19 / 08 / 2010, 04 : 11 PM
|
رقم المشاركة : [40]
|
الإعلامية والأديبة مريم يمق / شاعرة وقاصة وأديبة وإعلامية، مشرفة سابقاً عضو الرابطة العالمية لشعراء نور الأدب
|
رد: الإعتراف(سأعترف بجريمتي، فهل تسمعون ؟)
10 فقلت له كلاماً لا أدري كيف نطقتُ به: الحديث عن النّفس يفتح بابا إن ولجناه رأينا العجب، هناك سراديب وقلاع وبحور ومغارات وجبال،عالم غريب عجيب، فيه أسرار جغرافية حياة الإنسان بكل ما تحتويه من نجاح أو فشل، من فرح وحزن، من تمرّد وانكسار.
فقال بغضب: وما شأني أنا بالجغرافية والجبال والمغر، كلميني بكلام أفهمه؟
فقلت له: من استطاع فهم عالم نفسه هذا أمسك بلجامها وقادها إلى حيث السّعادة، وعندما يحتل حصونها، ويرفع فوق قلاعها راية الوعي والإدراك لكل تطلعاتها يحكمها بقوة، ويسلك من خلال تضاريسها الوعرة إلى بر الأمان، ومن يحكم نفسه يدرأ عنه مغبات الظّروف المحيطة به، فيعطي التفسيرات المقنعة لكل ما يواجهه من صعوبات في درب الحياة، ويتغلب على ألم المواجهة بوعي يُحْسَد عليه ..أمَّا أنت …
فقاطعنا محتدَّا : ماذا تقولين ؟! دعيني من فلسفة تضيع العقل، أسألك لماذا أدخلتمونا إلى حياتكم لا إلى القلاع والتضاريس؟
فقلت له: أنتما طلبتما العمل عندنا، وقبلنا بكما بسبب حالتكما المادية السيِّئة، رغبة منَّا في مساعدتكما لتحسين حياتكما المعيشية..
فقال متحسِّراً: لقد حطمتمونا بنية المساعدة تلك، ليتكم لم تقبلوا بنا عمالاً في عالم الترف الذي تعيشونه..
فقلت له: لكل قاعدة شواذ، وكنتَ الشواذ فيها، لم يكن الكثيرون مثلك ممن نعرف ونسمع عنهم..
فقال مسترحماً: أرجوك يا سيِّداتي أنزلي السلم ، وأعدك بل أقسم لك بالله العظيم أن أكون لك خادماً مخلصاً مدى الحياة..
فقلت له: بل ستموت بلا رحمة ولا شفقة، القاتل لاعهد له ولو أقسم مئات المرات.. مت هنا فأنت لا تستحق الحياة..
فقال برجاء: ارحميني من أجل هنية وابني رشاد؟
فقلت له: لم ترحم سامي من أجل الخالق، فلن أرحمك من أجل مخلوق..
واستدرتُ باتجاه بوابة حديقة البيت وأنا أشعر بالانتصار، والدموع تنساب من عينيَّ فوق خديَّ مالحا، وإحساس بتأنيب الضمير ينتابني، فأتجاهله رغماً عني، بينما كان صوت عويله يبتعد عن مسمعي حتَّى تلاشى، وأنا أغلق بوابة الحديقة بالمفتاح..
لم أكن أعلم أن المجرم يظل يحوم حول جريمته إلى أن عدت بعد أربعة أيام أتفقد وضع عزام، اقتربت من حافة المسبح قرب السلم فرأيته هادئاً بلا حراك فضغطت بأصبعي فوق القاطع الكهربائي فنزل السلم إلى مستوى عمق مترين ثم قمت بمسح بصماتي من على القاطع، ونثرت بعض التراب الجاف فوقه، وعدت إلى منزل والدي دون أن يعلم أحد شيئاً مما قمت به..
وبعد أسبوع اكتشفت الجثَّة عندما ذهبتُ مع أبي وأخي سعيد وأحد سماسرة البيوت إلى الفيلا، فقد طلب أحد الأثرياء الصِّناعيين مشاهدتها لأنَّه يرغب بشرائها..
ونحن نتجول في الحديقة وصلنا إلى المسبح، وكان المشهد مرعباً هذه المرة بحق، خانقاً ومقزِّزا، فركضت أصرخ من هول ما شاهدت عيناي، وأبي وأخي يركضان خلفي ..
جرى التحقيق حول ملابسات القضية، لكن المحقِّقين لم يتوصلوا إلى دليل يدان به أحد، فسُجِّلت القضية قضاء وقدراً.. حاولت أن أطمرَ السِّر في بؤرة عذابي بعد أن أخذت بثأر سامي، ذلك الرَّجل الوديع الذي لم تستطع الغربة اننزاع طيبته، كما عجز المال في سلبه إنسانيته، فجاء رجل حقود شرس بأحط خلق، وأقذر طبع، وأوقح عين يقتله خيانة وغدرا..
لم أتمكن من لجم صوت الحقّ ِفي داخلي زمناً طويلاً، وذات ليلة دخلتُ غرفة أمي، بعد أن نام جميع من في البيت، وكانت في هذا الوقت تستعد للنَّوم بعد مشاهدة إحدى التمثيليات التلفزيونية، فانتهزت فرصة انفرادها في غرفتها وكان النوم قد أدرك والدي وهو يشاهد المسلسل التلفزيوني بصحبتها، فنام في غرفة الجلوس بعد أن غطَّته أمي بملاءة سريره، وكان يفضل البقاء في المكان الذي غفا فيه حتَّى موعد أذان الفجر حيث توقظه أمي للصلاة، وهذه عادة درج عليها ولم يخالفها مرَّة خشية القلق إذا ما نـُبِّهَ من نومه قبل الأوان ، فصارحتها بكل شيء ..
بقلم
زاهية بنت البحر يتبع
|
التعديل الأخير تم بواسطة زاهية بنت البحر ; 13 / 10 / 2010 الساعة 52 : 09 PM.
|
|
|