تحقيق الوجود اليهودي داخل الأقصى والتدخل المباشر في إدارته:
يرى التقرير أنّ اقتحام المسجد الأقصى يُشكّل كرة الثلج التي تستخدمها المنظمات اليهودية المتطرفة المنادية بتغيير الواقع القائم في المسجد الأقصى، لرفع سقف مطالبها تجاه المسجد وذلك من خلال تنظيم الاقتحامات الجماعية بشكلٍ متكرر ودائم، فيما تتولى الحكومة والنظام القضائي منحها الغطاء السياسي والقانوني اللازم لذلك، وتتولى الشرطة الإسرائيلية بدورها حماية هذه الاقتحامات، وترجمة التحولات التدريجية في الموقف السياسي والقانوني إلى إجراءات عملية تفسح المجال أمام تغيير الواقع القائم في المسجد اليوم ونزع الحصرية الإسلامية عنه، وقد بدت هذه الاستراتيجية التكاملية في أوضح صورها خلال الفترة التي يُغطيها التقرير.
وقد رصد التقرير خلال الفترة التي يُغطيها 6 اقتحامات للمسجد الأقصى نفذتها شخصيّات رسميّة، 3 منها نفذها مسؤولون كبار وفنيون في سلطة الآثار الإسرائيلية، و3 نفذها نواب في البرلمان من حزبي الليكود والاتحاد الوطني، وقد أدلى النواب المقتحمون عقب اقتحاماتهم بتصريحات تنادي بتغيير الواقع القائم في المسجد وتقسيمه بين المسلمين واليهود، أسهمت في تعزيز التيار السياسي المنادي بتبني هذا الأمر كسياسة رسمية معلنة للدولة.
أمّا اقتحامات المتطرفين اليهود فقد رصد التقرير تصاعدها بشكلٍ ملحوظ خلال الفترة التي يغطيها إذ بلغت أكثر من 36 اقتحامًا امتدّ معظمها على مدار ساعات أوعلى مدار اليوم بأكمله، هذا عدا عن اقتحامات المجموعات الصغيرة للمسجد والتي تحدث بشكلٍ يومي على مدار النهار.
واستقرأ التقرير بعدها مسار هذه الاقتحامات وأهدافها ليخلص إلى أنّ التطورّ لم يكن فقط على صعيد الكمّ والحجم، بل وأيضًا على صعيد استراتيجية الجهات اليهودية المتطرفة الداعية للاقتحام، إذ باتت الاقتحامات تشهد حضوراً دينياً أكبر من السابق، وبدا أن المنظمات اليهودية المتطرفة تسعى لتكريس "جبل المعبد" كمركزٍ للحياة الدينية اليهودية، كما تسعى هذه المنظمات وبالتعاون مع بلدية الاحتلال إلى تكريس بوابات وأسوار المسجد الأقصى الخارجية كساحاتٍ للاحتفال. هذا عدا عن تصاعد التوجّه العدوانيّ واضح لدى أفراد هذه الجمعيّات وهو ما ظهر في الفترة الماضية من خلال الكشف عن محاولتين مسلحتين فاشلتين تجاه المسجد الأقصى.
ورأى التقرير أنّ الأجهزة الأمنية للاحتلال لعبت طوال الفترة الماضي الدور الأبرز في اقتحام المسجد الأقصى، وقد شهد دورها تحولاً كبيراً وغير مسبوق، فمهمتها الأمنية تبدّلت من منع المتطرفين اليهود من اقتحام المسجد والاعتداء عليه إلى حمايتهم ومساندتهم في تنفيذ هذه الاعتداءات، إذ لم يمرّ اقتحامٌ من اقتحامات المستوطنين التي تزيد عن 36 اقتحاماً دون مواكبة وحماية مكثفة من شرطة الاحتلال، وفي أغلب الأحيان كان دور القوات المقتحمة للمسجد أبرز من دور الجهات الداعية للاقتحام، وبدا أن القوة المعروفة بـ "قوة جبل المعبد" باتت تبني تجربتها التراكمية الخاصة في السيطرة على الأقصى بكامل ساحاته. كما نفذت الأجهزة الأمنيّة مجموعة اقتحامات لأغراضها الخاصة زاد عددها عن 15، بعضها كانت جولات تفقدية لجمع المعلومات، وبعضها كان اقتحام لمقار مؤسسات داخل المسجد، وبعضها كانت اعتداءات ذات طابع استفزازي يتعمد تدنيس المقدّس الإسلامي، أبرزها ما كشف عنه حراس المسجد الأقصى بأنهم يجدون بشكلٍ يومي آثاراً لتبول الجنود الصهاينة في أماكن متعددة في المسجد.
ويخلص التقرير إلى أنّ سلوك جهازي الشرطة والاستخبارات كأجهزة تنفيذية تؤكد ما كان توصل إليه خلال العام الماضي، بأن القرار السياسي بتقسيم المسجد متخذ، وبأن حكومة الاحتلال تُمهّد الميدان وتستكمل الإجراءات الأمنية والقانونية لتطبيق قرارها بتقسيم المسجد، ومسألة الإقدام على هذه الخطوة باتت تتعلق بتوفر الظروف والاطمئنان إلى القدرة الكاملة على التطبيق، وليس بالمهلة الزمنية.
تابع...