صفحات للذب عن أم اللغات
[frame="15 98"]
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على الحبيب المصطفى وآله وصحبه و من اهتدى بهديه إلى يوم الدين ..
إخوتي الكرام السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
وقفات لغوية مع الدكتور مروان العطية :
إن الذي أتاح للغة العربية أن تزدهر على هذا النحو المرموق تلك الجهود التي بذلها الرعيل الأول من سدنة اللغة العربية وحفظتها في فجر النهضة.
إذ كشفوا عن أسرار الألفاظ والعبارات ، وتتبعوا ما يجري على أسَلات الأقلام من مختلف الأساليب ، فكانوا عونا على تصفية اللغة من الشوائب ، وإقالتها من العثرات ، وحسبنا أن نذكر منهم :
اليازجي ، والآلوسي ، والكرملي ، والمغربي، والعوامري ، والدسوقي …….
ومن إليهم من الأشباه والنظراء على تباين الأقدار ، وتفاوت النظرات .
أولئك قوم كانوا أحراس اللغة ………
يذوبون غيرة عليها ، وحفاظا لها ، فانبعثوا يذودون عن حياضها ، حتى يتوافر لها على الزمان نقاء وصفاء .
محتذين في هذه السبيل حذو أسلافهم ، الذين كانوا في قرن بعد قرن ، يسبرون أغوار الكلمات ، والعبارات ، فما وجدوه منها محلا للظِنة أذاعوا به ، ونهوا عنه ، ولا يفتؤون يعملون على تقريب مناهل التعبير من أقلام الكتاب ……..
ومن هؤلاء:
ابن السكيت ، والهمذاني ، والحريري ، والجواليقي ، والثعالبي ، والخفاجي ……
إلى عشرات ، بل مئين ، بل آلاف ، من أضرابهم وأمثالهم.
وها نحن نفتح هذه الصفحات ، للذب عن أم اللغات
وسوف تكون سجالات بين الأخطاء الشائعة ، والتحقيقات اللغوية ، والألفاظ العربية التي حرفتها العامية ، وفي بعض دقائق اللغة ، ثم نتجول في بعض طرائف اللغة ، ونعرج على الشاذ منها ………
وهذا الباب مفتوح للجميع
لكل من يريد أن يدافع بسنانه ، ولسانه عن أم اللغات
قال الله تعالى في محكم آياته:
(إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) [يوسف:2]
(وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا) الرعد الآية 37
(وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا) طه الآية 113
(قُرآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) [الزمر: 28 ]
(كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) [فصلت: 3]
(وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا) [ الشورى:7 ]
(إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) [الزخرف: 3]
(وَهَذَا كِتَابٌ مُّصَدِّقٌ لِّسَانًا عَرَبِيًّا لِّيُنذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ) [الأحقاف: 12]
وقد جاء في كتاب ، في إحدى مكتبات مدينة (وليمسبورغ) الأمريكية ، أن أحد أعضاء مجلس النواب الأمريكي (الكونغرس) ، قال:
( إننا نصنع القوانين لمعاقبة المجرمين ، الذين يسرقون ويقتلون ، فلماذا لا نضع القوانين لمعاقبة الذين يفسدون اللغة !!؟)
فإن كان هذا القول قد صدر في بلد تكثر فيه المعامل والآلات ؛ التي بنى عليها مجده الشامخ ، فماذا يجب علينا – نحن أبناء العربية- أن نفعل !!؟؟
ولم يبق لنا من ماضينا العظيم سوى هذه اللغة ، التي تحتضر ، وذلك بعد أن أصبحنا اثنتين وعشرين دولة عربية ، كانت في الماضي دولة واحدة !!؟؟
فهل نترك اللغة العربية لأعدائها الكثر ، الذي يحاولون تحطيمها !!؟؟
وإن كل من يتحامل على اللغة العربية ، ويجحد فضائلها الكثيرة ، ومجدها الأثيل ، ليس سوى عدو لدود للأمة العربية ، وللغتها الأم ، لغة القرآن ، وعليها أن تنبذه من بين ظهرانيها نبذ النواة .
ومما هو جدير بالذكر أن خير ما ألف في هذه البابة ، هو
1- معجم الأخطاء الشائعة
2- معجم الأغلاط اللغوية المعاصرة
وهما من أهم ألف في هذه البابة
وقام بتأليفهما:
الأديب اللغوي محمد العدناني الفلسطيني
ونبدأ بـ - بسم الله الرحمن الرحيم- :
- ببابة: الأخطاء الشائعة ، في لغتنا الحبيبة - :
ـ يقولون : انسحب الفريق من المباراة
ـ والصواب : خرج الفريق من المباراة
يقول ابن منظور في لسان العرب : السحب : جرّ الشيء على وجه الأرض
كالثوب وغيره .... ورجل سحبان : أي جرّاف يجرف كلّ ما مر به . ا.هـ
ولم يرد في المعجم الفعل انسحب بمعنى تقهقر أو نكص أو ترك ، وذكر صاحب معجم الخطأ والصواب : يخطِّئ أسعد داغر وزهدي جار الله من يقول : انسحب الجيش بحجة عدم ورود الفعل في كلام العرب بمعنى تقهقر أو نكص
في حيبن أنه أيد المعجم الوسيط في استعمال الكلمة بمعنى تقهقر
ـ يقولون : هذا الكتاب عديم الفائدة
ـ والصواب : هذا الكتاب معدوم الفائدة
جاء في معجم مقاييس اللغة : العين والدال والميم من أصل واحد يدل على فقدان الشيء وذهابه ، وعدم فلان الشيء إذا فقده ، وأعدمه الله تعالى كذا ، أي أفاته ، والعديم الذي لا مال له أ.هـ . وجاء في اللسان ـ أي لسان العرب لابن منظور ـ رجل عديم : لا عقل له
فالعديم هو الذي لا يملك المال وهو الفقير من أعدم أي افتقر . وقد حمل معنى هذه اللفظة من المعنى المادي إلى المعنوي
ـ يقولون : انكدر العيش
ـ والصواب : تكدَّر العيش
جاء في جمهرة اللغة : الكدر ضد الصفو ، كدر الماء يكدر كدرًا وكدورًا وكدرة ، والماء أكدر وكَدِر ، ومن أمثالهم : خذ ما صفا ودع ما كدِر انكدر النجم إذا هوى ، وكذلك انكدرت الخيل عليهم إذا لحقتهم ، وجاء في اللسان : كدر عيش فلان وتكدَّرت معيشته .
ـ يقولون : أحنى رأسه خجلاً ، أي عطفه
ـ والصواب : حنى رأسه خجلاً .
لأن معنى أحنى الأب على ابنه ، أي غمره بعطفه وحبه واشفاقه ومن قبيل المجاز نقول حَنَتْ المرأة على أولادها حُنُوّاً ، إذا لم تتزوج بعد وفاة أبيهم.
ـ يقولون : حرمه من الإرث ،فيعدُّون الفعل ـ حرم ـ إلى المفعول الثاني بحرف الجر ـ من ـ
ـ والصواب : حرمه الإرث بنصب مفعولين .
أي الفعل ـ حرم ـ يتعدى إلى مفعولين تعدياً مباشراً ، وقد أجاز بعض اللغويين ( أحرمه الشيء ) أي حرمه إياه
ـ يقولون : تحرّى عن الأمر ، فيعدون الفعل ( تحرّى ) بحرف الجر ( عن ) ـ
ـ والصواب : ( تحرّى فلانٌ الأمرَ ) ، أي توخاه وطلبه ، ويقال : ( فلان حَرِيٌّ بكذا ) أي خليق وجدير وحقيق وَ ( أحْرِ به ) أي أجدر به ) قال الشاعر :ـ
وقد اشتق التحري من ( أحرِ به ) ، وهو يعني توخّي الأولى وقصد الأحق ، كما تدل على ذلك طائفة من النصوص اللغوية نذكر من بينها :ـ
قال عز وجل (سورة الجن 14) : { فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُوْلَئِكَ تَحَرّواْ رَشَدًا } أي توخوا وعمدوا
ـ يقولون : احْتَضَرَ فلان في المستشفى
ـ والصواب : فلانٌ يُحْتَضَرُ في المستشفى ، لأننا نقول : : ( احْتُضِرَ فلان ) إذا حضره الموت .
قال تعالى ( سورة النساء 18 ) { حَتَّىَ إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمْ المَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ }
ـ يقولون : نسائم الصباح الجميلة
ـ والصواب : نسمات الصباح الجميلة
نسائم على وزن فعائل ومفردة نسيمة على وزن فعيلة مثلها في ذلك مثل صحيفة وطريقة ووديعة
وجمعها صحائف وطرائق وودائع ، أما جمع نسمة فهو نَسَمٌ أو نسمات ، يقول إبن منظور صاحب
لسان العرب : ( ونسيم الريح أولها حين تقبل بلين قبل أن تشتد ) . ويقول في موضع آخر والنسمة
الإنسان ، والجمع نَسَمٌ ونسمات ، قال الأعشى :ـ
إذا النسمات نفضن الغبارا بأعظم منه تقى في الحساب
وقد وردت نسائم عند بعض الشعراء المعاصرين مثل قول أحدهم :ـ
سوف تظل دائمة من عطرها نسائم
ـ يقولون : إسهاما منها في تشجيع القدرات
ـ والصواب : مساهمة منها في تشجيع القدرات
إسهاماً هو مصدر الفعل أسهم ، وهذه تعني كما يقول إبن فارس في مقاييس اللغةأسهم الرجلان إذا إقترعا) وذلك من السّهمة والنصيب . وهذه تختلف مساهمة المشتقة من الفعل ساهم الذي يعني شارك ، فالمساهمة هي المشاركة والإسهام يعني الإقتراع . ومن هنا نلاحظ أن أية زيادة في المبني تؤدي إلى تغيير المعنى
ـ يقولون : مجوهرات فلان
ـ والصواب : جواهر فلان
يقول إبن سيده في لسان العرب : ( الجوهر معروف ، الواحدة جوهرة ، والجوهر كل حجر يستخرج منه شيء ينتفع به ) . والجوهر على وزن فوعَل وجمعها جواهر على وزن فواعل ، ومثلها في ذلك مثل جورب وجمعها جوارب وجوسق وجمعها جواسق . وقد وردت هذه اللفظة في صحيح مسلم ( كنا مع فضالة بن عبيد في غزوة ، فطارت لي ولأصحابي قلادة فيها ذهب وورِق وجوهر ) كتاب المسقاة.
يتبع بإذن الله عز وجل .
[/frame]
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|