عرض مشاركة واحدة
قديم 16 / 08 / 2010, 06 : 12 AM   رقم المشاركة : [25]
زاهية بنت البحر
الإعلامية والأديبة مريم يمق / شاعرة وقاصة وأديبة وإعلامية، مشرفة سابقاً عضو الرابطة العالمية لشعراء نور الأدب
 




زاهية بنت البحر has a reputation beyond reputeزاهية بنت البحر has a reputation beyond reputeزاهية بنت البحر has a reputation beyond reputeزاهية بنت البحر has a reputation beyond reputeزاهية بنت البحر has a reputation beyond reputeزاهية بنت البحر has a reputation beyond reputeزاهية بنت البحر has a reputation beyond reputeزاهية بنت البحر has a reputation beyond reputeزاهية بنت البحر has a reputation beyond reputeزاهية بنت البحر has a reputation beyond reputeزاهية بنت البحر has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: سورية

رد: الإعتراف(سأعترف بجريمتي، فهل تسمعون ؟)

6

لم يعد للحياة طعم بعد أن أصبحت أرملة.. مكلومة بفقد زوج عوَّضني ما فاتني من سعادة عمرٍ منصرم، لم يكن سامي زوجاً عادياً.. كان رجلاً استثنائيا قلَّما جاد الزَّمانُ بمِثلِه.. سامي فقيدي الغالي، سأظلُّ أبكي عليه العمر كلَّه.. ستبقى كلماته ترنُّ في مسمعي ليلاًّ ونهاراً… سأظلُّ أرى ابتسامته بنور الشَّمس وضياء القمر، وأسمع عذب كلامه يمسح عن نفسي شقاء الحياة.. ستبقى عيناه الغائبتان تضيئان لي الطريق في وحشة الوحدة وزحام الخوف.. سيزورني طيفه مع كل إشراق، يؤنسني مع كل غروب.. ستظل شفتاه تناديني سناء.. كم أنا بحاجة لذاك النداء..
كنت أبكي بصمت، لم أخبر أحداً بمقتل سامي بل دفنت السِّرَ في صدري، وكثيراً ما كانت عبارة عزَّام ( سأقتلك وآخذ أموالك وزوجتك، كفاك عمراً، أنت عجوز مت، مت ) يتردَّد صداها الحارق في سمعي بين الحين والآخر.. عندما علم وَلَدَا سامي بوفاته اتَّصلا بي هاتفياً وقدَّما لي أحرَّ التَّعازي بوالدهما واعتذرا عن عدم قدومهما للمشاركة بالعزاء بحُجَّة ضغوط العمل، والأوضاع العامة في المهجر، وأخبراني بأنّ َوالدَهما قد خصَّني في وصيته بكلِّ أموالِه في وطنه الأم، وسألاني إن كنت أريد منهما أيَّة خدمة فيتمُّ لي ذلك بكلِّ سرور… شكرتهما وتمنَّيت لهما حياة سعيدة، وأخبرتهما أنَّ والدهما مات وهو راضٍ عنهما، فشكراني على تلك السَّعادة التي قدَّمتها له، ومنذ ذلك اليوم لم يتَّصِلا بي ثانيةً..
في حديث مع والدتي ذات مساء، ونحن نتناول عشاءنا بعد أن ذهب والدي للنَّوم كعادته عندما كان يحين موعد الطَّعام، فقد تعوَّد منذ سنين المبيت دون عشاء عملاً بتعليمات الطَّبيب، بعد تعرُّضِه لأزمة قلبية كادت تودي بحياته، فالتزم الحمية. قالت لي: إنَّ وجود رجل أجنبيِّ في المنزل مدعاة للشُّبهة خاصَّة بعد موت سامي، وإنَّه من الأفضل الاستعاضة عنه بامرأة ردعاً لما قد ينجم من تلقاء تواجده الدّاَئم في البيت من مشاكل داخلية، وأيضا لكفِّ ألسنة النَّاس عن الكلام بشيء قد يسيء لسمعتي، عدا عن حرمة وجوده من النَّاحية الدينية، فأفهمتها بأن زوجته هي فقط من يدخل البيت، وهو يقوم بالإشراف على الحديقة وشؤون التَّموين، والحراسة أيضًا، فسَكَتـَتْ على مضض، ولكنَّها ظلَّتْ مصِّرة على عودتي للعيش في بيت والدي بعد انتهاء شهور العدة، وكان قد تبقى لي منها عشرة أيَّام..
خلال تلك الشُّهور الصَّعبة على المرأة، كنت أدخل إلى مكتب سامي، أشم فيها رائحة عطره المُمَيَّزِ التي مازالت عالقة في الأماكن التي كانت يده تلمسها، فقد تعوَّد أن يرطِّب يديه بالعطر بين وقت وآخر، وهو يعمل في المكتب، فبقيت نسائم الطِّيب هفهافة في أجواء المكان تؤنسني، ولكن بكثير من الحرقة والحرمان..
قبل انتهاء العدة، كنت قد راجعت حسابات سامي مع المهندسين والعمال، وكان أخي سعيد يقوم بالاتصال بهم لمعرفة أخبار العمل، ولم تعد لعزَّام تلك الأهمية التي اكتسبها وتمتع بها في حياة سامي، فبدأت زوجته تشكو من تغيُّر ملحوظ في تعامله معها، فقد أصبح عصبياَّ، سريع الغضب حتَّى أنَّه هددها بالطَّلاق لسبب تافه، فكنت أدعوها للصَّبر، وأغدق عليها العطايا كي امتصَّ غضبها، فأنا مازلت بحاجة لوجودهما قربي..
في يوم الجمعة الأخيرة من أيَّام العدة ذهبت هنيَّة وزوجها إلى القرية لرؤية الأهل، فانتهزت فرصة غيابهما عن البيت واستغراق أمي في النَّوم بعد الظُّهر، وكانت أختي سماح في المدينة، فخرجتُ إلى الحديقة أتلمَّسُ خطواتِ سامي التي محتها الأمطار، ونبتت مكانها الأعشاب الرَّبيعية، فضاعتْ معالمها بانقضاء فصل الشِّتاء، وتوالي الليل والنَّهار.
.

بقلم
زاهية بنت البحر

يتبع
توقيع زاهية بنت البحر
 

http://rasoulallah.net/muhammad/inde...d=1&quest_id=9
[flash=http://andalali.jeeran.com/bannns.swf]WIDTH=460 HEIGHT=80[/flash]

التعديل الأخير تم بواسطة زاهية بنت البحر ; 13 / 10 / 2010 الساعة 47 : 09 PM.
زاهية بنت البحر غير متصل   رد مع اقتباس