عرض مشاركة واحدة
قديم 03 / 07 / 2010, 20 : 01 AM   رقم المشاركة : [24]
طلعت سقيرق
المدير العام وعميد نور الأدب- شاعر أديب وقاص وناقد وصحفي


 الصورة الرمزية طلعت سقيرق
 





طلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: مدينة حيفا - فلسطين

رد: الشعر الفلسطيني المقاوم في جيله الثاني (دراسة )

[align=justify]
الشخصية القصصية وأبعاد الحدث:
في القصائد السابقة، لامسنا إلى هذا الحد أو ذاك، تطوراً في الحدث خلال القصة التي صورها أو نقلها هذا الشاعر أو ذاك. وكان طبيعياً أن نقف على البدايةة، والنهاية ، لنقرأ ما بينهما من أحداث، وما فيهما من دلالات. وهذا ما جعل شخصية الشاعر / الراوي بعيدة عن الحضور بشكل يضعه أمامنا مباشرة. وهو في مثل هذه المسافة من الروي غائب بعيد يشارك القارئ في مسافة المشاهد. ولا ننكر طبعاً انعكاس إحساسات الشاعر في التصوير، أو الوصف، أو الإشارة، ولكنها تبقى هذه الإحساسات التي لا تغير مجرى الحدث.. إذ أن الشخصية في كل المسارات السابقة، تصل إلى الشهادة، بعد أن تخطو كل خطواتها، وتتابع كل خط سيرها القصصي، وهذا ما أبعد الشاعر عن أي تدخل، فهل نجد مثل هذه الوتيرة في الحدث عند قراءة قصائد أخرى؟؟..
عند قراءة قصيدة "في عزّ موتك تولدين" للشاعر حسين فاعور نلحظ حضور الشخصية المحددة حيث"قمر يسافر يا سحر"وهي الشخصية التي تدخل عالم الشهادة أيضاً كسابقاتها "بنادق السفاح تغتال الفراشة"ولكن الاختلاف يأتي من خلال فقدان تطور الحدث، إلى جانب دخول شخصية الشاعر لتشارك بهذا الشكل أو ذاك، إلى جانب التوقف عند نقطة واحدة يبدأ الوصف منها ويعود إليها في كل حين..
سحر، وكما ندرك من القصيدة في السابعة عشرة من عمرها "عشر وسبع سنابل لن تحترق"وقد دخلت الشهادة دون أي وجل أو تردد، فكانت الانتشار والتواصل"اليوم لم تخفي الحنين / ولم تبالي بالردى / اليوم وجهك كان ملء المشرقين / وكنت في حجم المدى"وكانت التمرد على كل معاني الموت والنهاية “هم أطلقوا ناراً عليك ليقتلوك / ويقتلوه / فشب خيط الدم في وتر الحنين / عزفت موسيقى الحياة / فكان موتك مستحيلاً كنت أقوى من بنادقهم / وكنت صبية في عز موتك تولدين / وتعلنين بداية"..
عند هذه النقطة يتدخل الشاعر ليكون المبشر بالمستقبل"إني أرى عرس الحياة على القمم / وأرى سحر / فستانها الزهري يجتاح الحجارة"وصولاً إلى"وأرى مدارس لا يحاصرها الجنود / أرى عصافيراً تدوس على الطيور.." ومثل هذا التدخل كما نرى يأتي مباشرة من خلال هذه"الأنا"التي تنظر إلى المستقبل، من خلال النظر إلى الشخصية الشهيدة سحر. وفي كل الأحوال تبقى هذه الأنا ظاهرة، ويبقى الحدث في حالة واحدة هي حالة الشهادة.. فهل يعني ذلك ابتعاداً عن القصة وحالة القص؟؟..
لا نريد تحميل القصيدة اكثر مما تحتمل، فالشاعر لم يقل بأنه سيقدم لنا قصة، ولم يقل بأنه في صدد بناء حكاية مستمدة من الواقع. كل ما فعله الشاعر أنه قدّم لنا شخصية عاشت قصتها وانتهت إلى الشهادة، فكانت شخصية قصصية في مسار حياتها، وحين انتقلت إلى حيز القصيدة، انتقلت حاملة حدث الشهادة، وهو النقطة التي تركَّزَ الضوء عليها ودار حولها في القصيدة.. وبذلك كانت شخصية سحر شخصية قصصية واقعية في سير حياتها العادية، ثم وصولها إلى الشهادة، وكانت شخصية واقعية شاعرية في دخول عالم القصيدة بعد أن شدّت الشاعر إلى لحظة التفجر والانتشار في شهادة وزعت الدم على حقول الحرية كلها..
في"أبدعت أكثر"للشاعر هايل عساقلة تبرز الشخصية التي تتواصل مع حد الأسطورة حين تدخل في حيز القدرة على الامتداد والتواجد في كل زمان ومكان، والإيحاء بتغيير شكل موجودات الطبيعة، وهي الشخصية القادرة على الإبداع دون حدود"أبدعت اكثر / لما رفعت الشمس أكثر / والقمح أكثر / والسرو أكثر / ونسجت من فمك المدور / قمراً على باب الخليل.."فهل كان مثل هذا الولد مسكوناً بكل هذه القدرة على التغيير والإبداع؟؟..
لا نستطيع القول بعكس ذلك، فالطفولة الفلسطينية التي شكلت كل هذا الدفق الرائع من المقاومة، كانت بحق طفولة قادرة على التغيير والإبداع والرسم بريشة تستطيع استحضار كل الألوان دفعة واحدة. وهايل عساقلة لا يريد أن يقول غير ذلك، لأنه يعرف أن هذه الطفولة استطاعت أن تشد انتباه العالم كله لما تشكل من خرق وكسر لكل ما هو عادي. الشخصية / البطل هنا تتفوق على حدود الشخصية المعروفة للطفل، لتكون شخصية استثنائية في زمن استثنائي وفعل استثنائي..
هذا الولد"قطع المسافات الطويلة ما تعثرْ / وبكفه أعلى جبين الأفق أكثرْ"وهو المحاصر في الأزقة والمقاهي والشوارع، أبدع أكثر عندما تقحم الردى"والخطب / والجيش المقهقرْ"وهو الولد الذي يأخذ كل أسماء المدن حين يسأل عن اسمه"اسمي أنا لا فرق / دورا / اسمي أنا لا فرق / غزة / والخليل / وبيت أُمَّرْ.."وهو يصر في كل الحالات على أنه من الأرض وإليها "فالتراب هويّتي / إنْ نمتُ كانَ وسادتي / ومتى صحوتُ حملتهُ / لغماً لأدخله عباءةَ سادنٍ / وثياب قيصرْ.." لذلك كان الولد الذي يستطيع أن يبدع أكثر وأكثر..
كما نرى تبتعد القصيدة عن أي تطور في الحدث، ولكنها لا تستطيع الابتعاد عن حركة الحدث التي تملأ جوّ القصيدة. فالحدث هنا حدث متحرك في كل الاتجاهات، وفي كل المسافات، لأنه حدث الانتفاضة من خلال الفعل الذي يقوم به الطفل الممثل للطفولة في الوطن المحتل. لا نستطيع أن نحصر السير أو الحركة في خط واحد، لأن الطفولة تأبى ذلك. فالحدث شديد الغليان والإبداع والانتقال والتوزع "يا أيها الولد الموزعُ / بينَ مدرسةٍ، وبيتٍ / بينَ بوليسٍ / ومعتقلٍ / وعسكرْ"و"قطعتَ كلَّ مساربِ الدنيا / وخطوكَ ما تأخرْ" وهكذا تنبع الحركة وتكبر دائرتها، دون التوقف عند ضابط أو عدد لها، وتبقى مثل هذه الشخصية شديدة الامتداد والخصوبة..
أخيراً يمكن القول إن الشخصية العربية الفلسطينية استطاعت أن تشكل حضوراً متميزاً وكبيراً في قصيدة الانتفاضة التي تواصلت مع الحدث المقاوم في الوطن المحتل، فصوَّرَتهُ ورسمت كل امتداداته من خلال فعل وحركة هذه الشخصية. وطبيعي أن مثل هذه الشخصية لم تكن شخصية قصصية بالمعنى الكامل للمصطلح، إذ كانت كل قصيدة تتناول شخصية قريبة إليها لتقول حكايتها الواقعية بأبسط صورة ممكنة ودون اللجوء إلى الإضافات أو التزيين. فالشخصية هي الشخصية، والحدث هو الحدث، ولا حاجة للإضافات ما دام الحدث"الانتفاضي"كبيراً خلاقاً رائعاً، وما دامت الشخصية "المنتفضة" قادرة على رسم الواقع بكل هذا الإبداع..

[/align]
طلعت سقيرق غير متصل   رد مع اقتباس