عرض مشاركة واحدة
قديم 14 / 08 / 2009, 14 : 11 PM   رقم المشاركة : [29]
ليلى مقدسي
شاعرة وأديبة
 





ليلى مقدسي is on a distinguished road

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: حلب - سوريا

رد: زمن البوح الجميل / رسائل بين الأديبة ليلى مقدسي والشاعر طلعت سقيرق

( طفرة بوح )
وارحمتا للعاشـــــــــــقين تحمّلوا ســـتر المحبة والهوى فضاح
بالســـــــر إن باحوا تباح دماؤهم وكذا دماء العاشـــــقين تباح
عودوا بنور الوصل في عنق الدجى فالهجر ليل ، والوصال صباح
(( السهروردي ))
[align=justify]
كيف بدأنا زمن البوح ؟..
حين نبت الحرف على أهداب صفصاف الغياب ، حين تبرعم الزنبق على شجر الروح . حين سمحنا لطائر الوجد أن يرمي رسائلنا لكل عشاق العالم ، حين ضفرنا لغة الحب جدائل وردية لقامات جسور الكلمات ، أليس الحرف كاللغم في ارض مجهولة لا نعرفها . كالحب تماماً ، قد نتعلق بأشخاص لا نعرفهم ، وثمة بشر لا نستطيع أن نكتب لهم حرفاً واحداً ، أو نمنحهم لحظة ثابتة في زوايا الذاكرة .
وثمة أشخاص يدخلون الأنفاق السرية خلسة فتحدث لحظة اليقظة الذاتية وتتقد شهوة الكتابة النهمة ، وكما أني أحكم على الأشخاص والأشياء منذ اللحظة الأولى بحاسة لا تخطىء ، هكذا أندفع إلى الكتابة ، ولكن هل من جدوى للاحتماء بالكلمات فقط ؟ .. هكذا اندفعت إلى الكتابة بأصابع تلاعب الحروف على قيثارة الأحاسيس ، وقد تتجاوزني الحروف أحياناً مأخوذة بهذا السر الغامض والذي لا يقبل أي تفسير .. فالحب كالفن لحظات احتراق ذاتية ، ولحظات احتراق للزمن ، للعرف ، للمجتمع ، للأديان ، للمألوف ، دون أي مبرر منطقي يحتل إنسان ما مساحة اللا شعور ، دون أن ننتظر العثور عليه ، ويحاصر منطقة محرمة لا يدخلها أحد ..كيف أنبتَّ الياسمين على صدر الحجر ؟ ..
كيف غيرتَ ألوان البحر ؟ ..
صمت المحب يربك خارج حدود الكتابة ، ويجعل أسلاك الهاتف تغرد كعصفور شريد يدمدم بنبرات شجوه ، قلقه ، فرحه ، هذيانه ، ويبقى يحوم بلا عنوان في فضاءات الاندفاع العشوائي..
حضوره مربك على الورق بمحاذاة أنوثتها المحجوبة بخمار الصفحات، وحين يغادرها عصفور الحب المسافر أبداً ألا يمارس ساديته ، و يمارس ظلمه بقهر آخر ولكنه يتركها ليساهم في سعادة الآخرين .. وهل تستطيع الكتابة وحدها أن تعري كل تفاصيل رجولته ؟..
ما بيننا لغة ، فهل تكون اللغة أجمل منا ؟ أجمل من قصتنا ، أجمل من أحاسيسنا ، أجمل من أمزجتنا ، أجمل من اندفاعنا ؟..
هو .. يبعثر ألوان لغة لا لون لها .. ولها كل الألوان ..
هو .. ينقط على شغاف القلب حروف الحب واللا حب ، يبعثر أوراق المعنى واللامعنى .. من المستحيل اعتقال لحظة الذهول التي يخلقها حين يشد معطف صمته ويمضي لا مبالياً ..
لماذا يثير فيها كل هذه التساؤلات ، ولماذا يطوف بها حلقة الاستفسار ؟؟ ولماذا يخلق لها حالة من حالات خروج الذات من حصار المنطق العقلاني ، لجامد الأسئلة المنهلة حالة عشقية غامضة تتقمصنا ، وتشدنا إلى الآخر المجهور بخيوط لا مرئية . الغموض يثيرني ، يشدني إلى حالات التوتر الخللي للأفكار حين أمتطي مراكب التيه على لجة تفاصيل لا أجد لها تفسيراً ..
أحب لحظة المفاجأة العشقية ، ولكن ماذا لو أخفى وراء الحروف رجلاً آخر أتابع قراءة بوحه الخاص مع العام لأتتبع الاحداث ، إنها مغامرة جمالية المعنى ، وهذا هو خلطي الدائم بين اصراري على الطفولة وبالمضاد لها في الحياة .. هل يبقى طفل العشق يحبو في ذواتنا ولا يكبر ويتعقل ؟ .. وهل نبقى كائنات عشق حبرية .. اسطورية .. افلاطونية .. إذن علينا ألا نغادر الورق ..
[/align]
ليلى مقدسي غير متصل   رد مع اقتباس