رد: العرب والأقليات العرقية والدينية في الوطن العربي
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
إلى الأخت الفاضلة هدى الخطيب تحية طيبة وبعد إن مقالك الموسوم "العرب والأقليات العرقية والدينية في الوطن العربي"وخاصة حينما تطرقت إلى الأمازيغ ووصفتهم بأنهم أقلية عرقية فهذا التطرق فيه تعتيم للحقيقة وفيه نعرة عروبية قومية لا تخفى على فاحص مدقق متأمل فتمازغا الواسعة او كما تنعت في كتابات المصريين القدامى " أمينتي " أي عروس المغرب أو ما يسمى الآن تعسفا بالمغرب العربي أي شمال إفريقيا فالأمازيغ سيدتي الفاضلة يشكلون غالبية ساحقة - في بلدهم الممتد من جزر الكناري " جزر الخالدات" بإسبانيا ولقد تعرض الأمازيغ هناك لتطهير عرقي في موطنهم الذي سكنوه انتقالا من المغرب في عصور ماقبل تاريخية موغلة في القدم من قبل الحاقدين الإسبان حينما احتلوا هذه الجزر - إلى واحة سيوة المصرية وإذا أردت الإستزادة والإستفاضة في هذا الشأن فعودي إلى كتابات المؤرخين الأولين والمحدثين فغالبية الأمازيغ في الشمال الإفريقي مهدهم الأم مستعربون وليسوا عربا فمن أين أتت هذه الصفة التي تصفهم بالأقلية؟ وهذا ما أثبتته الدراسات العلمية التي تعتمد على علم الوراثة للتحليل الجيني على عينات من الدم ممثلة لمجتمع البحث في نقاط عديدة ومختلفة من الشمال الإفريقي وهذه العينات مأخوذة عشوائيا من المغرب وتونس والجزائر وموريتانيا وليبيا وواحة سيوة في مصر وكانت هذه العينات منها الناطق بالعربية العامية و منها الناطق بالأمازيغية وأثبتت الدراسة أن هناك جينا وراثيا يميز هذا الحيز الجغرافي من خلال الأجيال الأمازيغية التي تعاقبت على إعماره تاريخيا وهذه الدراسة المخبرية متوفرة على الشبكة العنكبوتية .حيث أثبت دراسات عديدة أن الأمازيغ ضمن الثلاثين شعبا الأقدم على ظهر المعمور ويشير المؤرخون القدامى أن هذه الأمة من أكثر الأمم تناسلا وعددا وتعميرا حتى لا يكاد يطلق على القبيلة "مصطلح شعب" كشعب زناتة وصنهاجة وكتامة عودي إلى ابن خلدون والبكري والمسعودي والحسن الوزان " ليون الإفريقي " والإدريسي والحموي وإلى المؤرخين اليونان والرومان " هيرودوتس ، سترابون ، بلين الكبير ، تيودور الصقلي و........"، فالأمازيغ أختاه ليسوا أقلية وهم يشكلون إسمنت النسيج الإجتماعي الغالب في الشمال الإفريقي الإسلامي ويشهد لهم التاريخ أنهم أهل الوحدة ورأب الصدع في العالم الإسلامي وليسوا أهلا للشقاق واسألي عن مآثرهم جيش صلاح الدين حينما أجلى الصليبيين عن بيت المقدس واسأليه من خلال وثائق التاريخ وشواهده حينما سئل رحمه الله ورضي عنه عن سبب هذا الإختيار فقال لهم: " إنهم أمة تثبت في البر كما البحر" ، فلم نكن أختاه أقلية وإنما هذه من ضمن المغالطات العروبية العديدة و المغرضة والمجحفة ونحن جميعا ضحاياها و التي تساهم وتصادر إسهامات الآخر فأصبح الفارسي المسلم عربيا والهندي المسلم كذلك والحبشي المسلم كذلك والأمازيغي المسلم كذلك فاللسان أختاه يكتسب بالممارسة والدربة ولا يورثه الآباء لأبنائهم جينيا وإن ما يسمى بالوطن العربي تعسفا يعتبر من المصطلحات الحديثة التي تحاول السياسة وعلم السياسة تأصيلها كواقع لا بديل عنه من خلال مجالات اللعب السياسي لتخدير الشعوب وتضليلها وتزييف وعيها باسم القومية المعممة على شعوب في غالبيتها ليست عربية العرق فهذه المصادرة التعسفية للهويات الأخرى غير العربية تعلن إفلاس المشروع القومي الهزيل المستند على المرتكزات العروبية العرقية الواهية وبالتالي أصبح كل شيء عربيا وبغير هذه التأشيرة لا يمكن للهويات الأخرى أن تمر إلا إذا لبست هذه العباءة العروبية فمن خلال هذا الطرح يجب أن يكون كل شيء عربيا.
فمتى نستفيق من هذا المخدر ونحاول أن نجسد آية الإختلاف المعجز من خلال الآية الكريمة "...واختلاف ألسنتكم وألوانكم" ونلتزم بمعيار الوسطية الفطرية بأن لا يطغى عرق على عرق و ان لا يطغى لسان على لسان وبالتالي لا يظلم لسان لسانا ولا عرق عرقا ولا لون لونا فكل هذه الألسن التي خلقها ربنا وعلى اختلافها كانت أوعية ناقلة للوحي والوحي هو الإسلام في جميع الديانات السماوية
فبدل العرق نعلي الدين ونرسيه ونجعل العرق واللسان أيا كان خادما للدين وبالتالي تتحقق الأخوة الربانية المنشودة ولنتحد بجعل الأيدي تتشابك وتتصل وقلوبنا تتشابك وتتصل أيضا من أجل إرساء الفعل الإيماني الخالد فالوطن العربي إذا أكذوبة كبرى يتشدق بها الساسة فلنبتعد إذا عن اللعب بالنار والصدق كل الصدق في إرساء قواعد عالم إسلامي بكل أطيافه التي يجب أن تحقق مفهوم الأخوة المتناغمة بكل هوياته التي تشكل في الأخير محصلة هوياتية لكل عالمنا الإسلامي تحركها الأخوة الفاعلة حتى يتحقق مفهوم الإستخلاف الوارث واقعا ملموسا وفعلا واعيا
تقبلي أختاه تحيات أخيك عادل سلطاني وإن قسا.
|