عرض مشاركة واحدة
قديم 02 / 07 / 2010, 39 : 03 AM   رقم المشاركة : [1]
ندى الريف
كاتب نور أدبي مشارك

 الصورة الرمزية ندى الريف
 





ندى الريف is on a distinguished road

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

شمس الأصيل - بقلم ندى الريف -

كانا يطيلان الجلوس على الشاطئ في انتظار شمس الأصيل، كي يبثاها أشواقهما و مكنونات قلبيهما، و يهمسان لبعضهما في صمت أمامها..

يا شمس الأصيل .. يا من تزرعين في الأنفس التواقة إلى الجمال كل المعاني السامية الرقيقة..

يا شمس الأصيل .. يا من تشهدين هوى ترعرع بين يديك، و آخر هوى تحت قدميك..

يا شمس الأصيل .. يا من تبددين ظلمة علت قلبا مكويا بنار هجر أو فراق..

كانت تلك المرة غير كل المرات.. أتى الشاطئ على غير عادته وحيدا متأخرا، حتى كادت شمس الأصيل نفسها تفتقدهما، و ظلت ترقب قدومهما من بعيد.. لحظة وصوله، كانت الشمس تستعد لتفارق الأرض بِوُدّ، راسمة أحلى لوحة بشعاع الجمال و لونها الذهبي الأصيل.. انقبض صدره لرحيلها و لوصوله متأخرا، لكنها وعدته بلقاء آخر في اليوم التالي..

تكرر معه الأمر مرتين ذاك اليوم، واحدة عند فراق رفيقة دربه، و أخرى لفراقه شاهدة عشقه. اتخذ لنفسه مكانا بعيدا عن الاعين، و ظل يرقب كل من و ما كان حوله.. و عاد بذاكرته إلى الماضي حين كان لا يعرف للهوى طريقا، تمنى في قرارة نفسه أن يعود لحظات إلى الماضي.. تذكر الأرض التي ترعرع فوقها، و التي حملت طفولته و باركته حتى صار شابا يافعا، ما زال يذكر الأرض التي حنت عليه، ما زال يشم رائحة الحقول و البساتين ..

رجع به الحنين إلى البقرة السمينة التي كان يحتسي لبن الأصالة من ضرعها.. إلى ملاعب الصبا تحت ظل الشجرة الكبيرة و في جنبات الوادي، اهتز قلبه كالغصون و مال لهبوب نسيم عليل ذكره بمواسم الحصاد و ليالي الصيف الهادئة، حين كانت الأشجار مثمرة، و الأزهار قد صنعت من نفسها عقودا و التفت حول أعشاش الطيور، و الماء رقراق بين الصخور، و أعمدة دخان تنبعث من البيوت كأنها سحب تصول و تجول في السماء، و الريحان و الأزير يعبقان برائحة فواحة ملأت الأرض و انطلقت تجوب عنان السماء، و تلك الجداول تجري لا تحسب حسبانا للزمان و لا المكان.. كل ذلك صنع لوحة بديعة تحفها شمس الأصيل كأنها ذهب يذوب فوقها بحنان..

آه ثم آه.. شس الأصيل تذكره الآن بفراق لم يكن بالحسبان، ما عساه يفعل الآن و قد غدر به الزمان، و فضلت رفيقة دربه تركه فرارا إلى من عنده المال الذي يطيل به البنيان، و يزيغ به العينين، و الذي حول مصيره من فوز إلى خسران...

ما بقي لديه إلا العتاب.. و ما يا ترى سيفعله العتاب ؟

قد كنت نبضها و ومضها، فكيف تهجرني و تمضي ؟ أتتركني ؟؟ أي قلب يقوى على العيش من دون نبض ؟ سألتني و الأسى يعتريني، سألتني و أفكاري لا تأتيني، سألتني و قالت قبل رحيلها.. أتراك تنساني و تطويني؟ فأصمت صمت الذليل، و أذرف دموع الوداع، لأني أفارقها رغما عنها و عني، و مهما نسيتها و طويتها، فإني سأبقى أصون ودادها، و يبقى في قلبي موضعها، و في مقلتي سكنها ، ما دامت في الكون

شمس الأصيل.

نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)

التعديل الأخير تم بواسطة رشيد الميموني ; 04 / 07 / 2010 الساعة 06 : 05 PM.
ندى الريف غير متصل   رد مع اقتباس