12 / 08 / 2010, 07 : 01 AM
|
رقم المشاركة : [6]
|
الإعلامية والأديبة مريم يمق / شاعرة وقاصة وأديبة وإعلامية، مشرفة سابقاً عضو الرابطة العالمية لشعراء نور الأدب
|
رد: الإعتراف(سأعترف بجريمتي، فهل تسمعون ؟)
2
أمسك بيدي وراح يقترب بي من المسبح، وهو يسمعني من الكلام مايبكيني سعادة وسرورًا، فيمسح بيده عن خديَّ الدموع برقة وحنان.. لم أشعر بالزَّمن وأنا استمع إليه بكل جوارحي المستسلمة لجمال بوحه، وعذوبة صوته، وروعة تفكيره، حتى لامست أقدامنا حافة المسبح، فقد كانت جميع حوافه بمستوى سطح الأرض عدى المكان الذي ثـُبِّتَ فيه السُّلمُ الحديدي الذي يصل إلى أرضه، بعمق أربعة أمتار متساوية من كلِّ الجهات، بخلاف المسابح الأخرى، بحيث يكون العمق فيها تدريجيا، وكان السُّلَّمُ يتحرك صعوداً وهبوطاً بواسطة الكهرباء من رأس العمود الضخم الذي كان المرتفع الوحيد قرب المسبح بثلاثة أمتار رغم أن طول المسبح كان قد تجاوز العشرين متراً وعرضه خمسة أمتار بما يتناسب وحرف السين، وكأنه أراد أن يجعل منه بحيرة تعكس زرقة السماء رمزًا لصفاء الحب الذي يجمعنا، ولكنني لم أكن أعرف السِّرَّ وراء جعل السُّلَّمِ متحرِّكاً بالكهرباء.. سألت نفسي وأنا أستمع إلى حديثه: كيف استطاع المهندسون عزل الأسلاك الكربائية بحيث لاتسبب ضرراً إذا ابتلت بالماء؟ أحببتُ معرفة ذلك منه، ولاأدري ماأنسانيه.. شعرت بخوفٍ خفيٍّ يتسرَّب إلى داخلي، وأنا أشاهد هذه الحفرة الواسعة، وقد تخيَّلتُها فارغة من الماء، فوضعتُ يديَّ على عينيَّ هروبا من المشهد المخيف، وشعرت بدوخة، فأمسك بيدي، وسألني: أهناك مايزعجك؟
أجبته: تخيَّلت المسبح فارغاً..
فقال باسماً: سترينه كذلك بعد أن ينظِّفه العمال خلال الأيام القليلة القادمة.. سألتقط لك بداخله بعض الصُّور لتبقى ذكرى..
فقلت له : لاأريد هذه الذِّكرى.
فسألني بشيء من الحزن: وإن كانت معي؟
أحسست بإساءتي إليه دون قصدٍ مني،فقلت في محاولة لامتصاص ماسبَّبتُه له من أحاسيس مؤلمة: كنت أمازحك، الصُّورة في جوف المسبح وهو فارغ من الماء ستكون مدهشة ومثيرة.. بعد عدَّة أيَّام دعاني لزيارة المسبح بعد أن تمَّ إفراغه لإدخال بعض التَّعديلات الهندسية عليه، وما كنت لأهتم بالحديث عنها معه، وعندما وصلنا إلى حافته عاودتني حالة الرَّهبة وأنا أشاهده فارغا.. لم يتركني سامي طويلاً في بوتقة اضطرابي هذا فقال لي:
سأطلعك على سرٍ لايعرفه أحد غيري، ولكن بعد أن ننزل إلى أرض المسبح.. راقبي جيدًا ماسأقوم به.. راحت يده تضغط فوق القاطعة الكهربائية، فتحرك السُّلَّم ونزل بنا، وأنا أحسُّ بقلقٍ مفاجىءٍ من جَرَّاء ِهذا الطَّلبِ الغريب من قِبَلِه.. ترى مانوع السِّرُّ الذي سيطلعني عليه في حفرة، أولم تكن غرفتنا أكثر مناسبة للبوح به؟!!! سبقني بالنُّزول، فتبعته، وأنا أرتجف كعصفورٍ صغير خوفا مما أنا فيه، ومن سره المجهول، تمنيت لدقائق ألا أكون قد خرجت من حظيرة العنوسة، مقابل تعرُّضي لمثل هذا الموقف المثير حقاً.. شعرت بالإختناق وأنا في جوف المسبح، ظننته قبراً ضيقًا رغم اتساعه.. حاولت الصُّعود منه، ولكنَّ يد سامي القوية كانت أسرع من خطواتي، فأمسك بي، وراح يُحدِّق في عينيَّ المذعورتين بنظرات غريبة، للحظات شعرت خلالها بدنو الأجَل، وعجزت في قبضة خوفي الطاحن عن التَّكهن بما يدور في رأس هذا الرَّجل في تلك اللحظة المحرجة بل المخيفة، وأنا وحيدة معه، ربما شعر بسقوطي في هوة الرُّعب السحيقة التي ألقاني بها، فانفجَر ضاحكا، ويداه تضمني إليه بحنان ومحبة، فأحسست بشي من الرَّاحة ممزوجة بالقلق، وأنا ألقي برأسي فوق صدره ألتمس فيه الدفء والأمان، فقال بصوت يتدفَّقُ حنانًا: أكنت حقاً خائفة؟
أجبته ودمعة تنساب من عيني: نعم، ظننت..
لم يدعني أكمل، فقال هامسا وعيناه تزرعان في عيني الطمأنينة فيتشرَّبها قلبي رحمة وسلاما: من يرمِكِ بوردة أرمِهِ برصاصة... أحاطني بذراعه، وسار بي باتجاه الزَّاوية الغربية من المسبح.. أخرج من جيبه مفتاحاً صغيراَ جداً راح يلمع تحت أشعة الشمس.. جلس القرفصاء، ودعاني للاقتراب منه، فرأيته يدخل المفتاح في قفل صغير في الحائط ، ويدير به يده، وخلال لحظات قليلة رأيت العجب.. فتح باب في الحائط كان مموَّهاً من الخارج لايستطيع أحد مهما كان ذكياً أن يكتشف وجوده، لأنَّه مبلط بالسيراميك كبقية أرجاء المسبح، مصنوع من الحديد بسماكة عدَّة سنتمترات، وقد سيِّجت جميع حوافه الدَّاخلية بعاذل مطاطي، يمنع تسرُّب الماء إلى داخل الغرفة، عندما يكون المسبح مملوءاً به.. لم أتبين ماوراء الباب لانعدام النُّور فيه، فقال بابتسامته الجميلة: انتظري سأريك شيئا.. اخرج مفتاحاً آخر من جيبه، ووضعه في مكان ما من الحائط الدَّاخلي للغرفة، فرأيت الحائط ينشق عن باب سرعان ماشاهدت ماوراءه عندما دخل منه إلى غرفة واسعه لا أدري كيف أضاء فيها النُّور، إلا بعد أن رأيت عدة قواطع كهربائية بطرف الحائط الخارجي للغرفة الأولى، و عندمافتح الباب فاحت من خلاله رائحة الرُّطوبة، فكدت أختنق، وهو يمسك بي، ويدخلني اليها..
بقلم
زاهية بنت البحر
يتبع
|
التعديل الأخير تم بواسطة زاهية بنت البحر ; 13 / 10 / 2010 الساعة 41 : 09 PM.
|
|
|