الحلقة الحادية عشرة
خفض الضوء قليلا وصوت قرأن ينبعث من مكان بعيد بصوت خفيض وساد صمت وهدوء شديد
بدأت السيدة روحاء تلاوة آيات قرآنيه بصوت ضعيف غير واضح لغيرى، وعينها مثبتة على المصحف ثم رفعت نظرها لعينى ،وركزت على عيني ...تكاد لا يرمش لها جفن ..وشفتاها ترتلان القرآن بتؤدة.....سرى خدر فى أطرافى وإستسلمت للهدوء والدخول فى سبات ولكن إرتجفت أوصالى ودخل هواء بارد إلى أنفى وأذنى وعينى .... إنعزلت تماماً عن المكان لأصعد لأعلى جسدى خفيف كأنه ريشة يتدافعها الهواء ...صعدت للأعلى .......... لأعلى......... لأعلى ..أرى الجالسين من فوق رؤسهم ،وأسمع أصوات عالية لتنفسهم ... وصوت القرآن ينبعث كأنه فى مكبر صوتى .....الأصوات تصم الآذان.......حاولت أن أقاوم وأرجع لمكانى مرة ثانية ..لم أتمكن .......وسمعت صوت حازم آمر يقول :
= لا ترجعى استمرى فى مكانك حتى .ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ.
هنا إنقطع الصوت ...ولكن تلاقت يدى بشيئ بارد لطيف ...إنها الروح ...هنا وجدتها فى الأعلى ...كتلة ضوئية مغطاة بالسديم الفضى تتحرك حركة عشوائية ولكن وجهه يشبه علي بوجه الجثه ...شعرت بالارتياح ...وسكنت فى مكانى بالأعلى .....كأننى استأنست به.......
قلت له :
=أبحث عنك .لا أراك ..ولكنى معك ...لماذا تشدنى ..؟إلى أين ستأخذنى .؟...انتظر ...انتظر
ردت الروح على بصوت أجوف متقطع منساب ومنسحب :
= تعــ..........ال ........سنـ.............ذ.....هب.....اسـ....رعى ......أسـ........رعى ............
لم يكن لى إختيار فأنا مشدودة معه وليس لى أى سيطرة ،حركتنا واحدة ...سريعة ...نطير كالبرق الخاطف لا أرى ما نمر عليه بالأسفل سوى خيالات
= انتظر أين سنذهب ؟؟
شوارع واسعة فارغة من الناس وفيلات فاخرة حولها الاشجار وزهور مهذبه ...المبانى كلها ذات شكل وإرتفاع واحد لا تختلف عن بعضها فى أى شيئ ...أين الناس بتلك المدينة ....أهى مدينة الأشباح؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
=هــيـ...................ـا
إنسحبت معه فى انسياب بلاسيطرة مروراً بالمبانى والشوارع ...هناك رجل يجلس على أريكة أمام احدى الفيلات ولكنه نائم إنتظر إنتظر
=لا ......لا .........
تخطينا تلك الشوارع بسرعة البرق حتى وصلنا لإحدى الفيلا ت تكاد تغطيها الأشجار تماماً ............حتى أن نوافذها وأبوابها مغطاة بالأشجار التى طالتها يد الأهمال بكفاءة ............فيلا مكنونة من ثلاث طوابق والاشجار تحيطها وتزحف على المبنى حتى آعلاه ...حتى البوابة الكبيرة جدا قد علا رؤسها المذهبة الصدأ وزحفت عليها الاشجار ولا يظهر منها سوى رقم الفيلا على لوحة مكتوب عليها رقم 17 واسم ندى ........
قلت:
= هل هذا سكنك ؟؟؟؟
لم يرد واخذنا عدة دورات حول الفيلا بسرعة البرق الخاطف ... توقفنا ودخلنا من أحد الأبواب المغلقة بسلسلة كبيرة بينها وبين الباب انفراجة بسيطة .............آآآآآآآآآآآآآآآه ما هذا المكان حوائط عالية عليها أفخم اللوحات الزيتية ..الآثاثات فخمة ...كأنه متحف للآثار ولكن القذارة والاتربة وخيوط العنكبوت تغطى كل شيئ .......حتى لاترى السجاد من كثرة الأتربة عليه ........درت فى المكان بالأعلى وتوقفت عند ركن سمعت اصوات صرخات مكتومه وهمهمة .......تملكنى الخوف عندما رأيت سيدة باهرة الجمال تلبس ملابس عارية وتجلس على كرسى كبير فى صدر الصالة ....يكاد يظهر باطن الكرسي خلال جسدها ...وتنظر للروح وتضحك ضحكة خبيثة .............ارتفعت ضحكتها حتى أصبحت تملأ المكان كأنها أجراس تدق بعنف تثقب الآذن من إرتفاعها وتواصلها ...........تراجعت لبعيد .........جاءت الروح وقال :
= لاتـــ.....خــ ....افى
= من هذه ؟؟؟؟
=الملعــ.........ونة ........الملعـ.........ونة ........
نزل واصبح أمامها وجه لوجه ونظر لها قائلا :
=ضيـ.......عتى ...ابنتنا ...........جـ...شعـ....هـ ...........جـ...شعـ....هـ
ردت عليه بضحكتها الصارخه التى زادت فى الارتفاع والتواصل والاستمرار حتى ملأت المكان وتردد صداها فى كل المكان ..........
= أتضحــ..........كين؟؟؟؟؟؟؟؟؟
زادت ضحكاتها وعلوها .......مخيفة مخيفة .......أه يارب ليتها تصمت أنها تزلزل كيانى بهذا الصوت البشع الشيطانى
ماداً يده وإصبعه موجه لها ... قرأ آيات من القرآن بصوت منخفض .......تغير وجهها ........سكتت عن الضحك ..............مدت يدها لتطوله ........ولكنها لاتستطيع الوصول له بالرغم أنه مكانه .........أخذت تتحرك ثم جرت فى المكان بلا إتجاه ...هنا ....وهناك ..... .....تتخبط فى الحوائط ..وتتخطى الاثاثات بجسدها الشفاف ثم ارتفع صوتها بالصراخ .......بالتوسل حتى يكتفى بهذا القدر وهو يدور معها بعينه فى المكان وهو فى مكانه لم يغادرة ......حتى صرخت صرخه عالية مدوية تردد صداها حتى ملأ المكان ................صرخة مرعبة إرتمت بعدها على الأرض .....ظهر دخان .مالبث أن زاد حتى أصبح نار أكلت جسدها الشفاف وأصبحت مثل ذرات من التراب الخفيف فى المكان ..............ياااااااااااااااه ماهذه الرائحة النتنة ......أنها منبعثة من مكان احتراقها.............
قلت فى هلع شديد:
= هيا بنا من هنا اننى سأموت ......أرجوك .....إنى أختنق ........أختنقــــــــــــ
هنا اظلم المكان ............تماماً...
سكتت الأصوات وساد صمت مخيف ورائحة نتنة مختلطة برائحة الأتربة ...وأنا لا أستطيع الحركة كأنى التصقت بالمكان .............تحرك الروح من مكانه للخروج لكنى لا استطيع متابعته .....رجع شدنى من مكانى
= تحـ..........ركى
= لا استطيع الحركة
= حاولـ..........ى ...... أن تعـ.....ودى ..........تحــ............ركى
شدنى وخرجنا من المكان الغريب نظرت للخلف لألقى نظرة على المكان
شدنى فأنطلقنا من المكان بسرعة البرق الخاطف حتى بيت الدكتورة سلمى ..فتركنى ولم أعد أشعر به .......نظرت للجالسين من أعلى .....متصببين عرقاً فى فزع شديد ..........وجسدى على الكرسى... ومازالت السيدة روحاء تمسك بيدى وتتلو القرآن بصوتها المنخفض ويقف الدكتور مصطفى هو والشيخ عبد الفتاح الذى يمسك بيده عصا ويشير بها لرأسى ويتممتم بكلمات لم اسمعها .........فى تلك اللحظة انقطعت رؤيتى لهم وعدت لجسدى بشدة حتى اننى لم أعد اسمع ولا أرى أى شيئ ...........تنفست بشدة وحاولت أرفع رأسى المنبطحة على صدرى فلم أستطع .....ضربات مؤلمة على يدى وشديدة وسريعة ..........تنبهت وبدأت أسمع ما حولى ..أحس بهم جميعاً ولأكن لا أستطيع أن أفتح عينى ...
صوت الدكتورة سلمى ....تنادى وتضربنى على يدى لتنبيهى وماء يبل ملابسى ورائحة جميلة ......ماهذه الرائحة ؟؟
= أفيقى .....هل تسمعينى .......أفيقى ......
توالت الضربات على يدى وأريد أن أنطق وأقول لها........
= توقفى أنا أسمعك ولكن لا أستطيع أن أرد
=أفيقى يا إبنتى لا تزعجينى أكثر من هذ أرجوك ........اذا كنت تسمعى صوتى هز رأسك أو أصابعك ........ضربات القلب مسرعة جداً والنبض عالى ولكن جيد ..........هيا أفيقى
هنا حتى ارحم نفسى من الضرب الشديد على يدى حاولت ان انطق ولكن لا أستطيع... فهززت اصابع يدى بصعوبة شديدة
قالت:
= الحمد لله انها تسمعنى ستفيق حالا .
قال الحضور معاً الحمد لله انها بخير
قال الدكتور مصطفى:
= ان الوساطة الروحية مرهقة جداً انى مشفق عليها ان تتعرض لذلك
حاولت ان افتح عينى واخيراً بصعوبة وجدت الجميع ينظر لى وفى وجوهم الخوف والأشفاق على ........حركت يدى ورأسى ببطء ....حتى أصبحت أنظر للسيدة روحاء ...والتى بادلتنى بوجه باسم قائلة :
= حمد الله على سلامتك يابنتى
أحاطتنى الدكتورة سلمى بذراعيها وتكاد الدموع تنزف من عينيها :
= تعالى لترتاحى قليلا حتى يتحضر الغداء وتأكلى شيئاً يعوض ذلك التعب
قمت معها ببطء وهى تسندنى بكلتا ذراعيها لحجرة جانبية ...وتمددت قليلا على اريكة وثيرة وقالت :
= تكلمى حتى أعرف أنك بخير
= اننى بخير ....لا تنزعجى ....
= أتريد استبدال ملابسك التى تبللت عرقاً .....ان ابنتى فى مثل عمرك يمكنك استعارة بعض ملابسها
= لا ....لا .....شكراً
سمعت نداء الدكتور محمد :
= هيا الغداء تحضر هيا يادكتور
قمت معها بصعوبة وجلسنا جميعا على مائدة الغداء ،وبعد الانتهاء رجعنا للجلوس فى الصالة الأولى
جلست بالمواجهة للجالسين وبدأت الأسئله عنما رأيته وأتذكره ،وأنهم سجلوا كل الكلام والرد الذى أتى على لسانى بالحرف، فكل حركة وسكنه كانت تأتى على لسانى فى تلك الرحلة سجلوها
سألنى الشيخ عبد الفتاح عن أى شيئ لفت نظرى فى تلك الرحلة
قلت له = السيدة التى احترقت بالقرآن .
قال = أنا حرقتها بالقرآن إنها روح شريرة فاسدة والقرآن الذى قرأته جرى على لسانه من خلال وساطتك
قلت = رأيت رقم 17 واسم ندى مكتوب على لوحة
قال الدكتور مصطفى = ســـ...............................
7
7
7
7
7
تابع