عرض مشاركة واحدة
قديم 14 / 08 / 2009, 21 : 11 PM   رقم المشاركة : [31]
ليلى مقدسي
شاعرة وأديبة
 





ليلى مقدسي is on a distinguished road

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: حلب - سوريا

رد: زمن البوح الجميل / رسائل بين الأديبة ليلى مقدسي والشاعر طلعت سقيرق

( براعم الحب )
[align=justify]
من هيكل السهروردي الثالث قرأت : الجهات العقلية ثلاث : واجب. ممكن . ممتنع . وغيَّبَ معانيه في منافذ رؤى المطلق الغامض ..
حاولت أن أغوص بأفكاره عبر منافذ الأرض ، وبوابات الحياة ، فكان لها لديّ تفسير آخر ، ـ الواجب ـ ضرورة الوجود وأحياناً نرغم عليه . ـ الممكن ـ ارتجال الحرف على أوتار اللغة . أما ـ الممتنع ـ في كل العصور هو ـ الحب ـ .
هذا الممتنع الساحر يرسم لي الغمام السابح في غربته وشاحه المزركش كلما هبط الليل ، وكلما غرد صبح ، إنه حالة الديمومة التي تتفتح كاشراق الإيمان في روح ضالة ، هكذا تبقى شموع معبد القلب في رقص نورها الأزلي الذي لا ينطفئ ، وتخرج الروح لاكتشاف هذا المعنى الغامض في سرية كل الأشياء فتختصر الوجود بمعنى واحد ثابت ـ الحب.
هو المعنى الحقيقي ، هو المحارب دائماً ، المعتقل دائماً في سجون التعذيب وزنزانة الأحكام الجائرة بقسوتها ، وهذا المعنى الذي اختصر كل المعاني للحياة ، ألم نخلقه نحن فيما لو لم يوجد؟.
لمسة الفنان لريشته ، وحروف الشاعر لنبضه ، والقلب المنتظر لهمسة حنان . وخيال المبدع ، كل هذا عملية خلق على وجنات الجمال ، وخمار حلم الخيال يلف جدائل الأزهار الوردية ، والبنفسجية ، لتتفتح براعم الابتسامة على شفاه كل العشاق ، كما تتفتح رغبات الحياة ..
الوقوف بلا حب يشوه معنى الحياة ، ويفقدها أهميتها . والشكوى غير ذات جدوى ، لأننا نحن دائماً مسؤولون عن معظم آلام الحياة وليس الله . فالضعيف هو الذي يخاف ، ويتهرب من المواجهة ، ثم يحمل الله مسؤولية فشله ، أما القوي فهو الذي يقول لله .. كم أحبك من أجل اللاشيء .. وبذلك يتحمل مصيره لأنه من بشر ، والبشر تخطئ وتصيب، فلِم نرمي الأخطاء التي مارسناها على القدر ونخاف الله ..
كلما نظرت إلى السماء يطالعني وجهك سبحة تدفق وعطاء وصفاء ..
أقرأ بين خفايا الزرقة والغمام سرك ، لأن العاطفة الصادقة والعارية من كل منفعة تبقى إحساساً مستمراً ، وشعاعاً جميلاً يوهج الزرقة العاشقة للامتناهي الأزلي . ألا تكمن قيمة الحب العظمى ( بالعطاء ) .
الحب طفل حر يعبث في كل زمن ، وفي كل مكان . وفي كل سن . وفي كل قصر . وفي كل كوخ . ويتعربش على سياج المسافات .
إنه يرفض المقايضات ، والحسابات . والتدقيق . والشروط .. وإلا سقط في بئر اللامعنى.. وانزوى في مركونات الزوايا .
وهذا الذي يمارس الناس كل طقوسهم به ويسمونه ـ حباً ـ هو إهانة للحب . لأن الشمس لا يلزمها حجاب ..
هكذا تعودت أن أحب .. هكذا تعودت أن أنبذ الضعف فالضعيف لا يعرف أن يعطي . ولا يعرف أن يحب ..

[/align]
ليلى مقدسي غير متصل   رد مع اقتباس