عرض مشاركة واحدة
قديم 01 / 09 / 2010, 54 : 06 PM   رقم المشاركة : [135]
رشيد الميموني
أديب وقاص ومترجم أدبي ويعمل في هيئة التدريس -عضو الهيئة الإدارية / مشرف عام على المنتديات والأقسام / نائب رئيس رابطة نور الأدب


 الصورة الرمزية رشيد الميموني
 





رشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

رد: عش رشيد الميموني الدافئ

[align=justify]
من أحب اللحظات إلى نفسي في هذا الصيف البهيج وهو يسري حثيثا ليتلاشى مع أولى نسمات الخريف العليلة ، لحظات الأصيل و نحن جالسان على ربوة تشرف على "نادر" يأخذ سمة الانحدار . والنادر هو تلك البقعة التي تشهد عملية "الدرس" بواسطة البغال وهي تدور حول صاحبها وكأنه في حصة ترويض . وتحت قوائمها يفصل الحب من سنابله ثم يتم الانتقال إلى عملية "الذرو" عندما يهب النسيم فيتعالى التبن في الهواء مبتعدا قليلا عن منطقة الدرس ليحط أكواما و تبقى حبات القمح في النادر .
كنا نجلس ساهيين عما حولنا . نتأمل عمل الفلاحين الدؤوب ونستمع إلى صيحات الحبور من حناجرهم . ونشرد بخواطرنا إلى البعيد .. إلى حيث تغوص الشمس بين الجبال فيتلون الأفق بحمرة امتزج فيها اللونان الوردي و البرتقالي .. كم هي عذبة تلك اللحظة التي يستكين فيها كل شيء و يسود الهدوء فلا تحس إلا بما حولك يهمس أو على الأصح يلهث بعد جهد يوم قائظ و مضن .. وحين تلتقي أعيننا صدفة ، ترتسم ابتسامة عفوية ونظل نتأمل بعضنا البعض حتى ننتبه إلى سقوط الظلام .. لكننا نظل هناك وكأن شيئا ما يشدنا إلى البقاء تحت سماء بدأت تلمع نجومها الواحدة تلو الأخرى . كنت كثيرا ما أنظر دون وعي مني إلى يدي حليمة و قد ملأتها ندوب و علتها خشونة واضحة .. ولم يكن ذلك يؤلمها أو يسبب لها حرجا .. بل كانت ترفعهما قرب وجهها و تتأملهما وهي تبتسم قائلة :
- هل رأيت في حياتك مثل هاتين اليدين ؟
- مالهما ؟
- لا تزعم أنك لا تلاحظ خشونتهما ؟
- هل يؤلمك ذلك ؟
- ولم يؤلمني ؟ قل ، على العكس من ذلك ، إن هذا يسعدني لأنني أحس بانتمائي إلى الأرض التي أحيا عليها . أو ليست هي التي جعلت يدي خشنة هكذا ؟
فآخذ يديها في راحتي و أشد عليهما بقوة قائلا :
- بالتأكيد .. تعرفي يا حليمة .. كل مرة أكتشف فيك شيئا جديدا يزيد من مكانتك في عيني . يداك هاتين بخشونتهما و ندوبهما أعز علي من أي شيء آخر .. كل ما فيك ينطق أصالة و بهاء .. أرى فيك هذه الأرض الطيبة بكل ما فيها من خيرات .. في يديك تتبدى صلابتها ، وفي عينيك تبدو عذوبة العيش عليها ، وفي ابتسامتك يختزل كل البهاء وكل الصفاء . انظري إلى ما حولك من جمال ونقاء .. يكفيني أن أنظر إليك لأراه متجمعا فيك .
عينا حليمة تنتشي بما تسمعه الأذن .. لكنهما تنضحان بلهفة طاغية لسماع المزيد . وحين يطبق الصمت ، لا تنزعج حليمة لسكوتي ، لأنها تعلم أن صمتي ناطق بكل ما تحويه معاجم الحب من كلمات .. فتطرق و كأنها تصغي لصمتي يتحدث ويغزل لها نسيجا من أعذب التعابير ، ثم ترنو إلي وقد استبد بها الوجد .. حتى لأخال نفسي أرى دمعها يتلألأ من فرط الانتشاء . وأجد نفسي أترنم هامسا :
*هذي يدي ممدودة مدي يدك
وتعالي نبحث عن ربا لم تطرق
نبني بها عش الهوى
بالحب ، بالآهات
بخيوط شمس المشرق
إني فرشت لك الورود
إلى الغدير الحالم
وقطفت من حمر الخدود
شذا غرامي الهائم
يا خيالي فتعالي
هذي يدي ممدودة مدي يدك
وحين أتوقف عن الترنم بالأغنية ، أحس أن كل ما حولي يشدو ويترنم مثلي .. ويتضوع الجو أريجا و نحن في طريق العودة إلى البيت .
[/align]

* أغنية للفنان عبد الوهاب الدكالي
رشيد الميموني غير متصل   رد مع اقتباس