[align=center][table1="width:100%;background-image:url('http://www.nooreladab.com/vb/mwaextraedit4/backgrounds/52.gif');border:7px groove teal;"][cell="filter:;"][align=justify]
صَوْرِخْ بقدر ما تشاء
أصغي إليك وأهز رأسي باهتمام مصطنع وأضحك من أكاذيبك
أنت تتحدث وتعرف أنك كاذب وأنا أصغي لك وأعرف أنك " كذاب " ولا أصدق كلمة مما تقول.
هي هواية الكذب والادعاء وتلفيق القصص والحكايات..
كثير من الناس يمتلكون هواية تلفيق القصص والمواقف والأحداث بشكل مكشوف غالباً إلى حد نستطيع أن نقول معه أن فلانا من الناس يتنفس الكذب، هو يعرف أنه يكذب والكل أيضاً يعرف أنه يكذب ويتندرون عليه وعلى أكاذيبه ومع هذا يظل يكذب ويظن أن الآخرين يصدّقون..
مثل هذه الشخصيات من شدة ما تكذب وتلفق مواقفاً وحكايات نراها تشطح غالباً إلى حد اللامعقول فتغدو الحكاية بحد ذاتها طرفة ويختلف مستوى وأسلوب القص- التلفيق ( الصَوْرَخَة ) كما نسميها نسبة إلى الصاروخ في التلفيق اللامعقول، والصورخة هي المبالغة في نسج الأكاذيب والإستغراق بها، وتكون تبعاً لمستوى ذكاء المُصَوْرِخ هذا ومدى ثقافته ومستواه الاجتماعي وقدرته على الحبك ، ويصل إلى حد اللامعقول في قصصه حين يستغرق في التلفيق أثناء الروي..
عبّر الأخوين رحباني كما كان الحال في رصدهما لأي ظاهرة إجتماعية بإحدى مسرحياتهما عن هذا النوع من الشخصيات من خلال مساجلة غنائية بين فيروز ( الحفيدة ) والمرحوم نصري شمس الدين ( الجد المُصَوْرِخ ) حين طلبت منه ألا يمارس هذه الصورخة في السهرة التي يزمعان الذهاب إليها كشرط لها حتى تصطحبه - فوعدها- وأخبرها أنه لا يشعر بنفسه وهنا داخلته الحالة فقال لها أروي فقط ما حدث معي في رحلات الصيد وغيرها مثل يوم تغلبت على السبع وقتلته، فأجابته متسائلة بتهكم:
" جدي وين ( أين ) بعد في سباع ؟! "
أجابها مستدركاً : ضبع قَد ( بحجم ) السبع
ثم أردف : ويوم قتلت التمساح
فأوقفته متسائلة:
جدي الحرش مش (ليس) نهر الأمازون !
أجابها مستدركاً: حرباية ( حرباء ) قد (بحجم ) التمساح
ومن هنا أرى أن الكثير منا إن لم نكن جميعاً يعرف مثل هذه الشخصيات ( المصورخة) ونحفظ الكثير من رواياتهم ونسترجعها أحياناً ونتندر بها وتبقى طرائف حقيقية في ذاكرة كل منا
والحقيقة وبالرغم من أن هذه عادة نضعها في مصاف العادات القبيحة التي تضع أصحابها في مواقف حرجة تجعلهم يقسمون ألا يعاودوا هذه الصورخة كلما وقع أحدهم في مطب، لكنهم وبحكم العادة أدمنوها وأصبحت جزءا من شخصياتهم وسرعان ما يعاودون ممارسة رواياتهم هذه رغم كل ما تجره عليهم من مواقف حرجة.
إذا تعالوا نخصص هذا الملف لمثل هذه النوادر التي يحفظها كل منا عن مثل هؤلاء الأشخاص فنسجل هذه القصص كنوع من ألوان الإبداع الشعبي من جهة ومن جهة أخرى نكسر بها حاجز الروتين، وكلما تذكر أحدنا بعضا من هذه الحكايا يرويها ها هنا في هذا الملف حتى يصبح لدينا ملفا كاملا من هذه الحكايات الطريفة
ما رأيكم؟
أول مواجهة لي مع هذا الصنف المصورخ كنت لم أزل طفلة صغيرة حين زارتنا إحدى السيدات وهي على قدر واضح من البساطة وكانت أم إحدى تلميذات والدتي، وجلست تتحدث عن أهمية مكانتهم الاجتماعية فقالت فيما قالت:
" نحن وكميل شمعون (رئيس جمهورية لبنان الأسبق) كثير صحبة وواخدين عليه لدرجة حين نزوره يقابلنا وهو ينتعل بابوجه البلاستيكي ( حذاء البيت البلاستيك الذي تنتعله النساء عند شطف المساحات بالمياه كعازل حتى لا تبتل أقدامهن) "
كنت طفلة لم أدرك بعد الصورخة أو أفهمها ولا كنت عرفت بعد أن الكبار يكذبون، فسألتها ببراءة الطفولة حينها مستغربة:
" تانت ( يا خالة ) ليه شمعون بيشطف حتى يلبس بابوج بلاستيك؟! "
لكزتني أمي بقوة في خاصرتي ونهرتني وهي تحاول كتم ضحكة كادت تنفلت منها، وشعرت المرأة بالحرج واحمر وجهها وتلعثمت..
وهنا كانت بداية تعرفي على هذا النوع من الأكاذيب ( الصورخة ) ولا نقول عنها كذب الكبار الذي لا يجيده الصغار ،هذه الموهبة تبدأ في سن الطفولة أيضاً، فقد كان لي زميلة في المدرسة في نهاية المرحلة الابتدائية كانت تقول وتصر أن منزلهم مشرف لدرجة أن بيروت تظهر من عندهم ( بيتهم في طرابلس وبيروت على مسافة 180 كلم من طرابلس )
لعلها كانت حادة البصر مثل زرقاء اليمامة!!
وأخذها الحال مرة حتى أقسمت أن الشمس تشرق على بيتهم ليل نهار!!
بانتظار حكاياتكم في إبداعات الصورخة
عميق تقديري واحترامي
هدى الخطيب
[/align][/cell][/table1][/align]