عرض مشاركة واحدة
قديم 22 / 08 / 2010, 02 : 01 AM   رقم المشاركة : [49]
زاهية بنت البحر
الإعلامية والأديبة مريم يمق / شاعرة وقاصة وأديبة وإعلامية، مشرفة سابقاً عضو الرابطة العالمية لشعراء نور الأدب
 




زاهية بنت البحر has a reputation beyond reputeزاهية بنت البحر has a reputation beyond reputeزاهية بنت البحر has a reputation beyond reputeزاهية بنت البحر has a reputation beyond reputeزاهية بنت البحر has a reputation beyond reputeزاهية بنت البحر has a reputation beyond reputeزاهية بنت البحر has a reputation beyond reputeزاهية بنت البحر has a reputation beyond reputeزاهية بنت البحر has a reputation beyond reputeزاهية بنت البحر has a reputation beyond reputeزاهية بنت البحر has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: سورية

رد: الإعتراف(سأعترف بجريمتي، فهل تسمعون ؟)

12

عندما كنت أختلي بنفسي بعيداً عن نظرات والدي التي كانت تلاحقني بتساؤلات غريبة لم أعتدها منه سابقاً، وكأنَّها تريد النفوذ من خلال عينيِّ المتعبتين إلى أعماق نفسي المتداعية التي باتت غائمة بالنسبة له بعد موت أمي المفاجئ، وما ألمَّ بي من قواصم، والبلاغ العجيب الذي أدلتْ به للشرطة، كنت ألقي بنفسي المتعبة في نوبة بكاء عاصفة، أغسل بها من خلال دموعي شيئاً من الحزن، الذي بات هو الحقيقة الوحيدة في حياتي عبر ما أتجرعه من مرار الأحداث والوقائع التي هزَّت أعماقي بعنف مفترس كاد أن يشلُّ قدرتي على الصمود، وجعلي فريسة سهلة للجنون أو الموت .
شعرت بتغيرات كثيرة في أحاسيسي وأفكاري، وحتَّى في شكلي الخارجي، فقد أدى إحجامي في غالب الأحيان عن الطعام إلى إصابتي بالنحول، ورعشة في اليدين، وفقد الثقة بكلِّ من حولي، مما جعل أختي سماح تطلب مني الذهاب إلى الطبيب لإجراء فحوص شاملة للاطمئنان على وضعي الصحي، فرفضت الفكرة، ولذت بالصمت مما أودى بي إلى وضع صحي أسوء بكثير من ذي قبل، ويومًا بعد يوم راح الصراع الداخلي يشتد بي، وأنا احترق بصمت، أتقلب على جمر الحيرة، وتلعب بي شتى الوساوس، وأنا ونية لا حول لي ولا قوة محاصرة بالأوهام من كل جانب لا أدري كيف أطفئ هذه النار، التي راحت تلتهم داخلي بقسوة وشراسة..
مضى على وفاة أمي أسبوعان، ونفسي تزداد انغلاقاً وكآبة، لم تستطع خلالها خالتي بهيجة أن تخرجني من دوامة عذابي رغم حنكتها الفائقة، ومحبتي الكبيرة لها، وقرأتُ في وجوه جميع من حولي القلق الكبير تجاهي..
في إحدى الأمسيات وبعد العاشرة دخلت المطبخ لشعوري بجوع مباغت يقرص معدتي الخاوية، فتحت الثَّلاجة، وتناولتُ تفاحة، ورحتُ أقشرها، وقبل أن أضع أول قطعة منها في فمي، سمعتُ أبي يقول: هل ستأكلين التفاح دوني أيَّتها المليونيرة الكبيرة؟
همست في داخلي: مليونيرة؟!! نعم، ولكنني لن ألمس هذا الميراث الخيالي قبل أن تعود الطمأنينة إلى نفسي.
نظرت إليه وهو يدخل المطبخ قائلة: ظننتك نائماً، خذ هذه وسأحضر لي واحدة غيرها.
تناول التفاحة من يدي عائدًا إلى غرفته بعد أن همس لي: سأنتظرك في غرفتي لنأكل التفاح معاً، ونحن نتحدث في موضوع هام..
ارتجف قلبي، واضطربت أعصابي، ولكنَّ أبي ترك لي فرصة الهروب من نظراته، عندما غادر المطبخ إلى غرفته بعد أن ألقى إليَّ أمراً لا أدري ما وراءه..
دخلت عليه مجلسَه وقد استنفرت كل جيوش خوفي وشكوكي.. رحب بي وهو يشير بيده اليمنى نحو باب الغرفة: أغلقي الباب وراءك وتعالي اجلسي هنا بالقرب مني يا ابنتي..
كلمة ابنتي جعلتني أرتشف من كأس الطمأنينة رشفة عطفٍ أثلجت صدري بعد أوار الحريق فيه دون قطرة مزنة بشرٍ تخفف من لهيب النار التي تفترس قلبي بضرام القلق بعد أن فتك الخوف بي، وسلبني راحة البال، وزوج من أفضل الرجال.. قبل لحظة فقط كنت أحسب أن أبي قد علم شيئاً عن موت أمي الغامض، فأزاح برقته هذا الهم عن نفسي..
جلست بالقرب منه على حافة سريره.. ابتسم لي ابتسامة حزينة، وهو ينظر إلى سرير والدتي المهجور، وسبحتها الخضراء معلَّقة فوق عنق السرير الذي رافقهما منذ زواجها قبل خمسين عاماً.
التاع صدري بالألم، وانهمرت دموعي وأنا ألوذ بالصمت، فقال لي وهو يمسح الدموع عن وجهي بمنديل ورقي تناوله من جيبه:- كلنا سنموت وهو الوارث… سبحان الحي القيوم..
نظرت إلى وجهه الذي أحبه، فرأيته قد ثبت عينيه في عينيَّ، وكأنَّه يأمرني بقول الحقيقة، شعرت بالخوف منه، واستعدت لحظات مرَّت بي من أيام طفولتي عندما كنت أقترف ذنباً ما كيف كان ينظر إلي هكذا دون أن يتكلم، فأجْبَرُ على الاعتراف له بكل شيء بطريقة لاإرادية، والآن تعاودني هذه المشاعر، وأحس بأنني قد عدتُ طفلة صغيرة، وأنا بأمس الحاجة لمن يحتويني، ويزيح عن كاهلي تلك التراكمات التي أضنتني، وسرقت مني ابتسامتي وعافيتي، وأمني النفسي..

بقلم
زاهية بنت البحر

يتبع
توقيع زاهية بنت البحر
 

http://rasoulallah.net/muhammad/inde...d=1&quest_id=9
[flash=http://andalali.jeeran.com/bannns.swf]WIDTH=460 HEIGHT=80[/flash]

التعديل الأخير تم بواسطة زاهية بنت البحر ; 13 / 10 / 2010 الساعة 56 : 09 PM.
زاهية بنت البحر غير متصل   رد مع اقتباس