[frame="15 98"]
غاليتي ناهد..
الفارق في عالم الإبداع بين أهل الغناء وأهل الشّعر كبير جدّاً..
حتّى أهل الفنّ.. بينهم فارق كبير..
والحقيقة أنّي في هذه المقارنة أجد أنّ الرّابح دائماً هو الشّاعر والأديب..
لا لمقياس الرّبح المادّي..
أعرف أنّ ما تربحه أولئك (الفّنّانات) في حفلة واحدة لساعتين، يفوق مايجمعه الشّاعر من بيعه عشرين ألف نسخة من كتابه الّذي عمل على تأليفه سنة كاملة أو سنوات!!
لكن السّؤال هنا: ما نوعيّة (الأيدي) الّتي صفّقت لهذا وذاك؟؟
وكم هو عمق الأثر الّذي تركه هذا وذاك..
مع احترامي لكثير من حالات الغناء والفنّ..
دعيني هنا أنحني إعجاباً واحتراماً للسّيّدة فيروز ...
ومن يختار طريقها في الفنّ الرّفيع..
لكن.. ثمّة فارق كبير بين جمهور هيفاء وهبي وجمهور محمود درويش..
أشتري بقارئ مثقف واحد يغوص معي في أغوار مشاعري، ويصحب كتابي إلى سريره ويدسّه تحت وسادته، عشرين ألف قارئ يتصفّحون كتابي ثمّ يلقون به على أقرب محطّة غبار..
وكذلك الأمر.. ثمّة فنّانون ملتزمون وفنّانات يعتمدن على الموهبة لا على الشّكل يعانون ممّا يعانيه الأديب والشّاعر في تواصلهم مع الصّحافة..
الصّحافة دائماً تعبّر عن مستوى أصحابها ..ولكلّ اتّجاه جمهوره ..
الصّحافة السّطحيّة هي صحافة السّطحيّين..
والصّحافة العميقة هي صحافة أهل الثّقافة والفكر..
ولكلّ إصبع، خاتمه...
ودعيني أقول بجرأة أكبر: لايشرّف محمود درويش ومن في مستواه أن تروّج بعض وسائل الإعلام الرّخيصة لأعماله!!!
لايليق بشاعر (دمعتي في الحلق يا أختُ وفي عينيّ نار) أن يعرض قصائده على شاشات (الواوا، وأخاصمك آه، وأنا دندن)!!!
لابأس بثقافتي الفنّيّة كما ترين....
جميل أن تتجاهل هذه الشّاشات محمود درويش وأمثاله..
جميل أن لانرى فيروز أيضاً تصدح هناك..
ليس استصغاراً لشأن أصحابها ونجومها..
بل لاختلافهم تماماً عن وجهة نظرنا في الفنّ..
ومن جهتي: لو عرضت لي مثل هذه الشّاشات قصيدة ما، لهتفت من أعماقي:
" ياليتني متّ قبل هذا وكنت نسياً منسيّاً"....
من الفضيلة أن يتجاهلوا قصائدنا.. من الخير أن لايذكروا أسماءنا...
تجاهلهم يزيد من سعر المبدع ويرفع من شأنه...
وتبقى للكتاب قيمته وللمبدع توهّجه..
أجدّد شكري لك.. وكلّ الامتنان..
[/frame]