14 / 08 / 2010, 56 : 12 AM
|
رقم المشاركة : [12]
|
الإعلامية والأديبة مريم يمق / شاعرة وقاصة وأديبة وإعلامية، مشرفة سابقاً عضو الرابطة العالمية لشعراء نور الأدب
|
رد: الإعتراف(سأعترف بجريمتي، فهل تسمعون ؟)
4
ذات ليلة كنت في جناحي الخاص، الذي لا يدخله أحد سوى سامي، وكنت أنا التي أقوم بتنظيفه والعناية به، ولم أسمح لهنيَّة يوماً بدخوله مطلقاً..
جلست على الأريكة قرب النَّافذة أنظر بين الفينة والأخرى من خلف الزُّجاج، إلى تساقط الثُّلوج الرَّائع فوق أشجار الزَّيتون، كان المشهد يوحي بالكآبة رغم روعته ربما لأنني كنت في غرفتي وحيدة، أو ربما لسبب آخر لم يكن إحساسي به واضحاً في هذه السَّاعة، شغلت نفسي بالقراءة في إحدى القصص، وأنا أحتسي الشَّاي السَّاخن، بينما كان سامي يراجع حساباتِ بعض الدَّفاتر المهمة في مكتبه الذي يبعد عن غرفتي كثيرًا، وكان عليه أن ينهيها الليلة ..
سمعت دقاتِ السَّاعة في الخارج تعلن تمام َالعاشرة مساءً، فنهضت من مجلسي وأغلقتُ الكتاب، وخرجتُ من الغرفة لأحضر لسامي كأساً من العصير، وفي طريق عودتي من المطبخ باتجاه غرفة سامي سمعتـُه يصرخ بصوت مجهد: لا تقتلني يا عزَّام، أرجوك، خذ ما تشاء من النُّقود، لن أبلغ عنك البوليس..
فسمعت (عزَّام) يجيبه بصوت غاضب: سأقتلك وآخذ أموالك وزوجتك، كفاك عمراً أيُّها العجوز مت.. مت..
ياإلهي ماذا أفعل؟ إنَّني وحيدة في البيت، وسامي بين يدي مجرم، لم أعد أسمع صوتا، لقد قتله، رحتُ أرتجف مذعورة، حاولت اقتحامَ الغرفة، ولكنَّ الخوفَ كبَّلني، ربما لو علم بوجودي جاء ليقتلني، فأنا الشَّاهد الوحيد على الجريمة..
هربت إلى غرفتي.. أغلقتُ البابَ جيدا، واقتربتُ من الهاتف، رفعتُ السَّمَّاعة بعد أن وضعتُ كأس العصير فوق الطاولة الصَّغيرة قرب الهاتف، ولكنَّني لم أتذكر أي رقم هاتفي، فأعدتُ السَّماعة إلى الجهاز خشية أن يكون (عزَّام) على الطَّرف الأخر من الخط في غرفة سامي..
وضعت يديَّ فوق فمي أستجدي الدَّفءَ من أنفاسي، والدُّموع قد جمَّدها الخوفُ في عيوني..
ما أصعبَ الوحدة، أحسستُ بالغربة، بل بالنَّفي خارجَ المجتمع برفقة مجرم خطير، قد تطبق يداه حول عنقي في أية لحظة..
يا الله ماذا أفعل؟ بمن أستنجد؟ من سيحضر إلي في مثل هذه السَّاعة من الليل، لم أعد أتذكر كم أصبحتْ هذه السَّاعة ُ الآن، ومن سيأتي إليَّ يحتاج بأقل تقديرٍ إلى نصف ساعة للوصول إلى بيتنا، دون وقت الاستعداد للخروج من البيت .
يجب أن أفعل شيئا قبل أن يقتلني أنا الأخرى، وبينما أنا في زوبعة الخوف سمعت نقرات على باب غرفتي، فارتعدتْ فرائصي رعباً وبرداً، وما لبثت هنيهة حتَّى سمعتُ صوت عزَّام يقول: سيدتي..
لم أرد عليه.. ظننته يحمل سكينًا، عاود النداء مع النقرات بصوتٍ أعلى من ذي قبل
- سيدتي سناء إنني ذاهب إلى المدينة بتكليف من السَّيِّد سامي أتحتاجين شيئاً من هناك؟
استجمعت قوتي، وما بقي لديَّ من أنفاس.. أجبته: لا، أشكرك..
لم أعد أسمع صوته، أسرعت إلى جانب الباب أتنصَّت من خلفه، فسمعتُ صوت خطواته تبتعد عن غرفتي، نظرت من خلال ثقب القفل، رأيته يهبط الدَّرج باتجاه الطَّابق الأرضي، تنفَّستُ الصّعداء، ومشيتُ باتجاه سريري، ألقيتُ بنفسي فوقه باكية، وقد خارت قواي، فأنا الأن سجينة ً مع رجل ميت في بيت واحد، وأنا أخاف من الموت، ولم يسبق لي أن رأيت ميتا في حياتي ..
وسط دوامة الخوف هذه، سمعتُ صوت محرِّك السَّيارة، فنهضتُ لأرى ما الَّذي يحدث في الخارج.. نظرتُ خلسة من خلف السِّتار، فوجدتُ (هنيَّة) تقف بالقرب من سيارتنا التي كان يقودها عزَّام دائما بتفويض من سامي سابقا، هاهو الآن يستَّقلُّها دون إذن منه ليهرب من جريمته، ويتركني فريسة للشُّكوك البوليسية بعد اكتشاف الجريمة، يا إلهي ماذا أفعل وأنا في هذه المصيبة السوداء؟!!
بقلم
زاهية بنت البحر
يتبع
|
التعديل الأخير تم بواسطة زاهية بنت البحر ; 13 / 10 / 2010 الساعة 44 : 09 PM.
|
|
|