التفاعل العربيّ والإسلاميّ مع أوضاع المسجد الأقصى:
يستقرئ التقرير ردود الفعل على التطورات الجارية في المسجد الأقصى، فيرى أن المتابعة المتأنية لردود الفعل الصادرة عن المقاومة الفلسطينية وعن السلطة الفلسطينية وعن الدول العربية والإسلامية خلال العام الماضي تظهر أنها لم تعدُ كونها ردود فعلٍ وصفيّة لا تحمل حلاّ أو رؤيةً سياسيّة، ويستعرض التقرير ردود فعل المقاومة الفلسطينية منذ ثورة 1920 وحتى انتفاضة عام 2000، ويوضح أنها تمكنت من تكريس معادلة ردع مع المحتل عند أي اعتداء على الأقصى وكانت تشكل الحامي الأول وشبه الوحيد للأقصى من التهويد طول 44 عامًا، ويظهر التقرير أنه منذ عام 2005 تمكن الاحتلال عبر التنسيق مع الأجهزة الأمنية للسلطة الفلسطينيّة من تكبيل يد المقاومة في الضفّة الغربيّة، وتمكن بعد حرب غزّة من فرض معادلة المواجهة الشاملة أو الهدوء الشامل على المقاومة في قطاع غزة، ما أدى إلى تراجع معادلة الردع ليجد الاحتلال ميدانياً بأنه لا يدفع ثمناً مقابل تقدُّمه في خطوات تهويد الأقصى، ما عزّز ورسخ شعور قادته بأنهم أمام فرصةٍ تاريخيةٍ سانحةٍ لتهويد المسجد الأقصى لا يمكن تفويتها.
ويمضي التقرير إلى استقراء ردود فعل السلطة الفلسطينية فيستعرض ردود فعل السلطة الفلسطينية على أوضاع المسجد الأقصى، ليخلص إلى أن أوضاع المسجد ليست ضمن أولويّات القيادة السياسية للسلطة ، فالتنسيق الأمنيّ مع الاحتلال لم ينقطع أبدًا خلال العام الماضيّ رغم كل ما تعرض له المسجد من اعتداءات، بل إن الأجهزة الأمنية للسلطة تولت منع التحركات الشعبية في الضفة الغربية في الوقت الذي انطلقت فيه الهبات الشعبية في القدس لنصرة المسجد في شهور 10/2009 و3/2010، كما أنّ تطور مسار المفاوضات المباشرة وغير المباشرة لم يتأثر على الإطلاق بالاعتداءات على المسجد، بل رصد بالتفصيل كيف تزامنت معظم التحولات الأساسية في مسار المفاوضات المباشرة وغير المباشرة مع اعتداءات كانت تجري على الأرض في المسجد الأقصى، ويرى التقرير أنه إذا ما استمرّت السلطة الفلسطينيّة في سياستها الحاليّة بتجاهل الوقائع التي يفرضها الاحتلال على الأرض في المسجد الأقصى، وفي ضمان وقف المقاومة في الضفّة الغربيّة بل وحتى وقف التحركات الشعبيّة المناصرة للمسجد، فإنّها بذلك تلعب دورًا في تهيئة الأرضيّة لتقسيم المسجد الأقصى وكسر حصريّته الإسلاميّة.
وعلى مستوى الدول العربية والإسلامية يرى التقرير أن ردود الفعل الرسميّة والشعبيّة على ما يتعرّض له المسجد الأقصى كانت دون الحدّ الأدنى المطلوب، رغم أنها تمثل أهم وسائل الدفاع التي يعوّل عليها لحماية المسجد الأقصى في غياب ردّ الفعل الفلسطينيّ المقاوم، ويؤكد التقرير أنه إذا ما بقي التحرّك العربيّ والإسلاميّ معتمداً على ردود الفعل الفلسطينيّة، فإنّ ذلك يعني توفير مساحةٍ أكبر للاحتلال للاعتداء على المسجد الأقصى.
تابع...