13 / 08 / 2010, 10 : 02 AM
|
رقم المشاركة : [8]
|
الإعلامية والأديبة مريم يمق / شاعرة وقاصة وأديبة وإعلامية، مشرفة سابقاً عضو الرابطة العالمية لشعراء نور الأدب
|
رد: الإعتراف(سأعترف بجريمتي، فهل تسمعون ؟)
3 شعرت بنبضه متسرعًا عندما ضمت يده يدي كأنه أراد أن يبث الأمن في صدري الذي بات متأرجح الهدوء، لاهث الأنفاس رغم الجهد الذي أبذله في طمس معالم خوفي في وجهي ونبرات صوتي.. كانت الغرفة فارغة كلها عدا الجدار الشمالي، تجثم باطمئنان عند كعبه خزنة حديدية كبيرة نبتت فوق جلدها الأسود المتشقق بالرطوبة عروقٌ من الملح رمادية اللون، اقترب منها وراح يفتحها بطريقة خاصة لا أفهم عنها شيئاً.. نظر إلي قائلاً: اقتربي وانظري..
انحنيتُ قليلا وأنا أنظر إليها.. كانت مليئة بالنقود، وببعض العلب المخملية الملوَّنة بأحجام مختلفة، فأخرج علبة خضراء، وقدَّمها لي:
- هذه لك يا سناء..
- : ما بداخلها ؟
- : عقد ماسي، ثمنه ستُّون ألف دولار..
قلت بدهشة: ستون ألف دولار ؟!!
-: أجل ولك منها المزيد.
-: ولكن أولادك ما..
- : تركت لهم ما يكفيهم، وأولادهم لسنين طويلة، هذه الخزنة ومحتوياتها ستكون لك بعد وفاتي..
- يا لقسوتك.. غرستَ سكينًا في صدري..
تركته، وركضت باكية باتجاه السُّلَّم، فناداني ضاحكاً: لا تبكي يا حبيبتي أما ترينني ما زلت شابًا قويًا؟
وراح يضحك بجمال لم أره فيه من قبل.
وعندما عدنا إلى غرفتنا سألته لماذا يضع نقوده في المسبح حيث الرُّطوبة والماء، فأخبرني بأنه لا يحبُّ التَّعامل مع البنوك، وهذا المكان لا يمكن لايِّ لصٍ أن يطاله و بابتسامته المعهودة قال: – لا أحد يعرف هذا المكان غيرك.. بناه عمالٌ من خارج المدينة..
منذ ذلك اليوم أصبح للمسبح مكانة خاصة في نفسي لم أستطع تحديد هويَّتها رغم مرور ثلاث سنوات على تلك الحادثة..
تعوَّد سامي أن يتركني في البيت وحيدة مع خادمتي ربا، ولكن بعد زواج ربا استقدم من إحدى القرى المجاورة رجلا، وزوجته ليعيشا معنا في المنزل بحيث يقوم عزَّام بخدمة سامي، وتقوم زوجته بتدبير شؤون البيت، وكان سامي قد خصص جناحا خارج المنزل للخدم، فاستقر فيه عزَّامٌ وهنية ، وابنهما الرَّضيع رشاد..
كانت أمي تزورني، ولكنَّها لم تكن تفضِّل المبيت عندي بحجَّة أن أبي لا يحب أن تنام زوجته خارج البيت، وكذلك إخوتي وأخواتي كانوا يأتون لزيارتنا نهارا، ويرجعون إلى بيوتهم مساءًا، وكثيراً ما كنت أطلب من خالتي بهيجة أن تعيش معي، فهي أرملة وتسكن مع ابنتها في بيت صهرها، ولكنَّها لم توافقني يوما..
أحيانا كنت أحس بالوحدة، فأقتلها بالقراءة، وخاصَّة قراءة القصص البوليسية، لذلك كنت سريعة الخوف، ولكنني تعلمت منها سرعة التَّفكير، وكيفية التَّخلُّص من المواقف الصَّعبة..
بعد دخول عزَّام وزوجته البيت، أصبح الوضع العام أفضل بشكلِ ملموس، فقد حظي عزَّام بثقة سامي الكبيرة ومحبته، وعامله كابن له، وأشركه في الكثير من أسراره العملية والمالية، حتى أنه كان يدخل عليه مكتبه دون استئذان.. لم أخفِ عن سامي شعوري بالضِّيق من عزَّام، ولكنه كان يحاول دائماً امتصاص غضبي، بالثناء عل حسن أخلاق الرَّجل ومروءته، فسكَتُّ مرغمةً مع التزام الحيطة منه، والحذر..
هنيَّة امرأة قروية في الثَّلاثين من العمر، تمتاز بقوة الجسد والنَّشاط، وتمتلك شيئاً من الجمال الملوَّح بالشَّمس، كانت تحب زوجها (عزَّام) وتغار عليه كثيرًا، فقد تزوَّجته بعد قصَّة حبِّ أخبرتني بتفاصيلها ذات يوم بعدما ذهب عزَّام برفقة سامي إلى المدينة لأمر هام حدَّثني عنه زوجي بعد أن عادا بحقيبة سوداء مليئة بالنُّقود لم يخبرني من أين جاء بها. في بعض الأحيان كنت أحسُّ بغيرة هنيَّة مني على زوجها رغم أنني لم أكن أترك له مجالاً ليراني إلا وأنا محتشمة.
لا أدري كيف استطاع هذا الرَّجل أن يدخل بسرعة قلب زوجي، فيطمئن إليه، ويصبح كاتم أسراره الخاص، وربما كان يعرف عنه مالا أعرفه أنا. بدأت أحسُّ بالضِّيق منه، ومن تلك البساطة التي يتعامل بها سامي معه خاصة وإنني كنت أحيانا أرى (عزَّام) ينظر إليه بشيء من الغيرة، فلم أحبذ دخوله عليه غرفته متى شاء، وقد أخبرت سامي بقلقي هذا، فسخر من شكوكي، وقال إنَّ (عزَّام) رجل بسيط، وهو أفضل مما أظنُّ..
لم يوفر (عزَّام) فرصة ما دون أن يظهر محبته لسامي منفردًا به أو أمام الجميع، ولكنَّني كنت في ريب منه، فرحت أراقبه عن كثب دون أن أترك له ثغرة يضبطني بها، وأنا أرصده إلا مرة، أو مرتين.
بقلم
زاهية بنت البحر
يتبع
|
التعديل الأخير تم بواسطة زاهية بنت البحر ; 13 / 10 / 2010 الساعة 43 : 09 PM.
|
|
|