وتركض الأيام والساعات
تقترب ساعة الصفر كما كانت يوم فاض الغسق
تفيض الآن طرقات البلاد بكل الليل القديم
ويستيقظ الغول الذي أغفى على لحومنا
والصيف يركض في المسارب والحقول والبراري
وما زلنا نلوب ونلوب وسط العاصفة
تلوكنا الذكرى وتمضغنا الهزائم
ونحاول رسم ملامح فجر لم يولد
بضعة أيام ونكون داخل حوامة الاعصار
وسوف يرمينا على ظلالنا القديمة
ونعود نلوب
والتاريخ لا يرحم ، سيقول جملته
سيعري الجميع
والتاريخ يتكلم
ولا ينسى
والعصافير في الجليل تحاول الان أن تغفو
على نوافذها القديمة
أراها الآن في حيفا على النوافذ المشرعة على البحر
وما زال أبو سلمى هناك في غرفته
أراها في طبريا تطل على البحيرة ، تتأمل الشمس الساقطة في البحيرة صباحا
تطل الشمس من خلف الجولان ، تسقط في البحيرة ويمتد شعاعها قاطعا البحيرة من الشرق للغرب
والعصافير في المجدل والحمة وسمخ تنادي
يا راحلين عن الديار متى الاياب
ولا مجيب في ازدحام الموت المجلل الافق
البلاد الان تغطي رأسها وتنتقب
لا تطيق النظر في الصباح الغريب
تطلب الصمت من الجميع
تقول انها لن تغفر ولن تنسى
تمضي وحيدة الى المقابر تزور ابناءها الذين ناموا على مر التاريخ في حضنها
ثم تعود الى صهيل لم يخفت منذ انطلق
وتطل نجمة الصبح عليها تغازلها
ومعها قمران وشمس عربية
تدوِّن ما يأتي قريبا
في السطر الاول
عائدون
في الثاني
عائدون
في الختام
عائدون
وتزغرد الهضاب على مد الصوت
وينهض شهيد ما زال دمه يسيل
سقط قبل قريب من ألف عام
وما زال دمه يسيل
يمشي فوق الماء والتراب والهواء
يرسم الحدود المقبلة
ينبت الأخضر ملء القلب
وتفيض البلاد شموسا
ويهتف باحياء يعرفهم :
بيض القلوب على الخنى مسودة ** والأخضر الغد واللواء الأحمر (1)
ويتابع هتافه :
تتلو سواد الليل شمس صباحنا ** والأخضر التالي دمًا وقتالا (2)
**
1 ـ البيت للشاعر سميح القاسم
2 ـ البيت للشاعر محمود مرعي