عرض مشاركة واحدة
قديم 03 / 07 / 2010, 13 : 01 AM   رقم المشاركة : [19]
طلعت سقيرق
المدير العام وعميد نور الأدب- شاعر أديب وقاص وناقد وصحفي


 الصورة الرمزية طلعت سقيرق
 





طلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: مدينة حيفا - فلسطين

رد: الشعر الفلسطيني المقاوم في جيله الثاني (دراسة )

[align=justify]
ثانياً – الانتفاضة وصورة النهوض:
خرجت الانتفاضة في نهوضها ووقوفها كي ترسم الفعل ألقاً رائعاً يستطيع أن يطوي ظلمة الليل بشمس لا تعرف الغروب، وكان طبيعياً أن تعتمد في ذلك على شعب عريض آمن بحقه ومضى على طريق الحرية ليعطي عطاءه الكبير الشامخ. وبذلك انبثقت الصورة لتسجل عدة صور على مدار الساعات والأيام والشهور، وكل صورة منها تنفتح على مجال واسع من المواجهة والمقاومة والثبات. حيث الفعل في هذه الحالة، فعل شعب ناهض، وحيث الحركة في هذه الحالة حركة شعب لا يعرف إلا التقدم، وحيث الإيمان بهذه الحالة، إيمان شعب ارتبط بالغد فأصرّ على جماليته.
إن الصورة الأولى في دفتر النهوض، إنما تأتي لتقول إن الشعب الذي قد صبر طويلاً، وانتظر طويلاً، قرر أن يكتب انتفاضته الرائعة ألقاً لا يعرف الانطفاء. جاء ذلك في "مقطوعات" منيب فهد الحاج، حيث في "هب بالحجر" صورة تقول: "غير لله ما ركع / في الملمات ما جزع / من براثن الطامعين / حقه سوف ينتزع".. لنكون أمام انفتاح واضح على التوهج الشعبي الذي جاء جواباً بعد طول صبر وانتظار. وطبيعي أن الشعب صاحب قرار وإصرار، وصاحب إرادة وتصميم، مما يعني أن الماضي مفتوح على الحاضر، وأن الحاضر مفتوح على المستقبل.
في الالتفات إلى حركة الفعل الذي يسجله الشعب، نقفُ على مساحة واسعة من الامتلاء والإشباع في ملامح الصورة. فالراصد لا يرى جزءاً صغيراً يسحب شيئاً بسيطاً من الانتباه، بل يقع على صورة كلية متشعبة متداخلة، وإن كانت في وصف حالة جزئية صغيرة. فالضوء الذي يسقط على صورة ما، يرينا الكثير من الأبعاد والحركة والامتداد، بما لا يترك مجالاً لسحب الاهتمام أو طيه. فما هو المثال الأقرب..؟؟..
في قصيدة "هل غادر الشعراء" للشاعر عبد الناصر صالح نقرأ: "كان النشيد يصارع الطلقات في شمس الظهيرة / يستثير الرمل / يمنح للحجارة شكلها السحريّ / يعطي للهتاف مجاله الكونيّ / يجمع ما تناثر من شظايا الفكر / أغنية تفيض على الرمال / تواجه الطلقات والغاز المسيّل للدموع / تجدد العهد الذي أعطى الدم المسفوح خضرته".. فالنشيد الذي يصارع الطلقات في انفتاح على المعنوي والمادي، والنشيد الذي يمنح الحجارة شكلها السحري في انفتاح على المعنوي والمادي، والنشيد الذي يعطي للهتاف مجاله الكوني في انفتاح على المعنوي والمادي.. وهكذا وصولاً إلى الأغنية التي تواجه الطلقات والغاز المسيّل للدموع، ثم إلى تجدد العهد الذي يعطي الدم المسفوح خضرته.. كل ذلك يثير آلية الحركة من جهة، ويفتح معاني الإصرار على الإشراق من جهة ثانية، ويشدد على أهمية التداخل مع مفردات الطبيعة من جهة ثالثة وهذا ما يجعل الفعل مرتدياً لكل الانفتاحات الخصبة في سيرورته.
في"المجد ينحني أمامكم" لعبد الناصر صالح أيضاً نقع على تقسيم وتلوين وتحديد، فالملثمون يتوزعون على عدة مهام حيث "ملثم يوزع البيان / وآخر يكتب بالحبر على الجدران / وثالث يراقب المكان / ورابع يلقي على الرفاق شارة الأمان / وخامس يزين الأسطح بالرايات / ويعلن العصيان / وسادس ينهض في بسالة / ليشعل النيران / وسابع يصيح قد أتوا / فليخرج الفرسان للميدان / وثامن يشد من عزيمة الرفاق / يطلق العنان / وتاسع يهتف أن تقدموا / لا خائف منا ولا جبان / وعاشر يسقط في دمائه مضرجاً / يستنطق الزمان.."..
لنكون أمام واقع الانتفاضة في صورة حيوية دافئة من صوره وألوانه. لذلك كان قول الشاعر "المجد ينحني أمامكم / وتهزم العبارة" حيث الصورة النابضة بكل هذا الوجد، تستدعي النظر إلى الفعل بخفق القلوب..
مثل هذه الحركة نجدها عند الشاعر حسين مهنا في "قصيدة بأحرف حجرية" حيث: "وتصيح أم لم تزل في حزنها الثوريّ / يا ولدي تقدم / هذي الحياة بخيلة / والموت أكرم / مت كالرجال فلست أفضل من أخيك / ومن أخيك.. ومن أخيك.. ومن أبيك / الأرض مادت ثم نادت أهلها / فاهرع إليها راضياً / كي ترتضيك…" في مواكبة الدعوة التي تستنهض فعلاً وذهاباً في العطاء حتى آخر نبض. وطبيعة الدعوة أكثر من رائعة، كونها تصدر عن أم.. والأم في معترك الانتفاضة الفلسطينية الباسلة قدمت الكثير كما هو معروف وعلينا أن نرى إلى تدفق متكامل الألوان في هذه الصورة التي تفتح اللحظة على الكثير من اللحظات أو الاشتعالات السابقة، لنكون أمام أخوةِ المدعوِّ إلى النهوض وأبيه.. ولا مجال في قاموس الأم لمفردة واحدة من مفردات التراجع، ما دامت الأرض قد مادت ثم نادت أهلها.. وعلى الابن أن يلبي نداء الأرض ويرضيها كي ترتضيه.. وهذا معنى آخر من معاني الوئام بين الأم / الأم، والأم / الأرض، حيث تبدو أكبر من الأولى بكثير، مما يعني احتواءها لها وإدخالها في حركية فعلها وندائها وصوتها، لتكون فيما بعد فمها الذي تصدر عنه الدعوة إلى العطاء..
وطبيعي أن تمتد حركة الشعب لتكون شمولية متكاملة متوافقة. فالانتفاضة هي الشعب والشعب هو الانتفاضة. وعلى هذا لا نرى أروع من صورة الشعب في رسم معالم العطاء، يظهر هذا في قصيدة"رعد الدهور والحجر" لمفلح طبعوني حيث:"أحبتي / الليل من عيونكم / والأسمرُ / الفل من عبيركم / والأبيض / اللوز من شبابكم / والأخضرُ / برقوقنا عروقكم / والأحمر / أهدافكم / سيوفكم / أحزانكم / دروعكم / ناموسكم / دنيا الفضاء والزمنْ.."وفي قصيدة عبد الناصر صالح "المجد ينحني أمامكم" حيث: "المجد للسواعد التي تقاتل / المجد للمخيمات والقرى المحررة / وللمدائن التي غدت بيوتها معاقلْ / المجد للملثم الذي سيوقف المجنزرهْ / وللعيون رغم عنف القصف والرصاصِ / تبقى ساهرهْ / المجد للمقلاع / للمتراس / للكوفيةِ السمراء / للشوارع المستعرة / المجد للأطفال / والشباب / والنساء…"وكذا المجد للذين "يحرثون في الصباح أرضهم / ويزرعونها / فتزدهي سنابل / المجد للأسرى الذين قاوموا سجانهم / وأعلنوا عصيانهم / وحطموا السلاسل "وفي قصيدة عبد الرحمن عواودة "العزم في أطفالنا المرد"حيث: "عجب وإن صراخهم ما زال يحتدّ / وبكاء طفل لا يروق لهم / أو بائس في بؤسه جلد / عجب وإن عواءهم يعلو ويشتدّ / ودماؤنا في الأرض شلال / وبيوتنا تهوي وتنهدّ / عجب وإنّ سلاحهم رعد / وسلاحنا إيماننا الصلدُ / وصدورنا السمراء والودّ / قاماتنا وجباهنا.. ونساؤنا وبناتنا / ومن الصغار الصبية الولد / والذكريات.. شيوخنا تاريخنا / وتراثنا الزيتون والورد.." فإلى أين نصل في قراءة معالم مثل هذه الصورة التي تتوزع على كل الامتدادات..؟؟..
/ في طرح صورة المقاتل الفلسطيني، والذي يشمل هنا الشعب كله، نرى أننا أمام شعب مسكون بالعطاء والحركة والتحول السريع نحو الفعل. وهذا الشعب مرتبط بطبيعة فلسطين، وبكل جزء من فلسطين، لذلك كانت معه الشوارع والبيوت والأبنية المختلفة.. كما كانت معه الذكريات والتاريخ والتراث.. وكانت معه قامات الزيتون والورد.. وما إلى ذلك.. ليكون المقاتل الفلسطيني في كل ذلك معجوناً بالعطاء الذي لا ينتهي..
/ في طرح صورة الآخر، وهي صورة العدو الصهيوني، نرى أننا أمام صورة مسكونة بالكثير من الخوف والاهتزاز والتراجع، فالشخصية الصهيونية تخاف بكاء الطفل أو جلد البائس.. وهكذا.. فهم ينطوون رعباً من كل شيء ما داموا لا يستطيعون التعمق في فهم آلية الطبيعة التي يعيشون معها..
/ في طرح صورة سلاح المقاتل الفلسطيني نرى أننا أمام الإيمان القوي بالحق، والصدور السمراء العامرة بالودّ، الدم، والقامات والجباه.. النساء والبنات.. الذكريات والتاريخ.. وهكذا.. ليكون السلاح نهوضاً شامخاً لا يعرف الانحناء أو التراجع..
/ في طرح صورة سلاح العدو، نرى أننا أمام صراخ يحتدّ.. عواء يعلو ويشتدّ.. أمام تهديم البيوت.. الرعد.. وهكذا.. للوقوف على سلاح يعتمد البطش والقتل والتخريب.. فهو سلاح من يريد إنهاء صوت الحياة، ومعنى الحياة..

[/align]
طلعت سقيرق غير متصل   رد مع اقتباس