[frame="15 98"]
أخي يسين
أسعد الله صباحك وصباح الأحبّة جميعاً بالخير والسّعادة..
..............
أمّا من تكون أمل الإنسانة:
فهي البساطة بجميع أشكالها وألوانها..
امرأة عاديّة جدّاً تعشق الجمال في كلّ مكان: في الكلمة واللّحن واللّون والصّورة والرّوح والعبير..
حسّاسة جدّاً.. تمتلكها الكلمة وحدها.. وبها تكون أسعد نساء الأرض، وبها تكون أشقاهنّ..
تعيش الحياة بسعادة ورضى.. ثقتها بالله تجعل مستقبلها أجمل من حاضرها..
وآمالها أدنى من امتداد اليدين..
أمل الشّاعرة:
دائماً تبحث عن الكلمة الّتي لم يقلها أحد من قبل..
تقترب أحياناً وتبتعد أحياناً أخرى..
لكنّها كثيراً ما تنجح خلال بحثها في العثور على الكثير من كنوز الكلمات..
ومنها تشقّ دروباً أخرى.. لتبدأ من جديد..
في كلّ صباح عندي بداية ..
وفي كلّ مساء عندي تمزيق صفحة ولّت..
وفي كلّ الأحوال أمارس حياتي بحسّ الشّاعر وروح الفنّان..
أمل وقصّتها مع الشّعر:
ولدت وفي فمي ملعقة من شِعر..
لذا يمكن القول إنّ قصّتي مع الشّعر قديمة جدّاً، قد يصعب علي أن أوجزها في أسطر قليلة..
لكن سأختار ألمع مفاصلها وأشدّ ذكرياتها سطوعاً..
ما أعرفه من والدتي - رحمها الله - أنّي تميّزت عن إخوتي بطلاقة لساني منذ الطّفولة.
بدات الكلام وعمري لايتجاوز الأشهر السّتّة..
وفي الرّابعة من عمري أذهلت معلّمتي بسرعة تعلّمي القراءة والكتابة وسرعة حفظي للكلمات والتّراكيب..
في السّابعة من عمري بدأت أكتب الجمل بأنواعها المختلفة، وفي الثّانية عشرة من عمري نلت علامة 58 على 60 في مادّة اللغة العربيّة..
كانت علامة لايمكن أن تعطى لتلميذ في ذلك الوقت..
رافقت الكتب حياتي في الطّفولة والمراهقة..
عشق غريب، جعل والدتي تعتقد أحياناً أنّي أعاني من مشكلة نفسيّة ما تميل بي نحو العزلة والانطواء.
لكنّها فيما بعد أدركت أنّ القصّة كلّها تكمن في ولعي بإنهاء قراءة كتاب ينام معي على وسادتي، لأصحو صباحاً ومعي كتاب غيره..
القراءة ظلّت هوايتي الوحيدة حتّى في عطلة الصّيف، لم أكن أشارك في رحلات أو نزهات إلاّ ومعي كتابي، فأنزوي معه في ظلّ شجرة، وأغيب إلى أن أسمع صوتاً يناديني بأنّ موعد العودة حان..
في تلك المرحلة من حياتي كتبت أولى قصائدي الّتي خجلت في البداية من عرضها على والدتي أو معلّماتي، لكنّها حين وقعت في يد والدتي صدفة، ولاقت منها استحساناً، وجدتني أهتمّ بكتابة المزيد..
سرعان ما وجدت قصائدي اهتماماً كبيراً، لتذاع أوّلها وأنا في الخامسة عشرة من عمري في إذاعة دمشق ضمن برنامج: أقلام واعدة..
بعدها وجدت نفسي شاعرة المدرسة وشاعرة العائلة.. وصار قلمي رشيقاً..
ولو كانت كتاباتي مختلطة بين الغثّ والسّمين..
وحين وصلت إلى المرحلة الجامعيّة ومارست مهنة التّعليم..
وجدت بين تلاميذي الصّغار بيئة أخرى جميلة وخصبة للكتابة، فصرت أكتب لهم القصائد لينشدوها في المناسبات..
انتقلت مع عائلتي من دمشق إلى لبنان سنة 1987..
وفي لبنان فهمت الحكاية:
وتأكّدت من صحّة المقولة الذّائعة عن أهل جبل عامل الّذي انتمي إليه:
(تحت كلّ حجر هناك تجدُ شاعراً!)...
كانت جيناتي الطّبيعيّة من جهة، وقضيّة الجنوب السّامية شعلتين أضاءتا دروبي..
رحلة الجهاد والمقاومة في جنوب لبنان كانت ومازالت قنديلاً يضيء للشّعر عالمه ويمدّ أقلامه بالحبر المضيء..
لذا.. أنا اليوم بتواضع أو غرور: شاعرة بكلّ خلاياي..
وغير طبيعي أن لا أكون كذلك...
وكلّ الفضل.. لعامل الوراثة والبيئة من جهة..
وللمقاومة الّتي جعلت من لبنان أسطورة في صنع الانتصارات المجيدة...
ومازلت إلى اليوم.. أعبّ من هذا النّهر العذب ماتستعذبه قافيتي وترتاح إليه أوزاني وسطوري..
[/frame]