المتافئلة ولذلك لم يكن توظيف مفردات الطبيعة المشعة بالجمال فى الأصل عملا مجانيا بل هو خالق المعادل الفنى بين شعور الذات الشعر واتساع رؤيتها الفلسفية فى الحياة
وتتجلى ثقافة الشاعر ومخزونه الفكرى والجمالى بقوة فى هذا النص منذ توظيفة لمفردة "الدوالى " فى العنوان وهى مفردة ليست مشهورة بالمعنى الذى قدمناه من قبل حتى التناص مع إيليا أبى ماضى فى قول شاعرنا الرائع"لا تغلقِ الأبوابَ في وجه الضياءِ وعشْ زمانكَ فالحياة جميلةٌ في كلّ ثانيةٍ ستعطيك الجميلا" فهو يتناص هنا مع قول إيليا أبى ماضى " كن جميلا ترى الوجود جميلا" وهذا يؤكد الدلالة الكبرى للنص وهى البحث عن الجمال فى الذات والحياة ويرمى الشاعر فى هذا النص البديع الى مقولة فلسفية كبرى مؤداها " أن الجمال فى الطبيعة نابع من الجمال فى الروح " فقد تنظر إلى وردة وتراها معتمة لأن الذات معتمة من الداخل والشاعر فى هذا النص يردنا الى عبق الشعر المهجرى الرائع الذى يتجلى فيه وعى الشاعر الحاد بكيفيه توجيه الخطاب الجمالى فى النص إلى خدمة الدلالة من خلال لغة ساحرة وبديعة
هذا قليل من كثير يمكن ان يقال فى هذا النص البديع لشاعر رائع
|