رد: عبد المنعم محمد خير إسبير ** سيرتي الذاتية
اِبتسم .... تبتسم لك الحيــــــــاة
*
فاتحة عمل أدبيّ جديد
أُهديها الى ابنتي في الرّوح والإنسانية
والمناضلة الصابرة المؤمنة
الأديبة السيدة هدى نور الدين الخطيب
اعترافاً بجميلها
*************
أبتدئ بمقولتي في الحياة فأقول :
حمْداً لله الّذي أنهى رحلتي في صحراء الجهالة ، وهداني إلى روابي المحبّة الإلهيّة حيث أزهَرَت آلامي .
عبد المنعم "محمد خير" إسبير
عضو رابطة الأدب الإسلامي العالميّة
*********
*
دخلتُ غرفته في داره ، فوجدت صديقي حزيناً مكتئباً كعادته بعد تقاعده عن العمل.
ــ السلام عليكم . كيف حالك ياعزيزي .
ــ نظرَ إليّ طويلاً وأجاب باستهزاء وسخرية:وعليكم السّلام . لمَ تجشّمتَ عناء المجئ ياصديقي؟ ليتك تنساني كما نسيني الجميع.
كانوا يتوافدون عليّ بين حينٍ وآخر . والآن وبعد ......
ــ (مقاطعاً) أعلم ماتريد قوله ، إنهم تخلّوا عنك حينما تقاعدت ، أليس كذلك ....؟
ــ ولمَ لاتتخلّى عنّي أيضاً وتريح نفسك منّي؟
ــ ماهذا الكلام ياأبا مروان؟ ؛ لاأحد تخلّى عنك ، ولا أحد يريد أن يتخلّى ، لكنّك أنت الّذي تخلّيت عنهم وحبسْتَ نفسك في هذا البيت القبْر. لماذا ؟ فلا أنت بالمريض ولاأنت بالمُقعد.
ــ أصبحتُ متقاعداً أعاني من المتاعب النفسيّة الخانقة ،وأحتاج إلى رؤية النّاس والأصدقاء ، وإلى أيّ أخ يُنسيني واقعي المرير .
ــ أريد أن أسألك : هل أولادك يأتون إليك كما تريد من أصحابك .
ــ أولادي يعملون ، وعليهم مسئوليّات كبيرة .
ــ وأصدقاؤك أيضاً يعملون وعليهم مسئوليّات ولهم عذرهم . ياعزيزي أبا مروان . أنت رجلٌ مازلتَ قادراً على العمل . فقم وابحث عن أيّ عمل ينسيك واقعك المرير كما تقول .
ــ أتريدني أنْ أعمل أيّ عمل بعد أن كنت مديراً عامّاً؟ . هل أصبحت تافهاً ورخيصاً إلى هذا الحدّ ؟
ــ ياعزيزي لا تفسّر كلامي بغير ماقصدته ؟ كنت أعني أنّ أمامك خيارين ؛ إمّا أن تعمل فتنسى واقعك الحالي،وإمّا أن تستجدي زيارات أصدقائك لك؟ فاختر ما شئت .
ــ معك حق . الآن قلت الحقيقة الّتي في نفسك . أًصبح طلب زيارة أصدقائي لي صدقة يصّدّقون بها عليّ . (بعصبية)ياأخي أنا لست بحاجة إلى زياراتك ولا زيارا ت غيرك ، وكن على علم بأنّي لن أستجدي زيارة أحد لي بعد الآن.
ــ حسبي الله ونعم الوكيل .أرى أنّك في وضع نفسيّ لاتُحسد عليه ، فقد أصبحتَ مريضاً بحقّ بخلاف ما كنت عليه قبلاً ؛ مرحاً حليماً هادئاً كريما ً ؛ أين ذهبت كل ّتلك الصّفات ؟
ــ ( بعد صمتْ دامع ) اعذرني . اعذرني ياصديقي . تحمّلني؟ فأنت لاتدري مابي.
ــ أدري ، ولهذا جئتك لأريحك من عذاب نفسك بأحاديث مسليّة ، فإذا بك تدهمني باللوم والعتاب .
ــ يكفي ياصديقي .غيّرِ الحديث رجاء ، أنا متعب ، متعب جدّاً .
ــ صبراً ياأخي صبراً ....
ــ ليتك تروي لي طرفة مضحكة من طرائفك التي كنت تسعدنا بها في مجالسنا القديمة. آه ... أين تلك المجالس ؟ ليتها تعود .
ــ ستعود إن عدتَ أنت إليها .
ــ كيف ... كيف
ــ كفاك تحسراً ....واِسمع هذه الطرفةً .
ــ اجعلها طرفتين رجاء . فواحدة لاتخرجني من همّي وكآبتي .
ــ يُروَى أنّ معلّما في الصفوف الإبتدائية ، أراد أن يقدّم للمشرف الزّائرأفضل تلامذة صفّه ، فنادى على واحد منهم وقال له :
ــ أعرب لي يابنيّ :أكل التلميذ بطاطا ،( بتاته ) .
التلميذ : أكلَ ، فعلٌ ماضٍ .
المعلم : جميل جدّاً . أكمل .
التلميذ : التلميذ ، فاعلٌ مرفوع .
المعلّم : عظيم جدّاً. أكمل.
التلميذ : ألباء حرف جرّ ، وطاطا ، اسم مجرور.
المشرف : ( بسخرية)عظيم جدّاً يا أستاذ . أهنئك بهؤلاء التلاميذ .
المعلّم : ( لتلميذه) الله لا يعطيك العافية . اذهب إلى مكانك اذهب. (واتّجه إلى المشرف) المعذرة ياأستاذ. لقد أخطأ من شدّة خجله . سأقدّم لك تلميذاً أفضل ؛ إنه في غاية الذكاء في الحساب . قم يامحمود وارفع رأس استاذك . وقل لي: ما هو مجموع واحد زائد واحد ؟.
ــ التلميذ : واحد! .
المعلّم : كيف يكون ذلك يا ولد ؟ سأوضح السؤال أكثر : إذا وضعنا تفاحة إلى جانب تفّاحة أخرى ، فكمْ يكون المجموع ؟
التلميذ : تفاحة !
المعلّم : تفاحة واحدة يابهيم ؟! كيف يكون ذلك؟ . طيب ، ماهو عمل أبيك؟.
التلميذ : جزّار.
المعلّم : أي بائع لحوم .عال جدّاً . وصلنا إلى الحلّ الواقعيّ المبسّط . سوف يكون سؤالي من واقع عمل أبيك . إذا وضع والدك فخذ خروف إلى جانب فخذ أخرى معاُ فكم يكون المجموع ؟
التلميذ :(بارتباك) أستحي من الجواب أستاذ .
المعلم : لمَ الحياء ياولد . أجب، فالسؤال واضح والجمع معروف .
التلميذ : هذا ليس سؤالاً حسابياً ياأستاذ....وأخجل من الجواب .
المعلّم : يابنيّ قل كم المجموع ؟ تحرّك فالسؤال عادي جدّاً فلم الخجل ؟.
التلميذ : إذا جمعنا الفخذين ، فبالإثنتين معاً تكون ... .
المعلّم : ماذا ؟ ماذا... قل؟
التلميذ : فبجمْع خذين لجنس حيوان واحد ، تكون ....
المعلّم : ماذا؟ قلها بصراحة.
التلميذ : يقترب من إذن معلمه ويهمس...
المعلم : الله لا يعطيك العافية . جوابك خطأ اخرج . اخرج من الصّف .
التلميذ : استاذ أنت الّذي أخطأت لا أنا . فلو جمعت فخذ خروف مع فخذ عجل لكان المجموع إثنتين ، لكنّك جمعت فخذين لخروف من جنس واحد .
الكلّ غارق في الضحك وضحك معهم المعلّم أيضاً بافتعالٍ وانفعال.
أبو مروان غارقاً في الضحك : ما هذه الطرفة الجميلة؟ أين كنت ياصديقي أين كنت؟ لقد أرحتني .. ليتك تزورني دائماً .
الصديق الزائرــ سأزورك دائماً كما تريد ولكن في مقرّ عملك إن شاء الله . ها قد جاءت امرأتك .
ــ الزّوجة : السلام عليكم .
ــ وعليكم السّلام . أهلاً أيتها الأخت الفاضلة.
ـــ على أيّ شئ تضحكون. لقد عجبت من ضحك أبي مروان ، فجئت. ففي هذه الأيام أصبحت ضحكاته نادرة.
ــ أبو مروان كان يشكو أمركِ لي .
الزّوجة : أعرف ما قاله . والله مللتُ منه ياأخي. أصبحت طلباته كثيرة . أقنعه بالخروج من البيت ليرتاح ونرتاح . رجاءً.
الزّوج أبومروان لزوجته : أتكرهين زوجك ياأمّ مروان ؟ سامحك الله .
الزّوجة : حتّى لايتطوّر الكلام بيننا، الأفضل لي أن أذهب لإكمال عمل البيت .السلام عليكم.
ــ وعليكم السّلام .أرأيت يا أبا مروان؟ أنت جالسٌ في البيت من دون عمل ، وأمرأتك تشقى في عمل البيت ؛ هذا ظلْم. نصيحتي لك أن تعمل أيّ عمل يخرجك من هذا البيت ؛ إنّه قبرك الّذي ستموت فيه وأنت على قيد الحياة . اخرج ياصديقي .اخرج إلينا حيّاً قبل أن نأتيك ميتاً . اُخرج إلى عالم الأحياء ، إلى الشمس والقمر والنّجوم ؛ فالنّاس ينسَوْنَ الأموات ولا يفضّلون البحث عنهم ؛ فحتّى امرأتك بدأت تتضايق من وجودك الدائم في البيت .
ــ أسفي على الأيام التي كانت زوجتي تترك أعمالها لترحّب بي عند عودتي من العمل بشوق ولهفة .( بتحسّر) آه . أيّام مضت ولن تعود.
ــ إنّ ذلك من نتائج قعودك في البيت . فاخرج منه أرجوك . أرى من الفائدة أن أذكّرك بصديقنا محمود ،فقد كان يتمتّع بطاقة هائلة وحيويّة كبرى ، لكنّه اختار البقاء في البيت بعد التّقاعد ، وامتهن التفكير والحزن ، ومارس اجترار ماضيه الذّهبي ، فأصابه الملل والشّلل فمات . أبعد الله عنك وعنّا كلّ مكروه .
وأذكّرك أيضاً بصديقنا عصام ؟ فبعد أن تقاعد ، اختار صنعة كان يمارسها كهواية من قبل، فاتخذ قسماً من حديقته لتصنيعها وتوزيعها بنفسه ، مع أنّهُ كان قبل التقاعد مديراً لمصنع كبير كما تعلم. وانقضى على ذلك قرابة العام ، فكانت له ملكيّة معمل خاص صغير أنشأه قريباً من السّوق، وأصبح يدرّ عليه الكثير.
وأيضاً صديقنا أبو الحسن ؟ كان رئيساً للأركان ، وبعد التقاعد فتح مكتبة وهو بكامل اعتزازه بحاضره وبعمله الجديد .
وهناك كثيرٌ من مسئولي الغرب الّذين كانوا رؤساء وزارة ووزراء؛ فعملوا موظّفين في شركات بعد أن تقاعدوا و/أو استقالوا ؛ إلاّ نحن في الشّرق ، تركبنا العزّة بالنفس ،والحمق والغرور، فنمتنع عن أعمالٍ جديدةٍ ليست بسويّة أعمالنا السابقة ، فنسجن أنفسنا في زنزانة ذاكرة ماضينا ،لنجترّ مافيها ونبكي حاضرنا.
سأروي لك أيضاً قصة واقعيّة قرأتها أيام شبابي في مجلّة( المختار) الأمريكية التي تصدر أيضاً بالعربيّة .
القصّة تقول :
( أصيب رجلٌ بمرض مزمن حتّى كاد أن يهلك ، وكلّ العلاجات لم تُجدِ معه نفعاً ، وكان يلْمَح على وجوه الأطباء الذين قصدهم واحداً بعد آخر، ملامح اليأس من حالته الصحيّة ، فدلّه البعض على طبيب درس في جامعات الغرب وعمل في مستشفياتها واكتسب شهرة عظيمة في مجال اختصاصه ، فذهب إليه وأوضح حالته وطلب منه بإلحاح أن يفصح بصدْق وبصراحة مطلقة عن حالته ومدى ثقته بنجاحها من عدمه . ذهب إليه ، فشخّص الطبيبُ حالته بدقّةٍ شديدة وأفصح عنها قائلاً:
ــ بكل الصّراحة التي اعتمدتها في عملي، أقول لك إنّ شفاءك ميئوسٌ منه ، وبكل الصراحة التي تلح عليّ بها، أقول : إنّ مرضك لن يتركك تعيش أكثر من ثلاثة أشهر في أحسن الإحتمالات.
ــ وماذا أصنع ؟
ــ استمرّ في تناول العلاجات المسكّنة التي اقترحها لك زملائي قبلي ، وأضف عليها هذا العلاج الجديد الّذي اقترحته عليك.
ــ ثمّ .....
ــ ثمّ انتظر النتيجة التي أفصحت عنها لك . فكلّنا نسير على ذات الطريق وننتظر نهايتنا.
عاد المريض إلى بيته مسحوقاً من النتيجة .... فالتزم بيته ، وانصرف عن النّاس ، لا يزور ولايُزار ، وأخذ يردّد في نفسه:
ــ ثلاثة أشهر هي مابقي لي في هذه الدنيا .
ثمّ قضّى شهراً وهوعلى تلك الحال ؛ يأكله اليأس والقنوط والضّجَر، ويتساءل :
ــ وبعد .. وبعد ... ماذا أعمل ؟
فكّر كثيراً ثم قال :
ــ شهران هما الباقي لي في هذه الدّنيا ، وما زلت قابعاً في هذا البيت ميتاً قبل أن أموت ، فلمَ لا استمتع في المدّةِ الباقية لي للرّحيل؟ لا. سأحيا ... سأخرج إلى الدنيا أضحك فيها وأمرح ، وأزور أصدقائي وأحضر أفراحهم ، أسلّمُ على من أعرفه ومن لا أعرفه ،سأستمتع بكلّ ما في الدّنيا من متعة قبل أن أخرج منها ، سأرقص فوق الأرض ، سأطير في الهواء ولن أموت . لن أموت .
ومن لحظتها خرج من البيت مرتدياً أجمل الملابس ، ونفّذ كلّ ما قاله.
استغرَبَ أصدقاؤه من حالته قائلين له:
ــ هل جننت ؟ أم شفيت؟
ــ لاهذا ولاذاك . سأعيش.سأعيش.
وقضّى الشهرين الباقيين من موعد مماته، ومازال ينتظر؛ لاشئ حصل .وقضّى اسبوعاً منهما فلم يمت،ثم قضّى شهراً ... ثم شهراً آخر فلم يمت فقال في نفسه :
ــ إنّ الطبيب مخادعٌ كذّاب ،سأذهب لمراجعته ولأريه كيف أنني مازلت حيّاً .
وذهب إلى الطبيب ، فبُهت من رؤيته قائلاً :
ــ أهذا أنت؟ كيف ؟ أمازلت حيّاً ؟ مستحيل. ماذا أخذت من علاج غير علاجي ؟ .
ــ أخذت علاج الحياة ، ففعلت ما كان يجب عليّ فعله.
ــ هذا مستحيل. تعال لأفحصك .
قام الطبيب بفحصه بدقّةٍ وعناية ، مستخدما كل الأجهزة ذات التقنيّات الطبيّة والتفت إلى المريض قائلاً :
ــ لاشئ بقي من أسباب علّتك .كلّ شئ فيك سليم .قل الحقيقة ؛ إلى أيّ مشفىً ذهبت وأيّ علاج تناولت ؟
ــ أؤكّد لك أنّني لم أذهب إلى أيّ مشفىً وما تناولت أيّ علاج .
ــ إذا ماذا فعلت بنفسك ؟ قل لي بالتفصيل .
فقصّ على الطبيب قصّته من ألفها إلى يائها، فتعجّب الطبيب من أمره :
ــ إنها مسألة نادرة الحدوث وتدعو للعجب . لهذا عليك أن تستمرّ فيما كنت تفعله أيها (المريض الطبيب) .
ــ سأستمرّ . ولكن قل لي أيضاً بصراحة تامّة: متّى سأموت ؟
ــ (ضاحكاً) بعد أن أموت أنا قبلك .
وضحكا معاً .
وما إن انتهيت من رواية القصّة ،حتّى رأيت صديقي أبا مروان دامعاً ساهماً وكأنّه ينظر إلى البعيد البعيد .قلت له:
هذه هي القصة المنشورة على المجلّة، ياصديقي، والتي قيل عنها إنّها قصّةٌ حقيقيّة . فما ذا تقول فيها ؟
ــ سأفعل مثلما فعل مريض تلك القصّة .
ــ حمداً لله . حمداً لله على ما قرّرْتَ أخيراً.
ــ ولا يسعني إلاّ أن أشكرك يا صديقي .
ــ يبقى عليّ أن أعقّب على القصّة الغربيّة التي حكيتها لك ،من وجهة نظرٍ إسلاميّة :
إنّ مريض القصّة رجل غربيّ ، واستمتاعه بالحياة كان وفق عادات الغرب . أمّا نحن ، فإسلامنا لايجيز لنا الإستمتاع بدنيانا إلاّ في حدود ماحلّلته لنا شريعتنا الإسلاميّة ؛ هذا من ناحية . ومن ناحية أخرى، فإنّ في الإسلام آياتٍ علاجيّة كثيرة ، تشفي النّفس المؤمنة من أمراضها ، منها (واستعينوا بالصّبر والصلاة ...) و(ألابذكر الله تطمئنّ القلوب) أي بقراءة القرآن وذكْر الله.
كما أذكّرك بقول عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه:
( اِعمل لدنياك كأنّك تعيش أبداً ، واعمل لآخرتك كأنّك تموت غداً )
ــ رائع رائع .
ــ ودعني أُضيفُ على ماسبق ذكره ، ماحدث لصديقين مريضين .
فالأول اتجه إلى ( الإتحاد السوفييتي حينما كان قائماً) وعرض حالته المزرية على مشافيه . هل تعلم ماذا قالوا له؟ قالوا له:
ــ لا مرض فيك .
ــ وهل من علاجٍ تفضلونه لي ؟
ــ علاجك الوحيد هو في رياضة المشي .
أمّا بشأن حالة الصديق الثاني ، فقد ذهب إلى مشافي الغرب ، فقالوا له :
ــ عندكم في الإسلام شهر رمضان تصومون فيه . صمْهُ وصمْ قليلا غيره إن استطعت فتشفى .
ــ أشكرك جدّاً على نصائحك ياصديقي العزيز ، ولن أنسى معروفك معي أبداً.
ــ لا تستغرب إن صارحتك و قلت لك : ليتني أنتصح أنا بنصائحي.
ــ كيف؟ لم أفهم ماتعني .
ــ في الحقيقة ، أنا مثلك بما تعاني ، ولاأختلف عنك في محنتك ، فأنا أيضاً معتزلٌ ومعتصم في بيتي ، فيما أمراضي تتكاثر يوماً بعد يوم ، ولولا وفائي لك لما أتيتك زائراً .
ــ أحقاً ماتقول ؟
ــ نعم .وإنّني ذكرتها لك لأتفاعل معك فيها ، فالكثير منّا يستطيع أن يُفيد غيره ويفشل في إفادة نفسه .
ــ إذاً سوف أحكي لك القصص التي حكيتها لي علّك تشفى .
ويضحكان معاً
ــ دعنا نغادر إلى الحياة .
ــ أفي هذه اللحظة؟
ـ وكل لحظة . وسنكون فيها معاً
ــ توكّلنا على الله .
ــ(منادياً على زوجة صديقه) ياأم مروان ... ياأختي ؟ لقد أخرجتُ زوجك من عقر داره .
أم مروان ــ الحمد لله . الحمد لله . بارك الله فيك . ( إلى زوجها) بأمان الله يازوجي الحبيب.
أبو مروان ــ الله الله ، أبهذه السرعة أصبحت الحبيب؟ ياسبحان الله . إنّ كيدكنّ عظيم .
أم مروان ــ ولكنه كيدٌ إيجابيٌ مشروع ، وإلاّ لما بقينا معاً حتّى الآن .
***********
|