25 / 08 / 2010, 15 : 01 AM
|
رقم المشاركة : [1]
|
روائي وقاص وناقد
|
غبشُ المرايا
غَبشُ المرايا
أيتها الأيقونةُ الآتية من عمق ماضٍ ليس له قرار، الذاهبة إلى عمقٍ مجهولٍ ليس له مدى..
غبشٌ على زجاج النافذة
غبشٌ على المرايا، نعبرُ منها قسراً إلى ذكرياتنا المركونة، أتنكّبها مطمئناً، تتنكّبُني قلقةً، ويصعقني الهدير، وصندوقٌ مزدحمٌ بضجيج أغبياء.
هذا الركنُ البعيد، المقعدُ الأخير، يشغلهُ طفلٌ يلهو بزنّارِ أمّه، صفرةٌ تعلو حاجبيها،
تُراها تُعلن بدءَ رحلةٍ معلومة عبرَ فضاءٍ مجهول.؟
مسحتُ الغبشَ بطرف كم القميص، وأوغلتُ في رسم مكاني، أشرقتْ شمسُ صباحٍ قريبة، باردةٍ، على طرف الجناح تعيشُ اهتزازات مرعبة، والأفق يجنحُ بي إلى تحت.. إلى فوق.
أيتها اللاحقةُ بي، تمسّكي بأهدابي فالرحلةُ لم تبدأ بعد، وهذا البساط الأخضر يمتدّ.. ويمتدّ، يفرشُ تحت أقدامِنا صعقات رتيبة.. لذيذة، نعبرُ منها.. عليها.. إلى دهاليز الأيام، نعيشُها لحظة.. بلحظة، يوشكُ أن يقفزَ بنا المتر الأخير، ويعلنُ اكتمال حلقة العام.. ويعلِنُنا
ثمانية.. تسعة.. عشرة.. أحد عشر
تكتمل الدائرة ويبدأ تاريخ جديد.. تراهُ بدأ وينتهى.؟
أم تراه يبدأ ولا ينتهي.؟
يقبضُ على حنجرتي صوتٌ فارسيّ يصرخ: من أنتَ.؟
غبشٌ على زجاج النافذة.
من أنا.؟ هل أنا الذي تركته هناك.؟ هل أنا هذا المطويّ في صفحات جواز سفر.؟ هل أنا المسافر عبرَ الزمن.؟
كما كنتُ، كما سأبقى، وهذا البساط يفرشُ.. ويلحقُ.. ويتعلّقُ هو الآخر طرف الجناح، والطفلُ يلهو، وزنّار أمّه يضحك.
من أنتَ.؟
يرجفُ الجناح قبل الهدأة الأخيرة
أنا..!
أنا يا سيدي..!
أنا..!
أسابق الزمن كي أعبر إليها.. إليكِ..
يا إلهي
طرقتُ كلّ باب.. كلّ باب، كلّها مغلقة، الكنعانية واليرموكية والبابلية، كيف أصلُ إليها.. إليكِ.؟
غبشٌ على المرآة يصرخُ
أنا المسافرُ الأمويّ، العائد من بطن التاريخ، منذ ألف سنة قمرية وأنا مسافر والشطآن بعيدة.
متر واحدٌ وتكتملُ الدائرة
تعالي نُكملها..
تعالي نبدأها..
تعالي كما شئتِ، كما شئتِ
وامسحي بقايا الغبش..
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|
|
|
|